بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ثورة اليمن: ديكتاتور عربي آخر على الحافة

المقال بقلم ديفيد وايتهاوس، ونشر لأول مرة على موقع «العامل الاشتراكي» الأمريكي، 28 مارس 2011..

تفجرت في اليمن موجة ضخمة من الاحتجاجات بالأخص بعد إسقاط الديكتاتور مبارك في مصر، وتستمر هذه الاحتجاجات بشكل أقوى بالأخص في الجنوب. ومن جهة أخرى، كانت المعارضة الرسمية في اليمن والتي يسيطر عليها بعض الأثرياء اليمنيون، والذين يستفيدون من قطاع صالح والسياسات والفساد الموجود فيه على مدار 32 سنة، كانت قد تبنت في البدء موقفًا ضعيفًا متمسكة بإصلاحات وإعادة لهيكلة بعض المؤسسات ولكن تحت ضغط الاحتجاجات والمظاهرات أجبرت على طلب رحيل صالح، كما فعل إخوان “الأحمر” والحزب الإسلامي المعارض.

وفي يوم 17 مارس حدثت مذبحة راح ضحيتها 50 من المتظاهرين عقب صلاة الجمعة بعدها قام قائد عسكري رفيع المستوى بإعلان انشقاقه عن معسكر صالح والانضمام إلى صفوف المعارضة، وقد قاد القوة التي تتبعه لحماية المتظاهرين. ولكن هناك رأي آخر مفاده أن موقف هذا القائد (علي محسن)، والذي كان الذراع اليمني لصالح في عقود القمع، على أنه محاولة منه لمهادنة الثورة وتجنب المحاكمة في حال سقوط نظام صالح.

السعودية بدورها حاولت بدعم من الولايات المتحدة أن تجري حواراً بين صالح والمعارضة، أما الولايات المتحدة فقد التزمت الصمت حتى 24 مارس، حيث ألمحت إلى أنها تبحث عن بديل لصالح في اليمن.

أما بعض المنظمات الدولية والمحللين السياسيين في الولايات المتحدة، فقد أعربوا عن قلقهم من الحرب الأهلية والقاعدة إذا ما تخلى صالح عن الحكم بهذه السرعة. وفي نفس الوقت هدد صالح نفسه بالـ”فوضى” إذا ترك الرئاسة.

المتظاهرون الشباب بدورهم نفوا أن تكون الصراعات القبلية هي مصير بلادهم، قائلين بأن قادة القبائل لا يلعبون أدوار فاعلة بل أن صالح يريد أن يظهر الوضع بهذه الصورة. فالرئيس اليمني يردد دائماً أنه سيحدث نزاعات وحروب بين القبائل لتحديد من يخلفه رئيسًا لليمن. إلا أنه، وعلى الرغم من ذلك، يظهر جليًا توحد اليمنيين – وخصوصًا الشباب – على المطالب الاجتماعية التي تطرح نفسها بقوة في مثل ذلك البلد الفقير، والتي تتزعمها إحدى كوادر حركة الإصلاح، تدعى توكل كرمان، وهي شابة في أوائل الثلاثين من العمر، والتي صرحت بأن هذه الثورة لا تقهر وأن الشعب ثار على الفساد والفقر والدكتاتورية والبطالة، وما نعيشه اليوم هو مرحلة الانفجار بعد سنوات من النضال.

تزاوج الاستبداد والإفقار
اليمن هي أفقر دولة في العالم العربي، وهي أيضًا الأعلى من حيث نسبة الشباب حيث يصل متوسط العمر بين اليمنيين إلى 18 سنة فقط. وتصل نسبة الفقر إلى 42% حسب تقديرات البنك الدولي. كما تصل نسبة البطالة، حسب تقدير بعض المنظمات، إلى 35% وقد ترتفع إلى 50% بين الفئة العمرية من 18-28 سنة. وكما زادت شرائح الفقراء فقرًا، ازدادت أيضًا شريحة الأغنياء غنى – بسبب 20 عامًا من سياسات الخصخصة و”التعديلات الهيكلية” المفروضة من الغرب.

هذه الطبقات الغنية تعيش حياة الرفاهية التي تعيشها الطبقات الحاكمة في جميع أنحاء العالم والتي تتميز بالفنادق – الأربع نجوم – والمراكز التجارية (malls) المكيفة – المتشابهة في جميع العالم (حتى في اليمن) التي يُقّدِّر البنك الدولي دخل الفرد فيها بـ 2.9 دولار في اليوم.

