بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

لعبة الحبار: التجلي العنيف للرأسمالية

Squid Game

يتمتَّع مسلسل “لعبة الحبار – Squid Game” الذي تبثه منصة نتفلكس بشعبيةٍ كبيرة، لكن لأسبابٍ متناقضة. فهو يمثل نقدًا صارخًا للرأسمالية في مراحلها الأخيرة، وفي الوقت ذاته، يفرِّغ نقده للرأسمالية من خلال الانخراط في التيارات الرأسمالية المعاصرة للإنتاج الإعلامي.

لا شك أن مسلسلًا كهذا يجذب الانتباه لهذا النقد الاجتماعي الحاد، لكن هل هذا ما يفسر الاهتمام الذي يحظى به؟

“لعبة الحبار” هو أول مسلسل كوري جنوبي يحظى بمثل هذا الاهتمام العالمي غير المسبوق (على الرغم من أن الدراما الكورية حاضرةٌ منذ فترة طويلة ولها جمهورٌ عالمي قوي جدًا). وقد لاقى الإنتاج الثقافي الكوري الجنوبي الأخير، الذي يتناول الطبقية والإمبريالية العالمية، مثل فيلم Parasite والنسخة الجديدة من فيلم Snowpiercer، إعجاب الغرب أيضًا.

بيد أن ما يتحد حوله الجميع، رغم تلك التناقضات، هو النغمة المربكة للمسلسل فيما يتعلق بمعالجته للعنف. فقد أدرك كل نقدٌ للمسلسل الطريقة التي يتناول بها العنف.

تُوجَّه وتيرة كل حلقة من المسلسل نحو المدى الذي تصل إليه لعبة الحبار من الدموية والعنف، ومع ذلك، فهي مبررة على أساس المساواة في المعاملة والفرص العادلة. يمكن وصف السمة الجمالية للعنف الذي يظهر على الشاشة بأنه عديم الرحمة. فلم يدخر صانعو المسلسل أي جهد لإبراز كل جسد يُقتل، أو يُصفع، أو يُشوَّه، أو يُلقى به بعيدًا.

هذه الصدمة وهذا العنف هما أكبر نقد يحمله المسلسل للرأسمالية. فهذه هي الصور التي تعودنا عليها، استأنسها خيالنا حتى أصبحنا نشعر بسعادة غامرة من الألعاب التي تقتل. أي شيء ليس مثيرًا يبدو بعيدًا جدًا عن الواقع العنيف الذي اعتدنا عليه الآن. في الواقع، إن الحلم بموت الرأسمالية وإحياء علاقاتنا الإنسانية، يبدو الآن خارجًا عن المألوف. حتى ألطف المشاهد في النهاية تشعر وكأنها قد يكون لها أجندة وراءها، وجنون العظمة الذي تغرسه تلك اللعبة التي يظفر فيها الفائز بكل شيء، يصبح هو الجوهر الوحيد المتبقي لك.

ومع ذلك، لم يُقدر كل مشاهدي المسلسل هذا النقد للثقافة الكورية الجنوبية بشكل خاص وللرأسمالية بشكل عام، بينما البعض كتبوا تغريدات متسلسلة على منصة تويتر توضح بالتفصيل جميع الانتفاضات والأحداث العنيفة الحقيقية التي تم استعارتها خلال مشاهد المسلسل.

يمكن الحكم على العنف بأشكالٍ مختلفة، إذا كان بإمكانك اكتشافه. في خضم العنف الوحشي للألعاب، يتحدث الشخصية المركزية جي هون عن ذكرياته عن إضراب خاضه مع زملائه في عملهم بأحد أفرع مصانع السيارات، الذي تم تسريحهم منه بعد 10 سنوات. أدت تلك الأحداث إلى وفاة زميله في العمل. يقول البطل أن ساعة الخدمة الليلية التي قضاها في أحداث العنف داخل إقامة اللاعبين ذكَّرته بالتناوب في الاعتصام بالمصنع. لم تكن ذكرياته السابقة دموية، ولكنها أشارت، بصورةٍ مشوشة، فقط إلى ما يلهم بالحزن والتضامن المحتمل.

تذكَّر اللاعب الأكبر هذه اللحظة، فقال: “نعم، أتذكر أنه كان إضرابًا كبيرًا، وتُوفي أحد العمال هناك”. لكن بعدها، نعود إلى اللعبة، وإلى المسلسل، حيث سيموت الكثيرون على الشاشة.

قد يشاهد البعض هذا المسلسل من أجل تفضيلهم للدراما الكورية التي اكتشفها جمهور وسائل الإعلام العالمية بفضل ما تقدمه منصة نتفلكس. يصبح العنف رائعًا لأنه جونج يو يصفع لي جونج جاي والعكس، ويصبح نقد الرأسمالية لنفسها رائعًا، وقابلًا للاستهلاك ومريحًا عندما يكون مبهرًا، وداميًا، ونازعًا للحساسية، وبراقًا من الوجوه اللامعة.

هؤلاء نجومٌ كبار لا يتم تقديرهم إلا عندما يرعى الشمال العالمي النقد المُوجَّه له هو نفسه على منصاتٍ مثل نتفلكس. تم تجاهل مخرج المسلسل هوانج دونج هيوك من قبل العديد من دور الإنتاج، والآن قام جيف بيزوس بالتغريد إشادةً بـ”إستراتيجية تدويل” نتفلكس للعروض “الغامضة”، أي البرامج غير الناطقة بالإنجليزية.

لكن للأسف، تمثل لعبة الحبار مشهدًا للرأسمالية، ونتاجًا لتناقضاتها العنيفة. فنحن بحاجة إلى تركيز انتباهنا كمشاهدين مثقفين وماركسيين على علاقات القهر والاستغلال التي يتم حجبها خلف الصور الدموية المذهلة.

لماذا يتحدث الأغنياء والأقوياء في لعبة الحبار عن كونهم “gganbu” (يتشاركون هدفًا مشتركًا، كونهم جماعيين وليسوا فرادى)، بينما يضعون الفرائس المثقلة بالديون الذين يجدونهم في لعبةٍ عنيفة ضد بعضهم البعض؟ هل هو تعطشٌ للدماء أم حاجةٌ لتبرير نظام يخفي العنف والفردية في الخارج مع وجود نظام خاضع للرقابة في الداخل هو نفسه في النهاية ولكن مع القواعد الموضحة وبالتالي “العادلة” إلى حد ما؟

هذه لعبةٌ تبدو أفضل من تلك الموجودة بالخارج، لكنها لا تزال تسحق الوحدة بين الناس، وتقوِّض تضامنهم الخطير، وتضع بقاءهم على قيد الحياة ضد بعضهم البعض لشعورهم بالإنسانية مرة أخرى، في حين تخفي كل ذلك كلعبةٍ يلعبها الأطفال.

* المقال بقلم بريرنا سابرامنيان – موقع “الاشتراكي” الكندي