بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

موازنة 2023 – 2024.. موعد آخر للانحياز للأغنياء

تُعرف الموازنة العامة للدولة بأنها بيان تقديري مُفصل يحتوي على الإيرادات العامة التي تعمل الدولة على تحصيلها في مقابل النفقات العامة التي ستُنفقها خلال سنة مالية، وغالباً ما يتم تحييد مشروع الموازنة كعملية اقتصادية حسابية بمعزل عن الجانب السياسي، لكن الأرقام دائماً تشير إلى الانحيازات، بحيث يتم معرفة، من خلالها، الطبقة الاجتماعية التي ستتحمل إيرادات الموازنة، ولمصلحة من سيتم صرف النفقات.

وبينما أقر البرلمان المصري مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2023-2024، بالموافقة الآلية لأغلبية الأعضاء، تُشير عملية التصويت نفسها إلى البعد السياسي للموازنة، بافتراض أن الأغلبية التى مررت الموازنة يجب أن تكون منتخبة ديمقراطياً.

وعلى الرغم من الانتقادات الحادة التي واجهتها الحكومة ومشروع الموازنة داخل مجلس النواب والمطالبة برحيل الحكومة، تم تمرير الموازنة كلغم خلفته سياسات النظام الحاكم خلال هجومها المُضاد على مطالب العدالة الاجتماعية.

الحكومة تقدم أرقاماً مُتضاربة

تظهر الأرقام الحقيقية في الجداول التفصيلية للموازنة بينما تظهر أرقاما أكبر في ديباجة البيان المالي، فعلى سبيل المثال تبلغ مخصصات التعليم في مشروع الموازنة نحو 591.9 مليار جنيه، بحسب الصفحة الرسمية لوزارة المالية، بينما توضح جداول الموازنة التفصيلية أن مخصصات التعليم تبلغ نحو 230 مليار جنيه فقط، فيما تبلغ مخصصات الصحة وفقاً لديباجة مشروع الموازنة 397 مليار جنيه، بينما يظهر الرقم الحقيقي للإنفاق على الصحة في جداول الموازنة بنحو 148 مليار جنيه فقط.

موازنة غير دستورية

ينص الدستور المصري على تخصيص نسبة 6% من إجمالي الناتج القومي للإنفاق على التعليم و 3% للإنفاق على الصحة، على أن يتصاعد الإنفاق تدريجياً وصولاً إلى المعدلات العالمية، لكن الحكومة تعتبر الدستور حبراً على ورق، حيث تمثل مخصصات التعليم بالموازنة الجديدة نحو 2% من الناتج المحلي المتوقع، بنسبة تقل 4% عن النسبة المُلزمة، وفقا للدستور، فضلاً عن غض الطرف بوجوب زيادة هذه النسبة، فيما تمثل مخصصات الصحة 1.25% من إجمالي الناتج المحلي بنسبة تقل 1.75% عن الإلزام الدستوري للإنفاق على هذا القطاع، بخلاف أنه يتم التحايل على تعريفات الإنفاق ليتم إضافة عبء فوائد القروض ضمن مخصصات الإنفاق على الصحة.

انحيازات الموازنة

يشير البيان المالي للموازنة الجديدة إلى خفض أعداد المستفيدين من الدعم التمويني بمقدار 900 ألف فرد، وبالنظر إلى أن نصيب الفرد الذي يحصل على الدعم يُقدر بنحو 170 جنيه شهرياً، يبدو مقدار الدعم لا يُذكر بالنظر إلى زيادات الأسعار، وفي المقابل تم دعم المصدرين بزيادات استثنائية، ففي حين كان يتم دعم المصدرين بنحو 6 مليارات جنيه بالموازنة السابقة، قفز الدعم الموجه إلى رجال الأعمال لأكثر من 28 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، وفى قطاع الزراعة تم تثبيت الدعم المقرر للمزارعين بنحو 544.5مليون جنيه، بنفس القيمة التي قررتها الموازنة السابقة، على الرغم من الارتفاعات القياسية للأسمدة وغيرها من مُدخلات الزراعة، وهو ما يؤثر مباشرة على أسعار السلع الزراعية.

موازنة الضرائب

يقدر مشروع الموازنة حصيلة الضرائب على المرتبات بنحو 130 مليار جنيه، من أصل إجمالي الضرائب على الدخول المقدرة بنحو 594 مليار جنيه بمشروع الموازنة، بينما تقدر الضرائب على الدخل من الأنشطة التجارية والصناعية الخاصة بنحو 77 مليار جنيه، فيما تعتمد الحكومة في تمويل الموازنة العامة على الضرائب غير المباشرة على المستهلكين، ما يؤدي إلى زيادة أسعار السلع والخدمات، بينما يتم الإنفاق ببذخ على مشروعات عديمة الجدوى الإنتاجية، وهو ما يسبب فجوة تمويلية، تقدر بحوالي 898 مليار جنيه، تدفع نحو العجز النقدي بما يعادل 7.2% من الناتج المحلي، فضلاً عن فوائد سداد القروض التي تُشكل عبئاً على الموازنة.

يتبع النظام الحاكم نفس السياسات الطبقية ضد الفقراء والعاملين بأجر، وهو ما تشير إليه العمليات الحسابية للموازنة، فحصيلة الجمع من جيوب الطبقات الكادحة وحصيلة الطرح والإنفاق لصالح رجال الأعمال، أما حصيلة القسمة فنحن مع موعد “لقسمة ظهرنا” أكثر، فالسلطة مستمرة في الهجوم علينا.

لا للموازنة الجديدة