هذه الطبقة الغنية تضم عائلة الأحمر. الجنرال محسن أيضاً ليس شاذاً عن هذه الطبقة الغنية أو غريباً عنها. فقد كتب عنه السفير الأمريكي، في وثيقة سنة 2005 سُرِّبَت عبر الويكليكس، أنه “مستفيد كبير من تجارة الديزل في السنين الأخيرة” وأنه أيضًا “قد كَوَّن ثروة هائلة من تجارة السلاح وتجارة الأطعمة والسلع الإستهلاكية”.

لهذا يرى فقراء اليمن أن “الثروة الطائلة لهذه القلة جاءت نتيجة “الفسادة ونهب ثروات الشعب”.وطبقًا لـ(ICG) فإن “الكثير من أرباح النفط التي تتهاوى في الدول تذهب لخدمة الدين القومي، ولكن هناك شبهات قوية بأن (علي صالح) يحول جزء من هذه الأرباح لتمويل مشاريعه الخاصة – وفقًا لـ(بول دريش) مؤلف كتاب “تاريخ اليمن الحديثة” – ويقول (دريش) أن أحد الشعراء اليمنيين وصف “المؤتمر الشعبي” في إحدى المرات بأنه ( حزب موظفي الحكومة)، وأن تماسكه لا ينبع من أي مبادئ سياسية ولكن بسبب كون أعضاؤه – “المؤتمر” – “سيور في آلة الرئيس التجارية”.

وقد تمسك عبد الله صالح بالسلطة لمدة ثلاثة عقود من خلال سلسلة من التحالفات المتغيرة، وهي تحالفات اقتصادية بحتة في الأساس وليست قبلية. كتب (دريش) أن “التجمعات القلية على الخريطة تتلاقى جزئيًا فقط مع الأشخاص والعائلات التي تشكل سياسة اليمن”، وأنه بدلاً من تجمعات الأشخاص والعائلات المتشابكين على أساس “تقليدي” فإن المرء يتعامل سياسيًا وبشكل يومي مع شبكة من الأفراد الذين يسيطرون على قطاعي التجارة والعقارات.وقد تحدث مسؤول في اليمن عن المرارة التي عاناها الشعب اليمني في ظل هذا النظام، قائلاً أن “هناك فجوة تتسع بين الأغنياء جدًا وبين الذين لا يملكون شيئًا.

والأسوأ أن هؤلاء الأغنياء عادة لا يعلمون بما يتناسب مع ما يملكونه، فهم يحصلون على أموالهم من خلال الفساد والواسطة. كيف يُفترض أن يشعر الإنسان عندما يجد شابًا صغيرًا يركب سيارة فارهة ويحظي بكل ما يريده في نفس الوقت الذي لايجد فيه هذا الرجل ما يحمل به أعباء أسرته؟!”.

وكما نشرت جريدة الجارديان البريطانية، فقد أبرزت (توكل كارمان) هذا الرابط بين عدم المساواة الاقتصادية والفساد السياسي، حيث “شعرت (كارمان) بالكره الشديد تجاه حكومتها، ولكن ما أشعل (نشاطها/نضالها) كان قمع شيوخ القبائل لسكان (إ ب) – وهي محافظة تقع إلى جنوب العاصمة”. وتقول (كارمان): “لقد شاهدت العائلات وهي تطرد من منازلها بسبب فساد قادة القبائل، ولقد كانوا بالنسبة لي رمزًا للظلم الذي يواجهه الكثيرين في اليمن”. وأضافت: “لقد اتضح لي أن لا شيء سيسقط هذا النظام إلا التظاهر”. وكقائدة (أنثى) فإن ظهور (كرمان) في هذه الحركة هو علامة على أن المتظاهرين ينشدون تغييرات كبرى في المجتمع وليس مجرد استبدال النظام الحاكم. وقد قالت (كارمان) للجارديان: “إذا ذهبتم للمظاهرات الآن، سوف ترون شيئًا لم تروه من قبل، المئات من النساء، إنهم يغنون بل وحتى ينامون هناك في الخيام، إنها ليست مجرد ثورة سياسية إنها ثورة اجتماعية”.

