بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أنفلونزا الخنازير: المصل للأغنياء فقط

قررت الحكومة المصرية إغلاق المدارس والجامعات في مصر حتى الثالث من أكتوبر الجاري بسبب مخاوف من انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير. وكان من المقرر أن تبدأ المدارس والجامعات العام الدراسي الجديد في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر. وقررت الحكومة أن يصبح الأسبوع الدراسي 6 أياماً، لمحاولة تقليل حجم الفصول الدراسية، لوقف انتشار مرض أنفلونزا الخنازير .ويأتي هذا في سياق إعلان منظمة الصحة العالمية عن عدم موافقتها على أي إجراءات لغلق المدارس و الجامعات، لان ذلك لن يؤدى إلى خفض درجة الخطر من انتشار الوباء.

هذه هي الحلقة الأحدث في سلسلة الإجراءات الحكومية الفاشلة و التي بدأت بقتل 200 ألف خنزير، و تشريد آلاف الآسر من العاملين بمجال تربيتها، في إجراء فريد من نوعه على مستوى العالم، مروراً بمنع الموالد، و الاحتفالات الشعبية بدعوى منع نقل العدوى.

بالإضافة إلى منع الشباب أقل من 25 سنة وكبار السن فوق 65 سنة من السفر لأداء العمرة، بدعوى الخوف عليهم، وهو الآمر الذي لم نعتاده من حكومتنا الحبيبة، والتي لا تكترث بحوادث الطرق اليومية، ولا القطارات المحترقة، أو السفن الغارقة، أو حتى الأمراض المزمنة من التهاب كبدي وبائي، أو فشل كلوي، أو أورام سرطانية، تحصد منا بضعة ألوف كل عام.

و أخيراً هجمت علينا وسائل الأعلام الحكومية المسموعة و المرئية و المقرؤة بحملة للوقاية من المرض و انتشاره، تشرح لنا فيها كيف نعطس و كيف نغسل أيدينا، و كيف يحيى كل منا الأخر، و أين نخرج و متى و لماذا! أما من لم يتبع التعليمات فهو المسئول؟ و علية جرم الإصابة وحده!

الجدير بالذكر أننا في البداية، حيث حالات الإصابة لم تصل إلى الألف حتى الآن، توفى منها 2 فقط، أما هذا التخبط و العشوائية، والقرارات الغير مدروسة من قبل الحكومة، فهي رد الفعل المعتاد من نظام، لا يستطيع حتى الآن مواجهة مشكلة جمع القمامة من المنازل.

في حال تفشي المرض، هل هناك استعدادات كافية لاستقبال المستشفيات المزيد من المرضى والمصابين الجدد؟ وهل اقتراح الدراسة عن بعد وعبر الفضائيات سيكون بديلاً حقيقياً عن تعليق الدراسة وغلق المدارس، في بلد يعاني أصلاً من تدهور التعليم وتفشي الدروس الخصوصية؟ ببساطة هل ستنجح حكومة الفساد والإفقار في حماية الناس من وباء عالمي بهذا الحجم.

فعلى حد قول رئيسة منظمة الصحة العالمية “هناك خطورة من عدم قدرة المنظمة على توقع تأثير الفيروس على الدول النامية، التي لا تتوافر بها الإمكانيات الصحية الملائمة لمواجهة المرض، نظراً لأن الأمراض العادية تتسبب لديها بحالات وفيات مرتفعة، ومن ثم ستكون الصورة أشد قتامة إذا انتشر الوباء بين هذه الدول الفقيرة”.

ولنتذكر أن معظم الوفيات مثلاً من الأنفلونزا الأسبانية كانت من بين فقراء الهنود المكدسين في إحيائهم الفقيرة، وحتى الآن ليس الوضع أفضل كثيراً عما كان منذ 90 عاما بالنسبة لأوضاع فقراء هذا العالم والمصريين من ضمنهم.

الحقيقة أن المصل المضاد و هو الحل العلمي الوحيد للوقاية من المرض، وهو الشيء الوحيد الذي تبخل به علينا حكومة رجال الأعمال، و ذلك بدعوى ارتفاع سعره، وفي الوقت الذي تتصارع فيه الدول لتصنيع أو على أقل تقدير شراء كمية كافية من الأمصال لمواطنيها نجد حكومتنا الرشيدة تنهال علينا عبر وسائل أعلامها بأضرار و مخاطر المصل المضاد، و أثاره الجانبية، وبالطبع تصريحات وزير الصحة الوردية بإصابة 16 مليون مصري بأنفلونزا الخنازير ووفاة 7 ملايين في حالة تفشي المرض.

ولكن بالرغم من كل شيء أعلن الجبلي أن مصر لديها مليون عبوة من مصل مكافحة أنفلونزا الخنازير، وقال “مازلنا في انتظار وصول دفعة أخرى تبدأ بوصول 80 ألف عبوة في أكتوبر. و السؤال هنا لأي فئة محظوظة من الــ80 مليون مصري ستصل هذه العبوات؟

الإجابة أيها القارئ الكريم لن تكون بعيدة عن ذهنك، و لعلك خمنتها منذ زمن، و بالطبع سيكون المصل بعيداً عن هؤلاء اللذين لا يتحملون تكلفته العالية. و لا يستطيعون تحمل تكلفة الدفاع عن حياتهم بعبوة دواء، أولئك اللذين يكدسون يوميا في المترو و الأتوبيسات في رحلتهم اليومية للبحث عن الرزق، هؤلاء اللذين يكدس أبنائهم في الفصول الحكومية الرطبة بعضهم فوق بعض. أولئك اللذين تعتل صحتهم من سوء التغذية، و الإنهاك المستمر، هؤلاء المكدسين في الأزقة و الحواري الضيقة البعيدة عن الشمس و التهوية الصحية.هم باختصار من سيحتاجون الدواء فعلا لأنهم الأكثر عرضة للإصابة بالعدوى، ولكن هناك شك أكيد في حصولهم على المصل، و لكنهم دوما بوسعهم انتزاعه.