رحلة بوش الأخيرة
لماذا يرهق بوش نفسه ويقوم بزيارة موسعة للشرق الأوسط قبل رحيله من البيت الأبيض في نهاية هذا العام؟ لقد وجد الرجل نفسه، وهو يلملم أوراقه بعد ثمان سنوات، أمام فشل ذريع فيما يتعلق بتحقيق وعوده لشعبه بالحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة، وهي الوعود التي خاض بناء عليها حروب كلفت الأمريكيين خسائر مادية وبشرية هائلة. بوش قادم للمنطقة إذا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ماء وجهه أمام شعبه. فهناك قضيتان أساسيتان منيت فيهما إدراة بوش بخيبة كبيرة. القضية الأولى تأمين المصالح الأمريكية من الثروات النفطية في منطقة الخليج، والتي تم بناء عليها احتلال العراق. أما القضية الثانية فهي الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وفي القضيتين كان الفشل حليف بوش. فعلى مدار أربع سنوات من احتلال العراق لم تستطع إدارته تحقيق الاستقرار الذي يكفل لها استنزاف الثروة النفطية في المنطقة بسهولة ويسر.
ولم يكن فشل بوش على صعيد القضية الفلسطنيية أقل من فشله في منطقة الخليج، فالمقاومة الفلسطينية خلال سنوات حكمه حققت انتصارات كبيرة وشعبية واسعة في مواجهة فتح ورجالها، بل ووصلت للحكومة مما صعب من إمكانيات الوصول لتسوية مع إسرائيل.
في هذا الاطار يمكن فهم زيارة بوش الأخيرة للشرق الأوسط. فالرجل يريد أن يعقد الصفقة الأخيرة مع حلفاءه في المنطقة. إنه يريد طمأنة دول الخليج على قدرته على احتواء النفوذ الإيراني رغم الصعاب التي يواجهها في العراق، وفي نفس الوقت يؤكد على حشدهم وتعبئتهم لمخططه. وهو ذاهب لإسرائيل للتأكيد مرة أخرى على استراتيجية العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وفي نفس الوقت لتدعيم حليفه أبو مازن وحثه على المزيد من الحسم ضد المقاومة. يحاول بوش بزيارته الأخيرة إغلاق الملفات المفتوحة، وتحقيق بعض النجاح في تأمين المصالح الإمبريالية في المنطقة ينهي به عهده.