أوباما وتغيير أمريكا
“السياسة الأمريكية تصيب بالإحباط والقرف. لكن ظهور أوباما غير من مزاجي العام وأعطاني الأمل. إنه يلهمنا جميعا ويشجعنا.” هذه العبارة جاءت على لسان مواطن أمريكي أسود في بريد القراء في مجلة Nation اليسارية. وهي مجرد مثل لعدد لا يحصى من الرسائل والتقارير التي تنشرها المجلات التقدمية، بل وحتى الليبرالية، التي تعكس حالة النشوة التي خلقتها نجاحات السيناتور باراك أوباما المرشح الأمريكي الأسود في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، في مواجهة هيلاري كلينتون عضو مجلس الشيوخ الأمريكي. وهكذا، فجأة أصبحت الانتخابات الأمريكية محملة بالأمل!
بلا شك لا تزال هناك أصوات كثيرة تؤيد الجمهوريين في كل ما يفعلونه، أصوات لا يمكنها أن تتصور أن يكون هناك رجل أسود على رأس الولايات المتحدة. لكن أعداد مهولة من السود، والليبراليين، وأنصار التغيير في الولايات المتحدة – وكثيرين من أبناء الشعوب الأخرى التي اكتوت بنار سياسات جورج بوش – أصبحوا مولعين بظاهرة أوباما. وقبيل كتابة هذه السطور أظهر استطلاع للرأي قامت به شبكة CNN الأمريكية أن 52% من الديمقراطيين يفضلون وجود باراك أوباما كمرشح رئاسي عن الحزب.
فهل أصبحنا جميعا نحلم بتغيير أمريكا على يد مرشح الحزب الديمقراطي؟ فإذا كانت الديمقراطية الأمريكية تتحكم فيها الشركات الكبرى، وإذا كان الحزبان الكبيران، الديمقراطي والجمهوري، ألعوبة في يد الرأسمالية الأمريكية، فهل غيّر أوباما هذا كله وكسر القواعد الراسخة؟
لكي نجيب على هذه الأسئلة علينا أن نضع الانتخابات الأمريكية في سياقها الأعم دون الانجرار وراء الأحكام العاطفية. وهذا يعني مناقشة قضايا مثل: طبيعة الحزب الديمقراطي، والطريقة التي تدار بها الانتخابات الأمريكية، والجانب السياسي في ظاهرة أوباما، وأهمية العنصرية في الانتخابات الأمريكية..، وغيرها. هذه القضايا السياقية ربما تساعدنا على التفكير في مدى إمكانية حدوث تغيير على يد الأفريقي الأمريكي السيناتور باراك أوباما.
أزمة الحزب الديمقراطي
يعتقد كثيرون أن الحزب الديمقراطي يمثل “اليسار” في السياسة الأمريكية. وهو كذلك بالفعل، هذا إذا كنت تتحدث عن “يسار الطبقة الحاكمة”! المعنى أن الحزب الديمقراطي يعبر – بدرجة ما – عن اتجاه في الطبقة الحاكمة يميل إلى إعطاء بعض الفتات للأقليات والمهمشين، وإلى اعتبار أن مصلحة “أمريكا الرأسمالية” تتطلب إجراء بعض الإصلاحات الاجتماعية المحدودة.
إلا أن الحزب الديمقراطي يمر بأزمة أيديولوجية وسياسية حادة، إزاء نجاحات وتصاعد اليمين في المجتمع الأمريكي، تلك النجاحات التي بدأت منذ ولاية الرئيس رونالد ريجان بتمكنه من بناء تحالف قوي بين الجهوريين والقوى المحافظة والدينية في المجتمع. فمنذ ذلك الوقت لم يصل الحزب الديمقراطي إلى الرئاسة سوى مرة واحدة، في حالة بيل كلينتون الذي مثل تأكيدا لانجذاب الحزب الديمقراطي إلى اليمين. وكان ذلك واضحا في سياساته الاقتصادية التي لم تختلف بأي حال من الأحوال عن الجمهوريين.
