بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

شاهد عيان من المكسيك: احتجاجات على الانتخابات المشبوهة

 • المقال منشور لأول مرة باللغة الإنجليزية في 17 يوليو 2012 بجريدة العامل الاشتراكي البريطانية، يصدرها حزب العمال الاشتراكي بالمملكة المتحدة

ألبرتو توريس، طالب وناشط في حركة "يوسوي 132"، يشرح لنا خلفية الاحتجاجات السابقة في المكسيك.

للمرة الثانية خلال ستة أعوام تتصاعد الاحتجاجات في المكسيك بعد ظهور نتيجة الانتخابات التي بدت مشبوهة بشكل كبير. والسبب هو رد فعل النخبة الحاكمة على تحدي منافسيهم لهم في صناديق الاقتراع.

سيطر الحزب الثوري المؤسسي على رئاسة المكسيك لمدة 70 عاما، وبداية من عام 2000 استحوذ الحزب اليميني الليبرالي الجديد، حزب العمل الوطني على الرئاسة ، ولكن في انتخابات عام 2006، واجه كل من الحزبين منافسة قوية من مرشح اليسار، أندريه مانويل لوبيز أوباردور.

كان لـ أوباردور حضور قوي، وشعبية جارفة اكتسبها في الفترة التي كان فيها عمدة مدينة مكسيكو، كما وعد بمحاربة الفساد، وفرض الضرائب على الأغنياء، ومواجهة الخصخصة التي تتبناها الليبرالية الجديدة فتصدر استطلاعات الرأي خلال عام 2005، ما أثار قلق السلطة الحاكمة، فأطلقت حملة تروج لفكرة أنه يمثل خطرا على المكسيك، وأنه سيسبب أزمة لأنه سيصبح في تطرفه كما هوجو تشافيز في فينزويلا. وبرغم كل ذلك، فاز مرشح حزب العمل الوطني، فيليب كالديرون بأقل من نصف في المائة.

كانت هناك تقارير عديدة تثبت التلاعب في صناديق الاقتراع، ولذلك، لم يقبل أوباردور النتيجة، وأعلن نفسه الرئيس الشرعي للبلاد، ومن ثم بدأت الاحتجاجات التي هاجمتها الصحف، إحدى الصحف واسعة الانتشار على وجه الخصوص، قائلة أن هناك ملايين منا، مؤيدي أوباردور، احتلوا وسط المدينة، كما عطلوا المرور في واحد من أهم الطرق الحيوية. كما كان تنصيب كالديرون ضربا من الفكاهة، فقد تسلل من الباب الخلفي خشية غضب المتظاهرين أمام الباب الرئيسي، ولم يستطع ان يلقي كلمته وسط كل ذلك الصياح.

ومنذ ذلك الحين، فقد كل من كالديرون و حزب العمل المزيد من الدعم والتأييد، بسبب الحملة على المخدرات، التي قتل فيها أكثر من 50 ألف شخص. كل شخص يعرف شخصا من القتلى، أو على الأقل له تجربة مريرة، فهناك مناطق كانت عصابات المخدرات تقوم حتي بجمع الضرائب بها. أما الجيش، فلم يكن لاستخدامه أية فاعلية تذكر، فكلما قتل رئيسا لأحد العصابات يأتي رئيس غيره ليأخذ مكانه، الجيش هو الآخر تخلله الفساد في بعض الأماكن، فوصلت حرب المخدرات إلى صفوف الجيش نفسه.

المشكلة الحقيقية هي مشكلة اجتماعية، فهناك بطالة مرتفعة جدا في المناطق الشمالية على وجه الخصوص، فقد تأثر قطاع الزراعة تأثرا كبيرا باتفاقية التجارة الحرة بين الشمال الأمريكي والولايات المتحدة. حُرم الشباب من الفرص والوظائف، لكنهم وجدوا الطريق ممهدا للعمل في عصابات المخدرات، كان ذلك بمثابة سقطة كبيرة لحزب العمل، ما ساعد الحزب الثوري المؤسسي وجعله يصدِّر"بينا نيتو" في صورة الرئيس القادم.

وفي 11 مايو، ذهب بينا نيتو لإلقاء خطاب في إحدى الجامعات الخاصة بالنخبة المكسيكية، فاحتج الكثير من الناس، وطرحوا عليه أسئلة محرجة عن دوره في قمع احتجاجات "اتينكو" منذ ست سنوات. لكن الحزب الثوري المؤسسي ادعى أن المحتجين غالبيتهم مندسون بواسطة أوباردور، باستثناء 131 فقط صادقون، حينها ارتفع الهتاف "أنا رقم 132".

شارك عشرات الاّلاف من الناس في الاحتجاجات، الطلبة، والعمال، والمزارعون، لم تكن كاحتجاجات عام 2006، لأن بينا نيتو فاز في الانتخابات بفارق 7%، كان سيفوز حتي بدون كل المخالفات الانتخابية التي ارتكبها، لكن ذلك لم يكن كافيا لإضفاء الشرعية على الانتخابات. فقد دفع نيتو أموالا طائلة لوسائل الإعلام في مقابل الترويج له وتشويه أوباردور. كما ظهرت مقاطع الفيديو التي توضح التلاعب في صناديق الاقتراع، وإحراقها أيضا، كما تأكد وجود حالات عديدة لشراء الأصوات.

طعن كل من أوباردور ومرشح حزب العمل على نتيجة تلك الانتخابات، فالاّليات القانونية لإبطال الانتخابات متاحة، ومن الواضح أن الأدلة هي الأخرى موجودة، لكن الأمر بيد الشعب، يوجد بالفعل احتجاجات تقدر بالاّلاف، مستمرة منذ نهاية الانتخابات، واذا كان الشعب المصري قد استطاع إسقاط نظام أقوى بكثير، فلم لا يفعلها الشعب المكسيكي ؟!