︎بين “السيادي” و”العزبي”.. الدواء في البورصة

“لا يُمنح الترخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلي، ولا يجوز للصيدلي أن يكون مالكاً أو شريكاً في أكثر من صيدليتين” قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955.
في الثامن من شهر مايو الجاري تم الإعلان عن تحالف بين صندوق مصر السيادي”TSFE” وشركة “BINV” بي إنفستمنتس القابضة ومجموعة صيدليات “العزبي” وإطلاق شركة جديدة بإسم”EZ International” “إي زد انترناشيونال” للخدمات اللوجستية الخاصة بالصيدليات وتجارة الأدوية بذمة مالية وإدارية مُستقلة عن الدولة. تم تأسيس الصندوق السيادي بقانون صادر عن السيسي – رقم 177 لسنة 2018 ليعمل الصندوق بتجارة الأدوية والمُكملات الغذائية، والتي تتجاوز قيمتها في مصر حالياً 130 مليار جنيه، ما يجعل من تجارة الدواء فرصة استثمارية جيدة بحسب البيان الصادر عن الصندوق.
من خلال صندوق الخدمات الصحية والصناعات الدوائية” الفرعي” أحد أذرع صندوق مصر السيادي، يُصبح قانون مزاولة مهنة الصيدلة حبراً على ورق، وتقنيناً لظاهرة سلاسل الصيدليات التي بدأت في الظهور منذ سنوات. عندما يكون الدواء في البورصة فإن تُجار الدواء الجُدد أشبه بتُجار السلاح تفوح منهم رائحة الدم، وتلاحقهم كل معاناة لمريض لم يستطع الحصول على الدواء.
بحسب تصريحات أحمد العزبي “رئيس مجموعة العزبي” ستكون نسبة مشاركة “إي زد انترناشيونال” 49% وصيدليات العزبي 51%، وسيتم زيادة عدد الصيدليات من 300 صيدلية تمتلكها مجموعة العزبي حالياً، إلى 600 صيدلية كمرحلة أولى للتحالف الجديد، وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بلغت واردات مصر من المواد الصيدلية 3.8 مليار دولار ضِمن أعلى 10 سلع تم استيرادها خلال العام 2022، وبدلاً من الإتجاه نحو ضخ الأموال لإنتاج الخامات الدوائية، يُتاجر الصندوق السيادي بالدواء والمزيد من الصيدليات بهدف الربح، بنفس عقلية إنشاء الطرق والكباري. المزيد من الصيدليات ليشاهدها المرضى وذويهم، بدون القدرة على تلبية احتياجاتهم من الدواء، فليس درباً من الخيال ما تصوره السينما والدراما من مشاهد مؤلمة لمعاناة الحصول على ثمن الدواء.
تمتلك”مجموعة العزبي” 3 مصانع وشركة لتوزيع الأدوية، وبحسب العزبي فإن المفاوضات التي سبقت إتمام التحالف، طلب خلالها الصندوق السيادي المشاركة في تجارة الأدوية وليست الصناعة، يُضيف العزبي بأن الطرح في ” البورصة “سيكون في الوقت المناسب، يؤكد ذلك أيضاً “عمر اللبان” مدير علاقات المستثمرين بشركة “بي إنفستمنتس” في تصريحات صحفية، بأن الهدف الرئيسى للشراكة هو زيادة عدد الصيدليات، بي إنفستمنتس، شركة عامة مُدرجة في البورصة المصرية مُنذ يوليو 2015 وتعمل في القطاع المالي والخدمات الاستثمارية، ويستثمر الصندوق السيادي وبي إنفستمنتس نحو 500 مليون جنيه خلال العامين المُقبلين لتمويل التوسعات في فروع الصيدليات، فيما يبلغ رأس مال “إي زد انترناشيونال 1.2 مليار”، ما يضُر بالصيادلة، حيث لن تستطيع الصيدليات الصغيرة الصمود أمام التحالف الجديد لتجارة الدواء خاصةً أن أحد أركانه هو الصندوق السيادي.
من جانبه كتب النقيب السابق للصيادلة محي الدين عبيد، على صفحته بفيس بوك أن سلاسل الصيدليات مُجرمة بحكم القانون، ويجب على الدولة إغلاقها، مُضيفاً أن مالك مجموعة العزبي مشطوب من نقابة الصيادلة لمخالفته قانون مزاولة مهنة الصيدلة. ينص الدستور على أن يتم توجيه 3% “كحد أدنى” من نسبة الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق على الصحة، وينص أيضاً على زيادة الإنفاق على الصحة تدريجياً، لكن وزارة المالية تحايلت مؤخراً على الإستحقاق الدستوري، وأضافت فوائد الديون التي اقترضتها الدولة للإنفاق على الصحة ضِمن نسبة الإنفاق الدُنيا المقررة قانوناً، فضلا عن غض الطرف عن الالتزام بزيادة الإنفاق على الصحة.
ما نواجهه اليوم هو استكمال لسياسات الإفقار والتجويع، فبينما تعتمد مصر على استيراد 90% من الخامات اللازمة لصناعة الدواء، تدعم الدولة سياسة إحتكار بيع الدواء، ويجب على الصيادلة الدفاع عن مصالحهم ومهنتهم فضلاً عن الدفاع عن المرضى، والمطالبة بتطوير صناعة الخامات الدوائية، وأن تواجه الدولة زيادات أسعار الدواء بمزيد من الرقابة وبدعم الشركة المصرية لتجارة الأدوية التى تمتلك مجموعة صيدليات لضبط أسعار الدواء.
الحق في الصحة.. الحق في الدواء.. الحق في الحياة