وفي هذا السياق يُذكر أنه بعد انتخاب بوش عام 2004 تصاعدت كثير من الأصوات داخل الحزب الديمقراطي تقول بضرورة الاستفادة من قوي الدين في المجتمع. وبدأ كثير من رموز الحزب يخضعون لابتزاز اليمين والإعلام المحافظ، وسعوا إلى التخفيف من حديثهم عن قضايا النقابات وحقوق المرأة (وخاصة فيما يتعلق باللغط المثار في أمريكا باستمرار حول حق المرأة في الإجهاض). هذا بينما تركزت ردود أفعال قيادات الحزب على اتهامه بأنه “حزب النساء والسود والعمال” بالانجرار لليمين أكثر فأكثر.
وكما تجري الانتخابات التمهيدية في سياق أزمة الحزب الديمقراطي، فأنها تأتي كذلك في إطار شعور حركة مناهضة الحرب بالمرارة مع تصاعد الغضب من سياسيات بوش، وخاصة الحرب على العراق. وفي هذا السياق، تمثل هيلاري التيار الأقرب إلى إدارة بوش. حيث يأتي خطاب الأمن القومي الأمريكي في قلب برنامجها السياسي. أما اوباما فهو يمثل من وجهة نظر البعض الجيل الجديد داخل الحزب.
لكن انتخابات الرئاسة بالنسبة للحزب الديمقراطي قضية برجماتية وانتهازية بشكل أساسي. فكل أدبيات الحزب في الفترة الأخيرة تؤكد على أهمية انتخاب المرشح الذي يستطيع هزيمة الجمهوريين. لا توجد كلمة في هذه الأدبيات عن مضمون السياسيات التي ستساعد الحزب على النصر. ومؤخرا صرح هوارد دين رئيس الحزب بأنه من الأفضل ألا يستمر الخلاف حول المرشح الرئاسي طويلا، لأن هذا ربما يكون معناه تقوية فرص الحزب الجمهوري في الانتخابات. وربما يقرر الحزب في أغسطس تأكيد ترشيح أوباما، بالرغم من نفوذ هيلاري كلينتون وولاء شخصيات قوية بالحزب لها ولزوجها. لكن ترشيح الحزب لأوباما ليس قضية مبدئية (كما أن برنامج أوباما نفسه ليس برنامجا حقيقيا للتغيير)، لكنه قضية تكتيكية وانتهازية بالأساس. هذا بالطبع لا يقلل من أهمية حالة الحراك السياسي التي تسببت فيها نجاحات أوباما، كما سنرى.
بين الشخصي والسياسي
ركز كثير من المتابعين لصعود نجم أوباما في الانتخابات على العوامل الشخصية متجاهلين السياق الأعم. ربما يكون هناك دور لهذه العوامل، لكنها لا تنفصل مطلقا عن الأسباب السياسية العامة.
فأوباما مرشح أسود، وبالتالي يمكنه الحصول على نسبة كبيرة من أصوات الأمريكيين من أصول أفريقية. وهو ما حدث بالفعل في الانتخابات التمهيدية حتى الآن. وهو أيضا مرشح شاب، مما يمكنه من الحصول على نسبة غالبة من أصوات الشباب من أنصار التغيير.
ووفقا لتحليلات أصوات الناخبين في الانتخابات التمهيدية، فإن معظم الأصوات التي حصل عليها أوباما، بالإضافة إلى أصوات السود، كانت من المستقلين، ومعظم هؤلاء من الشباب. نشير هنا إلى أن أوباما ليس أسودا تاما. فأمه بيضاء وأبيه من كينيا، وبالتالي فهو رمز للمجتمع الأمريكي المتعدد الأعراق الذي يتكون بصفة أساسية من المهاجرين. وهذا ما يعطيه القدرة على اجتذاب أصوات كثير من المهاجرين الناقمين على عنصرية “أمريكا الرأسمالية البيضاء”. لكن الاستثناء من هذا هو العمالة اللاتينية التي لا تميل لأوباما لأسباب كثيرة، أهمها نجاح الرأسمالية الأمريكية في خلق حالة عداء بينها وبين العمالة السوداء.
