بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

خواطر حول “المرأة ليست لعبة الرجل” لسلامة موسى

ما أثار انتباهي إلى كتاب «المرأة ليست لعبة الرجل» – وسط أكوام الكتب القديمة التي كانت تباع على هامش معرض الكتاب في الإسكندرية – هو غلافه : غلاف يصور رأس امرأة مصرية غاضبة شامخة ورجلا صغيرا على هيئة بهلوان، قالبا الوضع المراد نقده بشكل ساخر. عندما بدأت أتصفحه، وجدته كتابا راديكاليا في نقده لهيمنة الرجال على المجتمع. «لا تكوني لعبة نلعب بك نحن الرجال. للذتنا نشتري لك الملابس الزاهية، والجواهر المشخشخة، ونطالبك بتنعيم بشرتك، وتزيين شعرك، وكأن ليس لك في هذه الدنيا من سبب للحياة سوى أنك لعبتنا نلعب بك ونلهو.» هذا بعض ما نقرأه لسلامة موسى (1887-1958) في كتابه هذا المنشور سنة 1956.

لم يترك قضية تخص المرأة المصرية إلا وتطرّق إليها، من الحجاب، الذي دعا إلى التخلي عنه، إلى تعدّد الزوجات، الذي ندّد به، إذ «لا يمكن لامرأة مصرية أن تعد نفسها مستقلة ما دام سيف التعدد مشهورا على رأسها». كما يتطرّق الكتاب إلى قضية عمل السيدات في مختلف المناصب: لماذا لا تشغل المرأة المصرية منصب «رئيسة محكمة»، مثلما كان يحدث في الصين آنذاك؟ لماذا لا تكون «وزيرة وسفيرة»؟ هكذا يمضي سلامة موسى متسائلا عن «بؤس المرأة في مصر»، ساخطا على مصر الناصرية لأنها لم تتقدّم كثيرا رغم كل الخطب الرنانة عن تحرّر المرأة: «ذهبنا إلى باندونج نمثّل مصر بلا نساء. كأننا كنا نمثل الرجال المصريين فقط».

وجدته راديكاليا في نقده للرجعية والاستعمار، «أعدى الأعداء لنهضة المرأة وتعليمها»، ومهتما بالتجربة الاشتراكية الصينية، ومتحمسا لـ «وسائل تحديد «الطبخ والغسل والتنظيف بالقوة الكهربائية». إلا أني فوجئت به يقدّم «المرأة الغربية» نموذجا للتحرّر، تلك المرأة التي «تعمل وتجهد، وتتبذل فيما لا تتبذل فيه المرأة الشرقية». تذكّرت العلاقة الوطيدة التي ربطته بالليبراليين المصريين، وأفكاره عن أهمية الارتباط بأوروبا من أجل الخروج من مأزق «التخلف».

لعل الإلحاح على «التجربة الأوروبية» وتجاهل واقع النساء المصريات – ينسى سلامة موسى حياة الفلاحات وهو يتحدث عن «عدم إنتاجية المرأة المصرية» – هي بعض أسباب عدم ترسّخ هذه الأفكار في واقعنا. إذ لم تحصل المرأة المصرية على حق تولي منصب قاض إلا بعد أكثر من خمسين سنة على صدور الكتاب.