تحالفات صالح
وكما تغيرت التحالفات المحلية لـعبد الله صالح عبر سنوات حكمه، تغيرت أيضًا علاقته بالولايات المتحدة والسعودية – وهي العملاق النفطي المدعوم أمريكيًا في شمال اليمن. فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر قرر عبد الله صالح التحالف مع الولايات المتحدة والسعودية، بل أنه ذهب إلى أبعد من هذا حين أعلن دعمه للقرار الأمريكي بغزو العراق سنة 2003 بعكس ما فعل بحرب الخليج الأولى، وهو ما حمل عبأه العمال اليمنيين حيث طردت دول الخليج ما يقرب من 750 ألف عامل يمني من أراضيها.

وفي العقد الأخير من سبتمبر 2001 تعمقت العلاقات بين صالح والسعودية، حيث أنه خاض حربًا من أجل قمع مظاهرات الشيعة الزيديين. والزيديون – وللمصادفة فإن صالح نفسه ينتمي لهم – يسكنون المنطقة الحدودية الشمالية لليمن. وقد مات الألآف منهم في هذه الحرب وأُجْلِيَ ما يقرب من ربع مليون شخص، وتم قتل القائد الزيدي “حسين الحوثي” في أول جولة من المعركة.

وعلى جانبي الحدود يشعر الزَيدْيون بنفس المرارة الناجمة عن تهميشهم ثقافيًا من قبل التيار السني صاحب الأغلبية في كلتا البلدين – حيث أشاع حكام السعودية الخوف من الثورة في اليمن على أساس أنها قد تنتقل إلى الشيعة الساكنيين بالساحل الشرقي للسعودية. وهي المنطقة التي يوجد بها معظم نفط الدولة.

وفي ذلك الوقت، أدعى صالح أن ثورة الحوثيين مدعومة من إيران – ولكن يبدو أن هذا الإدعاء هدفه إشعال اهتمام الولايات المتحدة والسعودية حيث أنه لا يوجد أي دليل على ذلك، وهذا غير أن المذهب الزيدي يختلف عن المذاهب الشيعية الموجودة في إيران.

وفي ديسمبر 2009 قامت القوات السعودية بعبور الحدود وقامت بعمليات قصف جوي على الحوثيين دعمًا لصالح. وبلا شك فإن الأسرة الحاكمة السعودية قلقة بشأن مستقبل اليمن، أما الحوثيون أنفسهم فقد انقسموا حول الثورة الحالية، وقد أعلن متحدث بإسم حركة الحوثيون انضمامه للمتظاهرين.

وفي ميدان النصر بجوار جامعة صنعاء أعلن الثوار أن المشاركين أن نصف الثوار رجال قبائل، 40% طلاب، 10% حوثيون. وقد أعلن أيضاً الثوار الحوثيون أعلنوا في 25 مارس تمكنهم من مدينة صعدة المدينة الرئيسية في الحدود الشمالية.أما التخوف الأكبر لدى الحكومة الأمريكية والمملكة العربية السعودية فهو من القاعدة المتمركزة في صنعاء وجنوب البلاد. والدليل على ذلك هو ما قاله السفير الأمريكي بأنه قلق من تطور الوضع بشكل كارثي، وأنه يعتقد أن القاعدة قد تستفيد من تلك الأوضاع الغير مستقرة.

أما فرع تنظيم القاعدة في اليمن، فيبلغ عدد أعضاءه حوالي 200 فرد وقد ظهر في 2009 عندما نسق أعضاء في السعودية مع عناصر المليشيا في اليمن، المسؤولين الأمريكين نبهوا إلى أن القاعدة في اليمن بدأت بضرب المدمرة كول سنة 2000 ولكنها بعثت مرة أخرى للعلن عام 2009 عندما حاولت الهجوم على المدمرة بتروديت بواسطة (ضفادع بشرية).

الحقيقة أن الجيش الأمريكي كان يدير حروب سرية على القاعدة في اليمن؛ ففي هجوم واحد قتل ما يقرب من 150 يمنيًا. والولايات المتحدة بدورها ادعت أن القوات اليمنية مسئولة عن العمليات، ولكن تسريبات ويكليكس أثبتت تورط الجيش الأمريكي. منذ ذلك الحين وصالح يتلقى دعم من الولايات المتحدة يقدر بـ 300 مليون دولار منها 170 مليون دعم عسكري.

