المخطوطات الاقتصادية والفلسفية
- رأس المال
- ما أساس رأس المال، أي الملكية الخاصة لمنتجات عمل الغير؟
“لأنه إذا لم يكن رأس المال ذاته مجرد سرقة احتيال، فإنه مع هذا يتطلب معاونة التشريع لتقنين الوراثة” (ساي – المجلد الأول – ص 136 – الهامش) ([1]) .
كيف يصبح المرء مالكًا لأرصدة منتجة؟ كيف يصبح المرء مالكًا للمنتجات التي خلقت بواسطة هذه الأرصدة؟
يفضل القانون الوضعي (ساي – المجلد الثاني – ص 4).
ماذا يكتسب الإنسان برأس المال حين يرث ثروة كبيرة مثلاً؟
“فالشخص الذي يكتسب أو تؤول إليه ثروة كبيرة لا يكتسب أو يرث بالضرورة أي سلطة سياسية.. والقدرة التي يضفيها عليه هذا التملك فورًا وبشكل مباشر هي القدرة على الشراء، أنها قدر من السيطرة على كل العمل، أو على كل ناتج العمل، الذي يكون حينئذ في السوق” (آدم سميث “ثروة الأمم” – المجلد الأول ص 26 – 27).
وهكذا فأن رأس المال هو السلطة الحاكمة على العمل ومنتجاته. ويمتلك الرأسمالي هذه السلطة لا بحكم كفاءته الشخصية أو الإنسانية، وإنما من حيث هو مالك لرأس المال. أن قدرته هي القدرة الشرائية لرأسماله التي لا يستطع شيء أن يقف في وجهها.
وسنرى فيما بعد أولاً كيف يمارس الرأسمالي – عن طريق رأسماله – سلطته الحاكمة على العمل، بيد أننا سنرى بعد ذلك السلطة الحاكمة لرأس المال على الرأسمالي نفسه.
ما رأس المال؟
“قدر معين من العمل المختزن أو المدخر لاستخدامه” (المصدر السابق – المجلد الأول ص 295).
فرأس المال عمل مختزن.
- الأرصدة أو المخزون هو أي تراكم لمنتجات الأرض أو الصناعة. ولا يسمى المخزون رأسمالاً إلا حيثما يدر على مالكه دخلاً أو ربحًا.
(المصدر السابق – المجلد الأول ص 234).
- ربح رأس المال
أن ربح رأس المال أو كمية يختلف كلية عن أجور العمل. ويبدو هذا الاختلاف بطريقتين: في المقال الأول أن أرباح رأس المال تحددها كلية قيمة رأس المال المستخدم، رغم أن عمل التفتيش والإدارة بالنسبة لرؤوس أموال مختلفة قد يكون واحد. وفضلاً عن ذلك ففي المصانع الكبيرة قد يعهد بكل هذا العمل إلى كاتب رئيسي ما، لا يتناسب راتبه تناسبًا منتظمًا مع رأس المال الذي يشرف على إدارته. ورغم أن عمل المالك هنا يهبط إلى الصفر تقريبًا، فإنه رغم ذلك يطلب أرباحًا تتناسب مع رأسماله (المصدر السابق – المجلد الأول – ص 43).
ماذا يطلب الرأسمالي هذا التناسب بين الربح وبين رأس المال؟
فلن تكون له مصلحة في استخدام العمال، ما لم ينتظر مع بيع عملهم شيئًا أكثر مما يلزم لاستبدال المخزون الذي يقدمه كأجور، ولن تكون له مصلحة في استخدام رصيد أكبر وليس رصيدًا أقل ما لم يكن ربحه يتناسب مع اتساع الرصيد المستخدم. (المصدر السابق – ص 42).
