طائفية النظام السوري من بانياس إلى بسنادة
جرائم النظام السوري تفضح طائفيته، حيث أقدمت القوات النظامية أول أمس على تدمير ١٣ بناية لإحدى العائلات العلوية ببسنادة قرب اللاذقية كإجراء ثأري مقصود ضد العائلة، وعقاباً على مواقف عدد من أبنائها المؤيد للثورة والمناهض القديم للنظام حيث قامت بهدم العديد من شققها التي تم بيعها للمهجرين من المدن السورية الأخرى الذين تملكوها وينتظرون عاجلاً السكن فيها.
إن إقدام الجيش النظامي على هدم ممتلكات الأسر العلوية المؤيدة للثورة باستخدام جرافات وبلدوزرات هو جزء صغير من ممارسات السلطة الحاكمة تجاه العائلات العلوية ببسنادة في اعتقال الكثير منهم عدة مرات وتعريضهم للتعذيب الوحشي ليقضوا عشرات السنوات خلف قبضان القمع، بالإضافة إلى الملاحقات الأمنية لمن نظم منهم مظاهرات عام 2004 أمام مجلس الشعب وقبل ذلك عندما تشكلت لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا حيث حُكم على العديد منهم بالسجن 9 سنوات.
هذه الاعتداءات ليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن صادرت السلطات جزء من الأراضي الواقعة على البحر في زمن الأسد الأب حيث يتركز العلويين في محاولة لابتزازهم والتضييق عليهم بما في ذلك المنع من الوظائف والتهديد الدائم لهم، حيث اشتهرت بسنادة في الثمانينات والتسعينات بالقرية الحمراء وقدمت العشرات من المناضلين اليساريين والديمقراطيين كمعتقلين.
أحداث بسنادة تذكرنا بأحداث قرية البيضا ذات الأغلبية السنية التي تفضح طائفية النظام السوري في قتل معارضيه ومحاولات زرع الفتنة بين السنة والعلويين عندما أقدم الجيش بوحداته الخاصة على ارتكاب مجزرة أكثر من مروعة قبل أسبوعين راح ضحيتها المئات من الأهالي ذبحا وحرقا باعتراف الإعلام النظامي نفسه، وفي محاولة بائسة لزرع الطائفية بعد أن إدعى بوجود 6 عناصر مسلحة لم يعرض منهم سوى جثث مشوهة لأطفال ومدنيين عزل.
وقرية البيضا هي إحدى قرى مدينة بانياس التي شهدت اقتحاماً من قبل الجيش والشبيحة بعد أقل من شهرين على اندلاع الاحتجاجات السورية ليتم اعتقال المئات وإتلاف المحاصيل الزراعية نتيجة الحصار الشديد وانقطاع الكهرباء والماء مما أدى إلى تردي الأحوال المعيشية لكل السكان، مع العلم أن مدينة بانياس تتميز بتركيبة طائفية متنوعة تشمل المسلمين السنة والعلويين والمسيحيين.
إن كل الادعاءات التي تقضي بتقسيم الطوائف إلى مؤيدين أو معارضين وفقا لتوجههم الديني هي تسطيح لكل الوقائع الاجتماعية التي يشمل الفقر فيها كل الطوائف على حد سواء. وفي كل يوم يؤكد النظام أن طائفته هي شبيحته وكل من يكنون له ولاءا أعمى أما فيما عداهم من السنة والعلويين وكل الطوائف الأخرى فهم رهن الانتقام. ولا يخفى على أحد أن العديد من العائلات السنية البرجوازية طالما ساندت الأسد في قتله للشعب وأيضا عشيرة “زينو” السنية بحلب التي طالما استخدمت شبيحتها في مهاجمة المتظاهرين. أما الآن فإن أحداث البيضا وبسنادة يضافا إلى حلقات تكتمل معها الصورة الطائفية التي حاول النظام تكريسها والاعتماد عليها شأنه مثل كل الديكتاتوريات لقمع كل الأصوات المعارضة له بالاتهام بالإرهاب والحصار والاعتقال ثم القتل.
الثورة السورية مازالت تخرج بمظاهراتها اليومية، مثلما في مدينة الرقة أول أمس، لترفع لافتاتها ضد الطائفية التي تكرسها القوى الرجعية والنظامية على حد سواء. وهو ما يفسر مقاومة الشعب السوري حتى الآن ولأكثر من عامين.