بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

اقتصاد

هكذا نمول ثرائهم مرتين

خطط الإنقاذ من الأزمة المالية: تعلم كيف تسرق الشعب بدون معلم

«إنني عائدة التو من وردية عمل من إحدى عشرة ساعة فأنا أعمل 60 ساعة في الأسبوع. وهم يريدون الآن أن يأخذوا 2.300 دولار من أجرتي لأجل البنوك» قالتها امرأة بريطانية غاضبة، في سياق ردها على سؤال من التلفزيون البريطاني حول موقفها مما يسمى بـ»خطة الإنقاذ» البريطانية في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية.

خطط الإنقاذ الأمريكية

نظم مجلس العمال المركزي، في نيويورك، في سبتمبر من العام الماضي، مظاهرة، شارك فيها حوالي ألف عامل، أمام مقر البورصة، احتجاجا على خطة الإنقاذ الأمريكية ، هاتفين «رواتب تقاعدنا المكتسبة بمشقة ليست فريسة للمغتصبين»، و» لا شيكات على بياض لوول ستريت» – في إشارة لشارع المال والأعمال الشهير هناك. وحملوا لافتات تطالب الرئيس الأمريكي –وقتذاك – جورج بوش بإنفاق المال على التعليم والرعاية الصحية بنفس الحماس، الذي نهض به لإنقاذ المؤسسات الكبرى بـ700 مليار دولار أمريكي -و لم تكن الحكومة الأمريكية قد اعتمدت بعد خطة إنقاذ صناعة السيارات، التي طالبت بها شركات جنرال موتورز ، وكرايسلر، و فورد، على أن اعتماد الخطة صعد مفارقة إنقاذ الأغنياء، من الجديد، إلى السطح، حيث اشترط الرئيس بوش أن تصاغ خطة الإنقاذ تلك بمعرفة أصحاب رأس المال، والإدارة، والنقابات العمالية، التي سيكون عليها بذلك الموافقة على تخفيض أجور العمال.

أدرك الكثير من فقراء العالم، على جانبي المحيط، أنهم لن ينالوا أي نصيب، من خطط الإنقاذ الرأسمالية. حيث أعدت العدة لأن يتحمل هؤلاء عبء الأزمة، فمثلاً، في الولايات المتحدة تحمل المواطن الأمريكي العادي عبء إنقاذ تسعة مؤسسات عملاقة، مثل « اية اى جى» للتأمين، عن طريق شراء الأسهم وبشراء الأصول الهالكة ، بخلاف المساعدات السخية، في شكل قروض طويلة الآجل من البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، التي منحت لبنكى مورجان ستانلى وجولدمان ساكس . هذه المؤسسات الرأسمالية العملاقة، التي لطالما تبجحت دفاعا عن أقصى حرية ممكنة للسوق، تحصل الآن على مزايا التدخل الحكومي في صورة تلال المال المقتطع بطبيعة الحال من أموال دافعي الضرائب .

سيتحمل المواطنين الفقراء تبعات أزمة لم يخلقوها. فعلى سبيل المثال، قرر بنك «اوف اميركا»، فور استحواذه على بنك «ميرى لينش «، تسريح حوالي 35 ألف مستخدم لدية على مدى ثلاث سنوات، بهدف توفير سبعة مليارات دولار سنويا . حتى يتمكن من تعويض جزء من تكاليف شرائه بنك «ميرى لينش « -الذي كان أحد أول المؤسسات التي أعلنت إفلاسها نتيجة للأزمة – في صفقة قدرها 50 مليار دولار،

خطط إنقاذ أوروبا

تتشابه خطط الإنقاذ جميعها في تحميل فقراء الأعباء: انجيلا ميركل المستشارة الألمانية تقر تخصيص 80 مليار يورو كسيولة مالية، و400 مليار كضمانات للقروض، الحكومة الأسبانية تعلن تخصيص مائة مليار يورو كضمان للقروض بين البنوك، ونيكولا ساركوزى في فرنسا يعلن أن حكومته ستزود البنوك بمبلغ 360 مليار يورو، لكن من في المقابل سينقذ الفقراء من محنتهم، التي صنعتها مضاربات من المؤسسات الرأسمالية، التي تكافئها الآن تلك الحكومات ؟

تتجسد محنة الفقراء، في زيادة هائلة في جيش البطالة، حيث يزداد عدد العاطلين عن العمل إلى 210 مليون، خلال العام الحالي، نتيجة للأزمة المالية بحسب تقرير لمنظمة العمل الدولية .