غير أن القضية ليست فقط المميزات الشخصية لأوباما. هناك العديد من العوامل السياسية التي جعلته محل استقطاب أصوات حركة مناهضة الحرب والكثير من الأصوات المطالبة بالتغيير في المجتمع الأمريكي. أحد هذه العوامل هو كونه وجها جديدا. وهناك في هذا السياق أمر في منتهى الدلالة. فحملة هيلاري كلينتون تركز في الهجوم على أوباما على غياب خبرته السياسية. وكثيرا ما أشارت كلينتون إلى أن أوباما، بسبب نقص خبرته السياسية، ليس صالحا لقيادة البلاد في حالة الأزمة. لكن كلينتون لم تكن تدرك أن الوجه الأخر لغياب الخبرة، هو إن أوباما وجه جديد غير ملوث بقذارة السياسية الأمريكية، وجه يجذب الناقمين على واشنطن وممثلي سياسات واشنطن، ومنهم هيلاري كلينتون نفسها.
وقد مَثّل خطاب أوباما عن احتلال العراق، وإعلانه استعداده للانسحاب بعد 18 شهرا من انتخابه، نقطة هامة لكل الأصوات المعارضة للحرب في أمريكا. نشير هنا أن التمايز بين أوباما وكلينتون يتركز في معظمه على منطقة السياسة الخارجية، بدون أي فارق يذكر في الأجندة الاجتماعية الداخلية. فبالإضافة إلى العراق، أعلن أوباما أنه مستعد لبلورة إستراتيجية تتضمن عودة إيران للمجتمع الدولي. وفيما يتعلق بكوبا، قال أثناء وجوده في ميامي (بولاية فلوريدا التي تقع على الحدود مع كوبا) أنه من أنصار فك الحصار عليها، في سياق السماح للأسر الأمريكية من أصل كوبي بزيارة عائلاتهم في كوبا.
ربما يلاحظ القارئ أن هذه تغييرات طفيفة لا تمثل تحولا جذريا في السياسية الإمبريالية الأمريكية. هي في الحقيقة مناورات لاستقطاب أصوات الناقمين على السياسية الخارجية الأمريكية. ويؤكد هذا الكلام أن معظم مستشاري أوباما للسياسية الخارجية هم من العاملين السابقين بإدارة بيل كلينتون!
وينتقد كثير من المحللين اليساريين غموض وضبابية خطاب أوباما الداخلي، الذي يتركز معظمه على التغيير دون وجود أجندة اجتماعية واقتصادية واضحة. قد لا يبدو هذا غريبا إذا أدركنا أن أوباما هو رجل الرأسمالية الأمريكية الكبيرة! ودليل ذلك هو تفوق الدعم المالي الذي حصل عليه، بالمقارنة بهيلاري وماكين. فحتى منتصف مارس، وصل حجم التبرعات التي جُمِعت لحملة أوباما حوالي 140 مليون دولار، بينما نجحت هيلاري في جمع مبلغ 138 مليون دولار. وهناك فارق ضخم بين هذه الأرقام وما وصل إليه ماكين المرشح الجمهوري: 54 مليون دولار فقط!
تشير هذه الأرقام إلى استثمار الرأسمالية الأمريكية بقوة لصالح المرشح الأسود للحزب الديمقراطي. فهناك من يؤكد أن علاقة أوباما بوول ستريت قوية ونافذة. لكن كثير من اليساريين المتحمسين لأوباما يقولون إن معظم أموال حملته جاءت من تبرعات المنظمات الشعبية وجماعات التغيير المختلفة. هناك غموض حول هذا الأمر. وربما يعكس ذلك أن أوباما يجذب وول ستريب، بالضبط لأنه رجلهم ذو الشعبية في أوساط قطاعات مهمة من الجماهير!