في الماضي، قام صالح بتكوين ائتلافات سياسية مع التيار الراديكالي السلفي خصوصًا في الثمانينات حيث وجد صالح أن السلفيين سيكونون مفيدين في معركته ضد اليسار، ومن هؤلاء عبد المجيد الزنداني، من أقصى يمين تيار إصلاح والذي يطالب هو نفسه الآن برحيل صالح. وجدير بالذكر أن يُشاع بأن صالح قام بصفقة مع القاعدة وقام بتسليحهم بالأسلحة الأمريكية ليساعدوه في حربه ضد الحوثيين.

ونشرت (كرستيان سايزيون) خبرًا يقول بأن الثورة لا تدعم دور القاعدة، إذ أن القاعدة نفسها لم يكن لها أي دور في الثورة حتى الآن، وحتى أن الخطابات الدينية المنادية بالشريعة لا تلقى تركيزًا أو اهتمامًا لدى الثوار والتي مركز مطالبهم على الجانب الاقتصادي والسياسي. وتعلل الولايات المتحدة والسعودية بأن تخوفها الأكبر ليس من تلقي القاعدة بعض الدعم من المتظاهرين، ولكن أن القاعدة قد تساهم مع الحركات الانفصالية في الجنوب وقد تشكل هذه الجبهة قوة أكبر. أما العسكريون الأمريكيون فمازالوا يبررون وجودهم في اليمن بالخوف من هجمات إرهابية تقودها القاعدة، ومن استيلاء القاعدة على اليمن ذات الموقع الاستراتيجي حيث أنها ملتقى الطرق بين أفريقيا ودول الخليج، وباب المندب. ولكن، بحسب “هيومن رايتس ووتش”، فإن القاعدة في الخليج وقفت موقفًا سلبيًا تجاه الدعوة الانفصالية والتي بنيت على رأي منظّر القاعدة، أسامة بن لادن، والقائل بأنه لايجب على القاعدة دعم الدعوات القومية الانفصالية لأن الهدف هو دولة إسلامية وإقامة الخلافة. والقاعدة حتى لم تبحث عن أي صداقات مع الحركات الانفصالية الجنوبية.

ولكن من وجهة نظر أخرى أطلقها محللون سياسيون في هيومن رايتس ووتش فإن السلفيين في الحركات الانفصالية كانوا ينسقون مع القاعدة لأنهم التقوا على رفض التدخل الأمريكي أو السعودي في الأرض اليمنية.

الشمال والجنوب والثورة
وتعود جذور الشقاق بين الشمال والجنوب إلى عيشهما فترة طويلة في ظروف تاريخية متباينة. ففي عام 1904 قرر العثمانيون والبريطانيون تقسيم اليمن إلى مستعمرتين مما أدى إلى عيش كل واحدة ظروفًا اجتماعية وسياسية متباينة.

فتحت السيادة البريطانية كانت حكومة الجنوب تنموا أسرع على المستوى الاقتصادي مما كانت حكومة الشمال مشلولة في 1918 بعد انهيار الدولة العثمانية، بينما ظل الجنوب تحت الحكم البريطاني حتى صار جمهورية عام 1967 قاد الحكم فيها حركة استقلالية اشتملت على عناصر يسارية قوية، ومن ثم دخل اليمن الجنوبي في تحالف مع الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة بينما كان الشمال متحالفًا بشكل واهن مع الغرب.

اتحدت الدولتان في 1990 بعد انهيار جدار برلين وتوقف الدعم السوفيتي للجنوب، وفي انتخابات رئاسية عام 1993 نجح الرئيس صالح. وأدى التأخر في دمج الجيشين الشمالي والجنوبي إلى اندلاع حرب أهلية في 1994 وبعد انتصار قوات صالح ودخولها العاصمة الجنوبية عدن، نهبوا المدنية عن آخرها، بداية من المجوهرات إلى الأدوات المنزلية.

ومن ثم أجبر صالح القادة العسكريين والضباط الجنوبيين على الاستقالة حتى أنهم تجمعوا ثانية عام 2007 للمطالبة بمعاشات تقاعدية. ولقد انضمت قطاعات عريضة من الشعب اليمني إلى الثوار مطالبين بعرض عمل للجنوبيين، إنهاء الفساد وتوسيع قاعدة توزيع عوائد البترول والتي تتركز بالأساس في المناطق الجنوبية.

وفي 2009 بعد تعويق الصحافة وقمع الاحتجاجات لمدة طويلة طالبت الحركة الجنوبية (حراك) بالانفصال.