النظام المصري والأزمة

وقف هنرى عزام، المدير التنفيذي لبنك «دويتشة» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتلو على جمهرة من رجال الأعمال، في ملتقى القاهرة للاستثمار العربي، قبل ما يقرب من الشهرين، نصائحه لتجاوز الأزمة المالية وعلى رأسها التخلي عن العمالة «الزائدة».

بينما طالب رجل الأعمال المصري صفوان ثابت، رئيس «مجموعة جهينة»، خلال المؤتمر نفسه، بتخفيض سعر صرف الجنية المصري دعما للصادرات في ظل الأزمة. وهى نفس الدعوة التي سبق و تبناها اتحاد الصناعات المصري، بالإضافة لتخفيض سعر الفائدة، كجزء من قائمة مطالب لرجال الأعمال، تم تقديمها إلى رشيد محمد رشيد، رجل الأعمال و وزير التجارة والصناعة، خلال اجتماع تم عقده عقب انفجار الأزمة.

لبت وزارة التجارة والصناعة تلك المطالب بالكامل، في شكل خطة بقيمة 7 مليار جنية فورية، لدعم التصنيع والتصدير، وعلى رأس بنودها تثبيت أسعار الغاز والكهرباء لكافة المصانع حتى 31 ديسمبر 2009، ويعد هذا جزء من تعهدات محمود محيى الدين، وزير الاستثمار، حيث تعهد بمجموعة من السياسات لمواجهة الأزمة، خلال كلمته في مؤتمر اليورومنى، في القاهرة، منها تأجيل سداد أقساط الأراضي الصناعية عن عام 2009 لمدة عام واحد، تخفيض مساهمة الشركات في تدريب العمالة من 20% إلى 10%، إدخال تخفيضات في التعريفة الجمركية على واردات الآلات والمعدات الصناعية ، جدولة سداد تكاليف توصيل الغاز والكهرباء على ثلاث سنوات للمشروعات التي ستنشأ حتى 31 ديسمبر 2009.

الملفت أن قرار الحكومة تثبيت أسعار الطاقة للمستثمرين تتواكب مع دعوة أطلقها المركز المصري للدراسات الاقتصادية لتحرير أسعار الطاقة، مما يعني رفع الدعم عن الشريحة الأغلب من فقراء المستهلكين، هذا المركز يضم في مجلس أمناءه كلاً من جمال مبارك و رجل الأعمال احمد عز آمين التنظيم في الحزب الحاكم، وحاولت رئيسة المركز الترويج لتلك الفكرة وسط مجموعة من الصحفيين الاقتصاديين، في مؤتمر للاعلام الاقتصادي نظمه المركز.

شهد المؤتمر نفسه محاولات حثيثة، من سلطان أبو على وزير الاقتصاد الأسبق، ورجل الأعمال منير فخري عبد النور عضو المركز، لإقناع الحضور بأن تخفيض سعر الصرف لن يؤثر سلبا على الفقراء مع الارتفاع التلقائي طبعاً في أسعار الواردات، بررا ذلك بأن أسعار الغذاء انخفضت أصلاً نتيجة للأزمة، وبالطبع لم يتطرقا لأسعار بقية السلع الأساسية.

كما أعلن يوسف بطرس غالى وزير المالية تخصيص 30 مليار جنية إضافية تشجيعاً للاستثمار، منها 15 مليار في شكل استثمارات مشتركة مع القطاع الخاص، الذي كانت تنظر له الحكومة المصرية، في ظل سياسة الخصخصة، باعتباره القطاع «الرائد»، القادر على تحقيق المعجزات، والآن تحاول حكومة رجال الأعمال إنقاذه من لأزمة بتقديم الدعم له .لكن على الجانب الآخر نجد رفض الحكومة تحريك أجور العمال، هو ما صرحت به وزيرة القوى العاملة، عائشة عبد الهادي والهجرة، خلال زيارتها لمدينة المحلة الكبرى، قبل شهرين، حيث بررت رفض الحكومة تحريك أجور العمال بالأزمة المالية. وصدقت فالرأسماليين أولى بالرعاية!