العنصرية أهم من الفقر
بالرغم من حالة الإنكار الدائم لوجود دور للعنصرية في نجاحات أوباما، إلا أن الحقيقة أنها لم تغب أبدا عن السياسية الأمريكية، وعن انتخابات هذه المرة بالتحديد. لكن سبب الإنكار المستمر فهو أن كل من أوباما وكلينتون يلعبون لعبة الانتخابات ويريدون الحصول على أكبر قدر من الأصوات، وتصويرهم على أنهم أنصار أو ممثلين لعنصر معين يمكن أن يؤدي لخسارة أصوات بقية الأعراق في المجتمع الأمريكي.
هناك وقائع كثيرة تؤيد الدور الكبير للعنصر واللون في الانتخابات التمهيدية. فأوباما حقق نجاحات حاسمة في كل الولايات الجنوبية التي تقطنها نسبة كبيرة من السود، وذلك على خلاف نجاحاته البسيطة في الولايات الأخرى. وهناك من جهة ثانية زلات لسان لهيلاري وأوباما أنفسهم، ورموز مهمة في حملاتهم الانتخابية، تؤكد حقيقة أهمية العنصرية، وربما نظراتهم العنصرية. ففي بداية الانتخابات، وبعد نجاح أوباما في نورث كارولينا، صرح الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون – أهم مستشاري هيلاري – أن القس الأمريكي الأسود جيسى جاكسون كان قد حقق نجاحات مماثلة في بداية الانتخابات التمهيدية، لكنه في النهاية لم يستطع مجاراة كلينتون. وقد أشار كثيرون إلى التلميحات العنصرية في كلام كلينتون بتأكيده على ضعف قدرات أوباما، كنظرائه من الأمريكيين من أصل اسود الذين لم يستطيعوا تاريخيا المنافسة الحقيقية في الانتخابات الرئاسية. وقد عاد كلينتون وحملة زوجته ليوضحون أن هذا الكلام لم يكن يقصد به على الإطلاق أي تلميحات عنصرية. وفي وقت لاحق، قالت أحد أهم مستشاري هيلاري (جيرالدين فيرارو) إن نجاحات أوباما ترجع إلى أنه رجل أسود. وفي البداية رفضت هيلاري عزل فيرارو، لكنها بعد ذلك اضطرت إلى ذلك بسبب الأضرار الكبيرة التي تسببت فيها تصريحاتها لحملتها الانتخابية بين السود الأمريكيين.
ومؤخرا قال السيناتور الأمريكي جو بيدن من ولاية ديلاور، إن الفارق الكبير بين أوباما وكل المرشحين السود السابقين، هو أنه “أول أمريكي من أصول افريقية يتسم بطلاقة اللسان والذكاء والنظافة وحسن المظهر!!”
وأثناء كتابة هذه السطور كان أوباما قد انتهي من خطاب له في فيلادلفيا تركز معظمه على أهمية العنصر والعرق في السياسية الأمريكية، ردا على الجدل المتصاعد بسبب تصريحات أحد القساوسة العاملين في حملته الانتخابية التي اتهم فيها الحكومة الأمريكية بتدبير هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وقوله بأنها نتيجة طبيعية لسياسيات أمريكا الخارجية. وقد تم تأويل هذا الكلام عنصريا، على أساس أنه قس أسود. وركزت كلمة أوباما على أن استخدام “كارت” العنصرية في الانتخابات له آثار وخيمة على الانتخابات، وعلى أهمية الوحدة بين أنصار الحزب الديمقراطي، وبين أطياف المجتمع الأمريكي.
هذه مجرد أمثلة محدودة حالة الصراع في المجتمع، وتعكس كذلك المرارة التي تشعر بها العديد من الأعراق في المجتمع الأمريكي، وخاصة الفقراء السود. وهو ما يمكن أن يفسر حالة السحر والانجذاب لأوباما. فعلى حد تعبير العديد من المواطنين الفقراء من أصل إفريقي، فإنهم سيعطون أصواتهم لأوباما لأنه شخص منهم، بغض النظر عن فقدانهم الأمل في التغيير الاقتصادي الذي يمكن أن يجلبه انتخابه للفقراء.
