من مبادرة البنك المركزي إلى مشروع “تكافل وكرامة”.. الانحياز واضح

انتهت بالفعل صرف الدفعات الأولى من القروض التي مُنِحَت لبعض كبار رجال الأعمال وأصحاب المصانع بفائدة بسيطة جدًا، وفي المقابل أجور العمال ثابتة رغم الارتفاع الرهيب في الأسعار، وبالطبع بعض حالات الزيادة في الأجور لا تتناسب مطلقًا مع زيادة الأسعار المستمرة في أحسن الظروف، فماذا تفعل 50 جنيه أو 100 زيادة كمرتبٍ شهريٍ لعاملٍ مع الأسعار الحالية!
لا يعنى هذا إلا إدعاءات التقوى والإحسان من جانب الرأسمالي، ففي الحقيقة هي شعارات تتم تحتها في كل دقيقة نهب لجهد عامل أو عاملة.
الدولة، أكبر المستغلين، تسير على نفس النهج الذي أُعلِنَ في سياقه عن بدء تنفيذ مشروع “تكافل وكرامة” (المرحلة الثالثة) تحت عنوان توجيهات السيسي قائد الثورة المضادة – وشعارات توفير حياة كريمة للأسر الأكثر فقرًا ومساعدة العاطلين وغير القادرين على العمل يمنح جهاز الدولة عبر وزارة التضامن الاجتماعي للأسرة 325 جنيهًا في الشهر حالة عدم عمل الزوج أو الزوجة في أي عمل حكومي أو خاص وغير حاصلين على تأمين.
وفي حال وجود أولاد، تم تسعير الحق في التعليم بالمرحلة الابتدائية 60 جنيهًا والإعدادي 80 وللثانوي 100 – لا أحتاج هنا لشرح ماذا تعني 1000 جنيهًا لتعليم يخضع كليةً للدروسِ الخصوصية أو المدارس الخاصة.
لا يمكن تخيل مأساة أسرة يُفرض عليها العيش بـ325 جنيهًا في الشهر، ومساعدة من جهاز الدولة الذي لا نعلم كم يتقاضى مسئولوها – بدايةً من رئيسها – ولا نسمع إلا عن صرف مبالغ للعسكريين والقضاة.
آخر ما سمعناه صرف الآلاف من الجنيهاتِ للقضاة مكافأة جهودٍ غير عادية – جهاز الدولة الذي يدًعي عبر إعلامه خدمة الشعب وحماية الوطن ليس إلا جهازًا لإدارة مصالح الطبقة التي تحكمنا، تلك الطبقة التي لا تعمل إلا لتمرير سياسات التقشف بالقمع والترويجِ لأكذوبة “هنشيل الوهم ونوصل الدعم”. مشروع “تكافل وكرامة” هو في الحقيقة إهانة واستخفاف لمعاناة آلاف العمال من انخفاض الأجور. في المقابل، فإن جهاز الدولة الذى يحمي ويدعم المستغلين يسجن ظلمًا الآن أمل وياسمين، اللتين اعتُقِلتا من المترو على خلفية “الحديث في السياسة”! هذا هو الإرهاب الذي يحاربه النظام بعد أن اعتقلهما من المترو بسبب حديثهما عن زيادة الأسعار!
فيما يلجأ النظام دائما لترويج الأكاذيب بهدف صرف النظر عن المطالب العمالية الملحة، فخلال ثورة يناير 2011 تم الإعلان عن تعويضات من المتضررين من الورش التي أُغلقت، وعلى إثر ذلك تم سحب أعداد لا بأس بها من المتواجدين بالميدان إلى أمام مكتب العمل، زحام رهيب دون أي وفاء بالوعود.
لكن آلاف العمال الذين يخدعهم النظام بالمشاريع الكاذبة قادرين على شل أجهزة الدولة، والتضامن بين العمال وتنظيم أنفسهم وبلورة مطالب مشتركة هو الطريق الوحيد للنصر.