وهكذا فإن الرأسمالي يحقق ربحًا أولاً من الأجور وثانيًا من المواد الأولية التي قدمها. فأي تناسب إذن بين الربح ورأس المال؟
وإذا كان من الصعب بالفعل أن تحدد المستوى المتوسط المعتاد للأجور في مكان معين في زمن معين، فإن من الأصعب أن نحدد ربح رأس المال. فالتغير في ثمن السلع التي يتعامل فيها الرأسمالي، وحسن حظ منافسيه وعملائه أو سوئه، وألف حادث آخر تتعرض له سلعة سواء في نقلها أو تخزينها – كلها تحدث تغيرًا كل يوم – بل يكاد يكون كل ساعة – في الربح (المصدر السابق ص 78 – 79). ولكن رغم إنه من المستحيل أن نحدد بدقة ما أرباح رأس المال فإننا نستطيع أن نكون فكرة عنها من الفائدة على النقود، فحيثما يمكن تحقيق الكثير من استخدام النقود، فحيثما يمكن تحقيق الكثير من استخدام النقود، يعطي الكثير للحصول على الحق في استخدامها، وحيثما لا تحقق إلا القليل، لا يعطي إلا القليل (المصدر السابق ص 79). والنسبة التي ينبغي أن تقوم بين معدل الفائدة العادي في السوق وبين معدل الربح الصافي تتغير مع ارتفاع الربح وهبوطه. فضعف الفائدة هو ما يعترف به التجار في بريطانيا العظمى باعتباره “Un profit honnete, modere, raisonnble-“ ([2]) وهي عبارة لا تعني أكثر من الربح الشائع المعتاد. (المصدر السابق ص 87).
فما أدنى معدل للربح، وما أعلى معدل؟
أن أدنى معدل للربح العادي لرؤوس الأموال ينبغي دائمًا أن يكون شيئًا أكثر مما هو ضروري لتعويض الخسائر العارضة التي يتعرض لها ل استخدام لرأس المال. وهذا الفائض هو وحده الربح الخالص أو الصافي. وينطبق نفس الشيء على أدنى معدل للفائدة (المصدر السابق ص 68).
وأقصى معدل يمكن أن ترتفع إليه الأرباح العادية هو ذلك الذي يستولى – من ثمن الجانب الأكبر من السلع – والسلعة الموردة إلى أدنى معدل، إلى مجرد احتياجات معيشة العامل أثناء عمله. فلا بد أن يغذى العامل بطريقة أو أخرى طيلة فترة الاحتياج إله للعمل، ويمكن أن يختفي ريع الأرض كلية، وعلى سبيل المثال: رجال شركة الهند الشرقية في البنغال (المصدر السابق ص 86 – 78).
وإلى جانب كل مزايا المنافسة المحدودة التي يمكن للرأسمالي أن يستغلها في هذه الحالة فإنه يستطيع أن يبقى سعر السوق أعلى من الثمن الطبيعي بوسائل لائقة تمامًا.
من ناحية بإخفاء الأسرار التجارية إذا كان السوق على مسافة بعيدة عن أولئك الذين يوردون إليها، أي بإخفاء التغير في السعر وارتفاعه عن المستوى الطبيعي. ولهذا الإخفاء نتيجة هي أن الرأسماليين الآخرين لا يتبعونه في استثمار رأسمالهم في هذا الفرع من الصناعة أو التجارة.
وكذلك أيضًا بإخفاء أسرار الصناعة الذي يمكن الرأسمالي من تقليل تكاليف الإنتاج، وتقديم سلعته بنفس أسعار منافسيه أو بأسعار أدنى مع الحصول على ربح أكبر (أليس الخداع بإخفاء الأسرار عملاً غير أخلاقي؟ صفقات البورصة). وفضلاً عن ذلك حيثما يكون الإنتاج قاصرًا على منطقة معينة (كما في حالة نبيذ نادر) وحيث لا يمكن إشباع الطلب الفعال أبدًا. وأخيرًا عن طريق الاحتكارات التي يمارسها أفراد أو شركات. فالسعر الاحتكاري هو أعلى سعر ممكن (المصدر السابق ص 53 – 54).
أسباب عارضة أخرى يمكن أن تزيد ربح رأس المال: أن اكتساب أقاليم جديدة أو فروع تجارية جديدة أكثيرًا ما يزيد ربح رؤوس الأموال حتى في بلد غنى، لأنه يسحب بعض رؤوس الأموال من فروع التجارة القديمة، ويقلل المنافسة، ويؤدي إلى تزويد السوق بسلع أقل، وعندئذ ترتفع أسعارها: ويستطيع أولئك الذي يتعاملون في هذه السلع أن يفترضوا بسعر فائدة أعلى (المصدر السابق ص 83).