الأمل في التغيير
أثناء كتابة هذه السطور كانت آخر أعداد مندوبي الحزب الديمقراطي الملتزمين بترشيح أوباما في مؤتمر الحزب الديمقراطي في أغسطس هي 1621 مندوبا، بينما كان العدد بالنسبة لهيلاري 1479، أي إن الفارق يقل عن 150 صوتا. ويحتاج أي من أوباما أو هيلاري إلى الحصول علي 2024 صوت لتأكيد ترشيح الحزب لهم. وهو ما يعني أن معركة التنافس بين المرشحين الديمقراطيين ربما تظل مستمرة إلى أغسطس. وهناك مسألتان رئيسيتان ستحددان مستقبل هذه المعركة، أولاهما إجراء الانتخابات في ولايتين أمريكيتين لم تجر فيهما انتخابات تمهيدية حقيقية أصلا هما ولايتي فلوريدا وميتشجان، وثانيتهما مسألة الـSuperdelegates ، أي المندوبين الذين يحضرون مؤتمر الحزب بدون أن يتم انتخابهم، نظرا لوضعهم المميز في الحزب.
بالنسبة للـSuperdelegates، هناك الكثير من العوامل المتشابكة التي يمكن أن تحدد قرارهم. من هذه العوامل الضغوط الشعبية في الولايات التي ينتمون لها. فمن المعروف مثلا أن كثير من النقابات أعلنت رسميا دعمها لأوباما. ضغوط هذه النقابات ربما تمثل حرجا للمندوبين المتميزين من السود. فهناك عدد كبير من هؤلاء على علاقة وثيقة بأسرة كلينتون، ويقوم الرئيس السابق بالاتصال المستمر بهم لضمان تصويتهم لزوجته. لكن ضغوط قطاعات كبيرة من السود، واستمرار نجاح أوباما، يضعانهم في حرج كبير.
لكل هذه العوامل لا يمكن التكهن بسهولة بالمرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية. لكن حتى اختيار أوباما أو نجاحه لا يمكن قراءته على أنه نجاح لصوت التغيير في أمريكا. والدليل على ذلك هو خطاب أوباما الذي يركز على وحدة الحزب الديمقراطي وأهمية وجود الوحدة على المستوي القومي الأمريكي. هذا الخطاب العام الغامض هدفه مغازلة الجميع.
على أن هناك نظرية يرددها بعض اليساريين المتفائلين مفادها أن نجاح أوباما سوف يكون له نتائج غير مقصودة بالنسبة للرأسمالية الأمريكية، أهمها هو زرع الأمل في نفوس الكثيرين من المضطهدين والسود أنهم يمكنهم التغيير. ربما يكون هذا صحيحا. ولكن حقيقة ضخامة وقوة كل من المؤسسة العسكرية والرأسمالية الأمريكية تذكرنا بأن تحقيق أي تغيير من قلب النخبة الأمريكية ليس سوي وهم كبير.
باختصار، ربما يكون تصاعد الغضب من بوش سببا في نجاحات أوباما، وفي الثقة الكبيرة ومزيج الغرور والانتهازية اللذان يميزان أداء الحزب الديمقراطي في المعركة الرئاسية. كذلك ربما تكون نجاحات أوباما قادرة – وهو ما حدث حتى الآن – في تحقيق بعض الحراك السياسي في المجتمع الأمريكي. لكننا يجب أن نفرق بين منهجين: منهج استثمار الحراك لتحقيق نجاحات انتخابية رخيصة أو لتجديد دماء وشباب الحزب الديمقراطي، ومنهج توظيفه لتدشين موجة تعبئة جماهيرية تخرج عن نطاق الحزبين الحاكمين اللذين لا يختلفان بأي حال من الأحوال من حيث تمثيلهم لمصلحة الشركات الرأسمالية الكبرى ودفاعهم بشكل مستميت عن الإمبريالية الأمريكية.