شهادات الاستثمار السياسي في الحفر على الناشف

شهادات استثمار “قناة السويس الجديدة” تصل فائدتها إلى 1000%.

موضوع شهادات الاستثمار في الحفر على الناشف مش اقتصادي بل سياسي من الدرجة الأولى. ولا يمكن فهمه إلا في سياق فهم نظام السيسي. الشهادات لن تقلل من العجز في الميزانية بل ستزيده.

الشهادات لن تأتي بأي موارد مالية جديدة، بل لن تفعل أكثر من تحويل مدخرات بنكية إلى قرض لإحدى هيئات الدولة. وكان يمكن لتلك الهيئة أن تقترض نفس المبلغ من نفس البنوك، بفائدة أقل، وبدوشة أقل، وبمصاريف إدارية أقل.

ولكن هذا السلوك الاقتصادي “المنطقي” يغفل الغرض الأساسي من تلك الضربة العبعاطية: وهي حشد وتعبئة الجمهور من البرجوازية الصغيرة بالأساس وراء نظام السيسي وإعطائهم “سند ملكية” في هذا المشروع ومكافأتهم على إخلاصهم ومنحهم “سهما ماليا” ملموسا في نظامه.

مشروع تمويل “الحفر على الناشف” من خلال شهادات الاستثمار يهدف إلى جعل كل صاحب شهادة مدافعا عن نظام السيسي وعن تحويشه عمره في نفس الوقت، ولن يترك أيا منهما ولو اقتضى الأمر رفع السلاح.

ما برح القوميون والليبراليون والإصلاحيون بوجه عام يكررون أن مصر تحتاج إلى “مشروع قومي”، وكل الحجج التي يقدمونها تدور حول “إلهاء” الناس وجعلهم يؤمنون بالنظام، وإن لم يقولوا هذا بنفس هذه الألفاظ. وهو ما فعله السيسي بالضبط. ولكنه لإنه السيسي، ولأنه قاد الثورة المضادة محمولا على أعناق البرجوازية الصغيرة، يفوضونه ويرقصون له، فكان يجب أن يأتي “المشروع القومي” بهذا الشكل. مشروع كبير، يتمول من “المواطنين” الذين يتحولون إلى ملاك (صغار ومتعددين) للأراضي والشركات وأصحاب أسهم وينهشون من دماء الجماهير غير المالكة نسبة فائدة غير منطقية وتزيد عن سعر الفائدة السائدة. إن زيادة نسبة الفائدة عن “الطبيعي” معناه نقصان في مجال ما آخر، وسوف يقتطع في نهاية المطاف من الأجور الحقيقية للعمال ودخل الفلاحين. إن النسبة العالية للفائدة تعني إعادة توزيع للدخل لصالح أتباع السيسي.
وللأسف فإن هناك من “اليساريين” من يهلل لهذا المشروع، ويدعي كذبا أنه مشروع “قومي” بالفعل يفيد جماهير هذا الشعب، بل والأنكى أن هناك بعض “اليساريين” الإصلاحيين من جعلوا أنفسهم مقاولي أنفار سياسية لهذا المشروع وذهبوا ليأخذوا صورة لهم وهم يحملون شهادة السيساوية ذات ال12% فائدة من الناحية الاقتصادية، وذات الألف في المائة فائدة إن كنت تريد أن يرضى عنك السيسي.