وكلما زاد تشغيل سلعة ما – أي زاد تحولها إلى سلعة مصنوعة – زاد ذلك الجزء من الثمن الذي يتحول إلى أجور وربح بالنسبة للجزء الذي يتحول إلى ريع. ومع تقدم تصنيع سلعة ما، لا يزيد فحسب عدد الأرباح، بل أن كل ربح تال يزيد عن سابقه، لأن رأس المال الذي يستمد منه هذا الربح لا بد دائمًا أن يكون أكبر. فرأس المال الذي يستخدم عمال النسيج مثلاً لا بد دائمًا أن يكون أكبر من ذلك الذي يستخدم عمال الغزل، لأنه لا يحل فحسب محل هذا الرأسمال مع أرباحه بل يدفع إلى جانب ذلك أجور عمال النسيج، ولا بد أن تتناسب الأرباح دائمًا مع رأس المال. (المصدر السابق ص 45).
وهكذا فإن التقدم الذي يحققه العمل الإنساني في تحويل منتجات الطبيعة إلى منتجات مصنوعة للطبيعة لا تزيد أجور العمل، وإنما تزيد من ناحية عدد رؤوس الأموال التي تدر ربحًا، ومن ناحية أخرى حجم كل رأسمال تال بالمقارنة رأس المال السابق عليه.
وسنتحدث فيما بعد عن الميزة التي يحققها الرأسمالي من تقسيم العمل. إنه يجني ربحًا مزدوجًا – أولاً عن طريق تقسيم العمل، وثانيًا – بشكل عام – عن طريق التقدم الذي يحققه العمل الإنساني في الناتج الطبيعي. وكلما زاد النصيب الإنساني في سلعة ما زاد ربح رأس المال الميت.
ففي ذات المجتمع يكون المعدل المتوسط لأرباح رأس المال أقرب إلى نفس المستوى من أجور مختلف أنواع العمل (المصدر السابق ص 100). وفي مختلف استخدامات رأس المال يختلف معدل الربح مع تأكد أو عدم تأكد العائدات. والربح العادي لرأس المال وأن كان يرتفع مع المخاطرة لا يبدو أنه يرتفع دائمًا في تناسب معها. (المصدر السابق ص 99 – 100).
وغنى عن البيان أن الأرباح ترتفع كذلك إذا أصبحت وسائل التداول أقل نفقة أو أيسر في الحصول علها (العملات الورقية مثلاً).
- سيطرة رأس المال على العمل ودوافع الرأسمالي
الدافع الوحيد الذي يدفع صاحب أي رأس مال لاستخدامه أما في الزراعة أو الصناعات أو في فرع خاص من تجارة الجملة أو القطاعي هو اعتبار ربحه الخاص. ولا تدخل في اعتباره أبدًا كميات العمل الإنتاجي الذي قد يدفعه إلى الحركة، والقيم المختلفة التي قد يضيفها الناتج السنوي لأرض بلاده وعملها، وفقًا لما إذا كان يستخدم بطريقة أو أخرى من هذه الطرق (المصدر السابق ص 335).
وأفيد استخدام لرأس المال بالنسبة للرأسمالي هو الذي يدر له – عند تساوي المخاطر – أكبر ربح. وليس هذا الاستخدام دائمًا هو أفيد استخدام للمجتمع: فأفيد استخدام هو ذلك الذي يستخرج فائدة من قوى الطبيعة الإنتاجية (ساي المجلد الثاني – ص 130 – 131).