ومن بداية المظاهرات هذا العام في صنعاء – عاصمة الشمال – دعا قادة الشباب للوحدة مع مظاهرات الجنوب، وقد دعا أيضًا تحالف المعارضة الرسمية – والمعروف باسم (تكتل اللقاء المشترك) – للوحدة، ولكن بدا واضحًا أن هذه الدعوة تهدف إلى إسقاط مطالب الجنوب. فقد قال أحد الناشطين في الجنوب لـ ICG: “لا يمكننا أن ننسق مع الشمال لأن هدفنا هو استقلال الجنوب بينما هدف (التكتل) هو الوحدة، بالنسبة لهم هي مسألة أما بالنسبة لنا فهي مسألة دولة”.

وقال ناشط آخر: “إذا كان حقًا سكان الشمال يعارضون الظلم الذي يقع على الجنوب فلماذا لم يخرجون في مظاهرات من أجل ذلك؟ لماذا لا يقولون أي شيء على ما يحدث في ردفان– وهي مدينة تخضع لحصار منيع منذ ديسمبر؟ إذا كان الجنوب فعلاً جزء من هذه الدولة وأننا كلنا إخوة فلماذا توجد دباباتهم وجنودهم في ردفان وعدن وأماكن أخرى؟”.

وتقول (ICG) أن نشطاء (حراك) في عدن هم من يُتَوَقًّع أن يعملوا مع نظرائهم في الشمال، ولكن احتمالية استمرار الاحتكاك بين الفريقين يشير إلى الضعف السياسي لدى النشطاء الشباب في صنعاء. وبسبب ارتجالية حركة الشباب، وعدم وجود قادة لها، فإنها لم تتخذ موقفًا واضحًا تجاه قضية استقلال الجنوب، وهو موقف لامبالي يدعم “حقوق الجنوب” وليس استقلاله. وسوف يتطلب الدفاع الصارم عن هذه الحقوق من قبل الشباب قطيعة أخرى مع ممارسة السياسة من داخل (تكتل اللقاء المشترك)، ولكن سوف يكون بذلك أفضل ضمانة على وحدة النضال ضد (علي عبد الله صالح).

وقد يفتح هذا أيضًا الباب إلى وحدة الدولتين الشمالية والجنوبية على أساس المساواة الكاملة – على الأقل على المدى البعيد. هذه المسألة سوف تصبح أكثر حدة عند رحيل عبد الله صالح، حيث سيكون على الشباب اتخاذ القرار: هل سيتعاونون مع النظام الذي سيخلفه؟ والذي قد يستمر في حملات القمع لإبقاء السيطرة على الجنوب. عدم حل هذه المسألة (المسألة الجنوبية) حتى الآن هو مجرد علامة واحدة على أن التحديات أمام الثوار بدأت للتو.

وقد طرحت “نادية السقاف”، رئيس تحرير صحيفة يمن تايمز، هذه القضية على البرنامج المسائي الأمريكي (PBS news hours) حيث قالت: “المشكلة بعد رحيل صالح سوف تكون ما العمل؟ سوف يكون علينا مواجهة التراث الذي خلفه صالح وراءه. سوف يتركنا بلا أموال، وسوف يكون هناك تناقص في منابع النفط، وسوف يكون هناك استياء بين الشباب فقد ذهب عدوهم المشترك الذي كان يوحدهم”. وأضافت: “سوف ينظرون حولهم فلا يجدون شيئًا باق لمحاربته، والوظائف التي أرداوها لن تُخلق بين يوم وليلة، لذا سوف نواجه الكثير من الشباب الذي يشعر بخيبة الأمل والذي ينتظر حتى تحين الفرصة”.

وبافتراض أن الحركة سوف تحرز انتصارًا سياسيًا على عبد الله صالح، فإن الحركة التي ارتبط اسمها بشباب اليمن سوف يكون عليها أن تبحث عن قواعدها في المجتمع بين العمال والفلاحين والعاطلين عن العمل، وسوف يكون على لجان (الحركة) التنظيمية مثل اعتصامات الجامعة – ومطالبها الأساسية متركزة على رحيل أكثر شخصية مكروهة– سوف يكون عليها إفساح الطريق لتنظيمات جديدة وسياسات أكثر تطورًا كي تستطيع مواصلة نضال الطبقة العاملة ضد النخبة الاقتصادية والسياسية في البلاد.