تونس: الأفق الممكن اليوم لمواصلة الحركة الثورية
الأوضاع في تونس وبكل المؤشرات لا يمكن أن تسير إلا في اتجاه مواصلة الثورة حتى تحقيق كل مهماتها. لقد تبخرت وعود أحزاب الثورة المضادة التي جاء بها الانقلاب على الحركة الثورية إلى السلطة.
ما عاد الخطاب الذي أطلقه رشيد عمار منذ اعتصام القصبة وتبناه الباجي قايد السبسي وفرضه بالقمع وورثته عنه ومن بعده الأحزاب الحكومية التي جاءت بها جريمة 23 أكتوبر (انتخابات المجلس التأسيسي) وعلى رأسها حزب حركة النهضة يقنع الجماهير وهي تقف بنفسها على أن لا شيء تغير أو يمكن أن يتغير عما كان عليه قبل 17 ديسمبر 2010 (بدء الثورة التونسية).
ما عادت "الشرعية" اليوم تقنع الجماهير وهي تعاين بنفسها أن أزمتها أصبحت أعمق مما كانت عليه قبل 17 ديسمبر 2010 وأن لا شيء تحقق من مطالبها أو يمكن أن يتحقق في ظل فاعل موضوعي لا يمكن تحييده أو طمسه إنه وضع تواصل الأزمة وتفاقمها واحتدادها.
إن تعمق الأزمة ليس له من حل من وجهة نظر الجماهير إلا مواصلة حركتها الثورية ومثلما تحركت هذه الجماهير وقاومت وصمدت من 17 ديسمبر 2010 إلى 14 يناير 2011 لأنها وعت خبرتها أن وعود بن علي لم تكن إلا محاولات يائسة لربح الوقت وإنقاذ سلطته الاستبدادية، فإنها اليوم في نفس الطريق لوعي ذلك في علاقة بسياسة حكومة النهضة ورئاسة المرزوقي وكذبة المجلس التأسيسي.
إننا على أبواب نهوض ثوري جديد وكثيرة هي مؤشراته الملموسة. إن عودة الجماهير ومنذ أسابيع إلى النضال على قاعدة مطالبها الاجتماعية والسياسية، ولئن بدا متقطعا وغير متواتر (في منطقة المناجم في الكاف في باجة في جندوبة في القصرين في قفصة في سيدي بوزيد)، إلا أنه في اتجاه أن يتحول إلى حركة احتجاجية شاملة في بضعة أسابيع أو أشهر ولعل الجماهير والتي واجهت قبل 14 يناير 2011 دون وعي بأهمية التنظيم بشكل مستقل ودون رؤية سياسية واضحة فإنها في هذا الطور من المفروض أن تقودها خبرتها إلى تجاوز كل مكامن ضعفها السابق.
إننا اليوم مدعوون إلى العمل مع الجماهير ومن داخلها من أجل تجذير الحركة ودفعها في الاتجاه الثوري . إن الوضع يتطلب من الحركة الجماهيرية أن تنتظم في هيئات ومجالس ثورية و أن تتبني كل أشكال النضال الثورية التعبوية من الإضراب إلى العصيان الاجتماعي الشامل.
على الحركة أن تتحول من حركة احتجاج إلى حركة عصيان وثورة شاملة من أجل فرض السيادة الشعبية ومن أجل إدارة الثروة والموارد ومن أجل ديمقراطية قاعدية إن ذلك لن يتحقق إلا بالإطاحة بكل مؤسسات الانقلاب: المجلس التأسيسي، حكومة النهضة، رئاسة المنصف المرزوقي.
هذا هو الأفق الممكن اليوم لمواصلة الحركة الثورية ولتحقيق مهمة إسقاط النظام.
* بشير الحامدي: من قيادات رابطة اليسار العمالي – تونس
لمزيد من الاطلاع على تطورات الثورة في تونس، اضغط هنا