بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

الأطفال في العالم

هناك بلايين الأطفال الذين يعيشون في أنحاء العالم المختلفة. وحسب الإحصائيات الدولية، فمنهم 130 مليون طفل بدون تعليم، و100 مليون آخرون ما بين سن الخامسة والرابعة عشرة يعملون ما بين 12 و15 ساعة يوميًا في ظل ظروف خطيرة وغاية في الانحطاط والبشاعة منهم 32% في أفريقيا و61% في آسيا؛ وهناك 13 مليون طفل سيموتون في السنوات القليلة القادمة بسبب سوء التغذية؛ وهناك مليون طفل مجبرون على العمال في الدعارة؛ وهناك ما يتراوح بين 250 ألف إلى 300 ألف طفل يخدمون في الجيوش النظامية والجماعات المسلحة في كافة أنحاء العالم يبلغ أصغرهم السابعة من العمر.

وهناك الأطفال الذين يعملون في ظروف سخرة كالعبيد. ففي باكستان يوجد نظام “العقد” حيث يحصل أهل الطفل على مبلغ من المال من صاحب العمل ليصبح الطفل مرهونًا لديه إلى أن يستطيعوا سداد المبلغ. وإذا حاول الطفل الهرب فيجبر على العودة للعمل وتربط قدميه في سلاسل مثل السجناء. وهناك الأطفال العاملون كخدم في المنازل بدون مقابل مادي، حيث يوجد ما بين 8 و10 مليون طفل يعيشون في تلك الظروف خاصة في أفريقيا، وفي هذه الحالة يكون الأطفال معرضون لأخطار عديدة مثل الضرب والاغتصاب. وفي الحروب الأهلية الحالية المنتشرة في دول عديدة، فهناك أكثر من 300 ألف طفل تحت سن 18 عامًا يخدمون كمحاربين في الجيوش أو كطهارة أو مراسلين أو جواسيس أو لأهداف جنسية أو للكشف عن الألغام وغير ذلك. أما الاستغلال الجنسي ضد الفتيات الصغيرات فقد فاق كل التصورات واختطفت عشرات الآلاف من أجل هذه الأهداف وفي السودان، هناك ما بين 50 و80% من السكان يعانون من سوء التغذية. وكذلك في العراق، يجند الأطفال في الجيش في سن أقل من 18 عامًا. وتقول الإحصاءات أيضًا أنه خلال عام 1990 تم تداول 250 مليون نسخة – على مدار العالم – من أفلام دعارة الأطفال، كما أن شبكات الانترنت دخلت في السوق لما تمثله من وسيلة سهلة وجديدة للحصول على تلك الصور والإعلان عن تجارة الأطفال لأهداف جنسية. وكنتيجة لهذا الاستغلال الجنسي أصبح هناك منا يقرب من 350 ألف طفل وشاب تتراوح أعمارهم بين 10 و24 سنة يصابون يوميًا بمرض الإيدز.

أما ظاهرة أطفال الشوارع والتي تنتشر بين الأطفال الأكثر فقرًا في العالم فلقد أصبحت في تزايد مستمر خلال العشر سنوات الماضية. وتعتبر قارة أمريكا اللاتينية من أكثر الأماكن التي يوجد بها أطفال بلا مأوى فهم يزيدون على 40 مليون طفل – أي أنهم يمكنهم أن يكونوا دولة بأكملها! وأطفال الشوارع معظمهم من الصبيان (حوالي 75%) وتتراوح أعمارهم بين 10 و15 سنة. يتجه معظم هؤلاء الأطفال إلى السرقة واستنشاق الصمغ المستخدم في صناعة الأحذية حتى يتغلبوا على الإحساس بالجوع والبرد. أما النتائج الأكيدة لشم هذا الصمغ فهو تدمير خلايا المخ والشلل.

وهكذا، فكل الإحصائيات تشير إلى أنه خلال السنوات العشر الماضية قتل الملايين من الأطفال إما في الحروب أو بسبب سوء التغذية أو انتشار الأمراض. كما أصيب عشرات الملايين وأصبحوا عاجزين أو مشردين أو لاجئين.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: من المسئول عن كل هذه الوحشية التي يعاني منها الأطفال الفقراء؟ إن حالة هؤلاء الأطفال تتشابه في ظروفها ونتائجها في كل دول العالم حتى داخل الدول الرأسمالية المتقدمة. ففي تلك الدول يوجد ملايين من الأطفال المشردين الذي يجوبون الشوارع ويأكلون من مقالب القمامة وينامون على الأرصفة ويتجمدون في الجليد. ربما تكون المبالغ المخصصة لرعاية الطفولة من تعليم وصحة ومسكن أكبر بكثير في الدول الرأسمالية المتقدمة عنها في الدول المتخلفة. فإذا نظرنا مثلاً إلى عدد الأطفال في كل ألف فرد من السكان الذين يعانون من سوء التغذية تحت سن خمس سنوات (عام 1995)، سنجد أنه في دول مثل الولايات المتحدة وكندا وانجلترا لا يوجد رقم يذكر في هذا المجال، بينما نجد أنه في دول مثل بيرو يصل عدد هؤلاء الأطفال إلى 305 في كل ألف، وفي البرازيل يبلغ عددهم 241، وفي زامبيا عددهم 418، وفي مصر عددهم 756. وإذا نظرنا إلى نسبة المصروفات المخصصة للتعليم في الموازنة العامة للدول (عام 1992)، سنجد أن كل الدول الرأسمالية المتقدمة تخصص ما بين 15 – 16% (وهذه تمثل في حد ذاتها نسبة صغيرة جدًا بالمقارنة بالإمكانيات المتاحة)، بينما تخصص دولة مثل زامبيا 8% وبنجلاديش 7% ومصر 5%. وبمعنى آخر، ربما تكون الرعاية المتوفرة للأطفال في الدول الرأسمالية المتقدمة أفضل، ولكن ظروف معاناة الأطفال الفقراء متشابهة إلى حد كبير. فالأطفال الذين يستفيدون أساسًا من هذه الرعاية هم أبناء الطبقة الوسطى المتعلمة، أما أطفال أسر الطبقة العاملة الذين ينالون قسطًا من التعليم والصحة فالدولة بالتأكيد في احتياج إليهم لكي تهرسهم في عجلة الإنتاج وتعيد عملية استغلالهم.

فهل هي صدفة أن يعاني الأطفال في العالم كله من نفس نوع الاستغلال والظروف الاقتصادية السيئة والجوع والأمراض؟ إنها بالتأكيد ليست صدفة ولكنها نتيجة رئيسية للأزمة الرأسمالية وانعكاساتها على كل مؤسسات المجتمع بداية من مؤسسة الأسرة ومرورًا بمؤسسات التعليم والصحة والتنشئة الاجتماعية وانتهاء بالوقوع في دائرة الموت. ففي خلال السنوات العشر الأخيرة بالتحديد، زادت الأزمة الرأسمالية من طحنها للفئات الفقيرة في مجتمعاتها حتى تستطيع الصرف. فالرأسماليون يحاولون بكل الطرق إنقاذ طبقتهم في ظل الأزمة العالمية وذلك بتشريد ملايين العمال والموظفين والفلاحين وبتقليص الخدمات من تعليم وصحة وتغذية ومسكن وغير ذلك. وبالتالي طالت الأزمة الأطفال وأدى كل هذا إلى جعل تجربة الطفولة من أشد التجارب بشاعة بالنسبة للأطفال الفقراء في كل أرجاء العالم.