بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

خدعة: “زَوّدوا الإنتاج عشان تزيد أجوركم”

"زَوّدوا الإنتاج عشان تزيد أجوركم" هذه الفكرة أو هذا النداء الذي سمعناه كثيراً وما زلنا نسمعه، منذ الإطاحة بحسني مبارك، في الصحف والتلفزيون والراديو، من جانب القوى المعادية للثورة، والقوى الإصلاحية المعادية للتغيير الاقتصادي والاجتماعي التام.

هذه الفكرة أو هذا النداء الذي يروج منذ بداية الثورة في 25 يناير 2011 موجه بشكل أساسي لكل من طالب بزيادة أجره في مصر، أي كل من يعمل بأجر في مصر، وفي مقدمتهم عمال الإنتاج الصناعي، عمال مصر الذين أحسوا وأدركوا الظلم والاستغلال الواقع عليهم، فهم يدركون أنهم يعرقون وينتجون ولا يأخذون، أي أن أجورهم تمثل نسبة صغيرة مما ينتجون في ظل أن ما ينتجونه ترتفع أسعاره في السوق وأجرهم شبه ثابت.

إن الغرض من بث وترويج هذه الفكرة هو الالتفاف على مطالب هؤلاء العمال، فهذه الفكرة تنفي وتغيّب إحساسهم وإدراكهم للظلم والاستغلال الواقع عليهم، إذ تستهدف هذه الفكرة تثبيت نمط توزيع الناتج أو القيمة المضافة التي يخلقها عمل العمال، وهو النمط نفسه في توزيع الناتج والثروة، الذي كان قائماً قبل الثورة، والذي شكّل سبب رئيسي وجوهري في غضب وثورة عمال مصر وكادحيها.

ولتفسير هذه الفكرة والوصول إلى معناها وجوهرها سنستخدم المثال التالي: فلنفترض وجود مصنع ينتج 100 ألف منتج في الشهر وبعد خصم تكلفة الخامات التي استخدمت في صناعة المنتجات وأيضاً خصم إهلاك الآلات المستخدمة في الإنتاج، من عائد بيع هذه المنتجات، تبقى 100 ألف جنيه تقسم بين العمال (كأجور) وصاحب المصنع أو مالك وسائل الإنتاج سواء قطاع خاص أو قطاع عام (في شكل ربح)، فيحصل كل العمال وهم الأكثرية على 25% من هذه القيمة أي 25 ألف جنيه ويحصل صاحب المصنع على الـ 75% أي 75 ألف جنيه.

وبناءاً على فكرة " زَوّدوا الإنتاج عشان تزيد أجوركم" فإن العمال كي يَزيدوا من أجورهم سيقومون بزيادة إنتاجهم ليصبح(مثلا) 140 ألف منتج في الشهر، وبعد خصم تكلفة المنتجات وأهلاك الآلات من عائد بيع هذه المنتجات تبقى 140 ألف جنيه ستوزع بنفس سياسية التوزيع القديمة بمعنى 25% للعمال أي 35 ألف جنيه و 75% لصاحب المصنع أي 105 ألف جنيه.

وبالتالي يتضح أن جوهر فكرة " زَوّدوا الإنتاج عشان تزيد أجوركم" هو زيادة استغلال العمال بمعنى أنه لكي يَزد العمال من أجورهم سيَزيدوا كدحهم وعرقهم، وسيخلقون في نفس الوقت زيادة في ربح أصحاب العمل، في حين أن جوهر وحقيقة ما يريده العمال في هذه اللحظة هو انتزاع جزء من حقهم، بزيادة أجورهم عن نفس العمل الذي يبذلوه، أي تقليل وخفض درجة استغلالهم، وذلك بتغيير طريقة تقسيم الناتج. أي تغيير نسبة التوزيع نفسها.

وبتطبيق مفهوم العمال وما يريدوه على المثال السابق : سنغير نسبة التوزيع (بدلاً من النسبة القديمة 25% للعمال و 75% لصاحب المصنع) ستصبح النسبة الجديدة (مثلاً) 40% للعمال و 60% لصاحب المصنع وبالتالي يقسم العائد الـ 100 ألف جنيه (المتبقي بعد خصم تكاليف المنتجات المستخدمة في الإنتاج وإهلاك الآلات) إلى 40 ألف جنيه للعمال (أجور) و 60 ألف جنيه لصاحب المصنع (ربح).

لم يتوقف العمال ابدا عن العمل، لا قبل الثورة، ولا بعد الثورة، وهم ليسوا ضد زيادة الإنتاج. لكن مطالب العمال في المرحلة الحالية هي وضع سياسية توزيع تميل وتنحاز لهم.

إن الحق في سياسية توزيع تميل و تنحاز للعمال أو قوى العمل ضد قوى الملكية هو حق أصيل للعمال، من المؤكد أنها ستنتزعه كمكسب جزئي أثناء ثورتها القائمة والمستمرة ضد ملاك وسائل الإنتاج، ضد مستغليها، ويجدر الإشارة إلى أن تغيير سياسة التوزيع ليس هو الهدف النهائي للطبقة العاملة، حيث يبقى الصراع والتناقض في المصلحة قائم بين العمال من ناحية وطبقة ملاك وسائل الإنتاج، حيث أنها قائمة على الاستغلال.