إيران والحركة الجماهيرية
المشهد السياسي المتناقض في إيران، حيث المحافظين المعاديين للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية وإسرائيل، والذين لعبوا دوراً في دعم المقاومة قي لبنان وفلسطين، يمارسون القمع العنيف ضد المظاهرات، المطالبة بمزيد من الحريات الديموقراطية، والسياسية، و المطالبة بتقليص صلاحيات مرشد الثورة، ومجلس صيانة الدستور، الذي يمارس دوراً رقابياً على الشعب، وفي المقابل هناك الإصلاحيون ، الذين أصبحوا في عيون جزء كبير من الشعب الإيراني مدافعين حرية التعبير والحقوق السياسة والديموقراطية، لكنهم في الوقت ذاته، أعلنوا أنهم في حال فوزهم سيضعون حداً للتصعيد السياسي مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة.
ما يزيد المشهد السياسي ارتباكاً هو خروج الآلاف، بل ما يقارب المليون في مظاهرة، تأييداً للمرشح الإصلاح، واحتجاجاً على فوز نجاد، الذي حقق شعبية كبير في العالم العربي، بسبب مواقفه الصلبة من إسرائيل، حيث لا يمكن تصور أن تلك الجماهير التي خرجت بالآلاف تؤيد مرشح، قرر مهادنة الإمبريالية، بينما من يدعم المقاومة، يقمع الجماهير، ويقتل العشرات منهم في الشارع، حيث يفرض سلطانه بقوة الشرطة والحرس الثوري، وبدعم من السلطة الروحية.
إن الموقف الصحيح في تعامل مع الأحداث الحالية، و هو رؤية حركة الجماهيرية بمعزل عن توجهات فادتها الإصلاحيين، حيث أن هذه الحركة الجماهيرية من حيث دوافعها ومحركاتها أكثر جذرية من قادتها، ما التفاف قطاعات واسعة من الجماهير حول القادة الإصلاحيين، إلا نتيجة لغياب اليسار الجذري، القادر على أن يجمع بين معاداة الإمبريالية والدفاع عن الحريات والديموقراطية، وحقوق الأقليات والنساء. إن تأييد حركة الجماهير الراغبة في مزيد من الحرية، وفي تحسين مستوى المعيشة، لا يعنى بالضرورة تأييد الإصلاحيين.
وبالرغم من أن كلأ من الإصلاحيين والمحافظين يوظفون الحركة الجماهيرية، تدعيم مواقعهم داخل الطبقة الحاكمة، إلا أن الجماهير لها دوافعها المختلفة للحركة. إن تأييد فطاعات واسعة من الشعب الإيراني للإصلاحيين، في المرحلة الحالية، فنابع من أنها تشترك معه في رغبتها في تقليص صلاحيات المحافظين، الذي يسيطرون على الجزء الأكبر من السلطة، الذي قد يعني مزيد من حرية التعبير والحريات السياسية و النقابية، وبعض الحقوق للنساء.
الحركة الجماهيرية قادرة – عند تحقق الظروف الموضوعية والذاتية- على تجاوز القيادات الإصلاحية، وعندها تخلق الحركة قيادتها المعبرة عن مصالحها وآمالها في العدل الاجتماعي والحرية.