شهادات الإدخار الجديدة.. حلول قصيرة الأمد تعمق الأزمة الاقتصادية

أعلن بنك مصر والبنك الأهلي المصري عن طرح شهادات ادخار استثنائية مدتها عام واحد، أي يتم استرداد مبلغ الشهادة بعد سنة من تاريخ الشراء. تعتبر هذه الشهادات الادخارية هي الأعلى من حيث سعر الفائدة والتي تختلف حسب معدل صرف هذه الفائدة (25% تُصرَف في نهاية مدة الشهادة و22.5 %تصرف شهريا). يتم طرح هذه الشهادات لأغراض اقتصادية معينة ولفترة محدودة غير معلنة وذلك حتى يتحقق العرض من أجل إصدارها. وبالتزامن مع طرح هذه الشهادات، ارتفع سعر صرف الدولار ليصل الى 27.10 جنيه مصري وبذلك يقترب من سعر الصرف في السوق السوداء الذي تجاوز 30 جنيهًا مصريًا، وهو ما يعتبر بداية للتعويم الكامل.
يعد رفع سعر الفائدة على الإيداع والإقراض إحدى الأدوات التي تستخدمها الحكومات لتخفيض معدلات التضخم من خلال سحب السيولة من السوق بتشجيع المستهلكين على إيداع أموالهم في البنوك بدلًا من إنفاقها، وبالتالي خفض الطلب خاصة على السلع الترفيهية والكماليات، وهو ما فعلته حكومة الولايات المتحدة في بداية العام الماضي.
غير أن رفع سعر الفائدة في مصر يستهدف بالأساس تشجيع الأجانب بشكل خاص على استثمار أموالهم في مصر سواء في صورة ودائع أو شراء ديون حكومية، والاستفادة من معدل الفائدة المرتفع على مستوى العالم وذلك بهدف زيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي لمواجهة زيادة الطلب على الدولار مع قرار التعويم الكامل.
وهذا يعني استمرار النظام في اتباع نفس السياسات الاقتصادية التي تعتمد على الاستثمارات قصيرة الأجل القادمة من الخارج، المعروفة بالأموال الساخنة، بديلًا عن الاستثمارات المباشرة طويلة الأمد التي تقوم على التصنيع.
وقد سبق هذا القرار رفع لسعر الفائدة على الإقراض بزيادة قدرها 3% ليصبح سعر الفائدة المعلنة من البنك المركزي المصري 17.25% يُضاف إليه هامش تحدده البنوك المقرضة للشركات، والذي قد يتجاوز نسبة 20% ويعد من أعلى المعدلات في العالم. وهذا يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي الإحجام عن الدخول في النشاط الاقتصادي المعتمد على التصنيع.
إن السياسات المالية التي يتبعها نظام السيسي القائمة على رفع معدلات الفائدة على الإيداع والإقراض لزيادة ضخ تدفقات نقدية من الداخل والخارج قد تحسن من المؤشرات الكلية للاقتصاد (على الورق) وتساعده على الحصول على مزيد من القروض، لكنها لا تساهم في زيادة الانتاج التي يقوم عليها الاقتصاد الحقيقي، بل تزيد من ضعفه وهشاشته، ليتحول الاقتصاد إلى مجموعة من السياسات المالية التي يديرها البنك المركزي.