وخطط ومشاريع مستخدمي رأس المال تحدد وتوجه أهم عمليات العمل، والربح هو الهدف الذي تسعى إليه كل هذه الخطط والمشاريع. لكن معدل الربح لا يرتفع – كالريع والأجور – مع ازدهار المجتمع، ولا يهبط مع انحداره. بالعكس أنه بشكل طبيعي منخفض في البلاد الغنية ومرتفع في البلاد الفقيرة، وهو أعلى ما يكون في البلاد التي تجري بسرعة نحو الدمار. ومن هنا فإن مصلحة هذه الطبقة لا ترتبط بمصلحة المجتمع بنفس العلاقة التي ترتبط بها الطبقتان الآخريان… فالمصلحة الخاصة للذين يتعاملون في أي فرع خاص من فروع التجارة أو الصناعات تختلف دائمًا في بعض النواحي عن مصلحة الجمهور، بل أحيانًا ما تتعارض معها بشدة. فتوسع السوق وتضييق منافسة البائعين دائمًا في مصلحة المتعامل. أن هذه طبقة من الناس لا تتفق مصلحتها بالدقة أبدًا مع مصلحة المجتمع، طبقة من الناس لها بشكل عام مصلحة في خداع الجمهور وقهره (سميث – المجلد الأول – ص 231 – 232).
- تراكم رؤوس الأموال والمنافسة بين الرأسماليين
أن زيادة رؤوس الأموال – التي ترفع الأجور تميل إلى تخفيض ربح رأس المال بسبب المنافسة بين الرأسماليين (المصدر السابق ص 78).
“فإذا كان رأس المال الملازم لتجارة البقالة في مدينة معينة مثلاً مقسمًا بين بدالين مختلفين، فإن منافستهما ستتجه إلى أن تجعل كلاً منهما يبيع أرخص مما لو كان رأس المال في يد واحد فقط، وإذا كان مقسمًا بين عشرين فأن منافستهم ستكون أكبر، وفرصة اتحادهم مما لرفع السعر ستكون أقل بنفس الدرجة”.
ولما كنا نعرف بالفعل أن الأسعار الاحتكارية هي أعلى ما يمكن، ولما كانت مصلحة الرأسماليين حتى من وجهة النظر التي يتقاسمها عمومًا رجال الاقتصاد السياسي، تقف في تضاد وعداء مع المجتمع، ولما كانت زيادة الربح تؤثر كفائدة مركبة على ثمن السلعة (المصدر السابق ص 87 – 88)، فإنه ينتج عن ذلك أن الدفاع الوحيد ضد الرأسماليين من هو المنافسة، وهي تؤثر – وفقًا لشواهد الاقتصاد السياسي – تأثيرًا مفيدًا عن طريق رفع الأجور وتخفيض أثمان السلع لصالح الجمهور المستهلك.
لكن المنافسة ليست ممكنة إلا إذا تضاعفت رؤوس الأموال وغدت في أيد كثيرة. وتكوين كثير من رؤوس الأموال ليس ممكنًا إلا نتيجة لتراكم متعدد الجوانب لأن رأس المال لا يوجد إلا بالتراكم. والتراكم متعدد الجوانب يتحول بالضرورة إلى تراكم أحادي الجانب. والمنافسة بين رؤوس الأموال تزيد تراكم رؤوس الأموال.
والتراكم – حيث تسود الملكية الخاصة – هو تركيز رأس المال في أيدي قلة، أنه عمومًا نتيجة حتمية إذا تركت رؤوس الأموال تسير في مسارها الطبيعي، وخلال المنافسة بالتحديد يمهد الطريق4 لهذا الاتجاه الطبيعي لرأس المال.
ولقد قيل لنا أن ربح رأس المال يتناسب مع حجم رأس المال. ومن هنا فإن رأس المال الكبير يتراكم بسرعة أكبر من رأس المال الصغير بالنسبة لحجمه، حتى لو طرحنا جانبًا في الوقت الراهن المنافسة المتعمدة.
وبالتالي فأن تراكم رأس المال الكبيرة ينطلق بسرعة أكبر من رأس المال الصغير – بغض النظر عن المنافسة. ولكن فلنتابع هذه العملية إلى أبعد من ذلك.
مع ازدياد رؤوس الأموال تنخفض أرباحها بسبب المنافسة، ومن هنا فإن أول من يعاني من ذلك هو الرأسمالي الصغير.
وتزايد رؤوس الأموال وزيادة عدداها يفترضان مسبقًا ظرفًا من تقدم ثروة البلاد.
“وفي بلد حقق اكتمال ثرواته… وإذا يكون المعدل العادي للربح الصافي صغيرًا للغاية فإن معدل الفائدة العادي في السوق الذي يستطيع هذا الربح تحمله سيكون منخفضًا إلى حد يجعل من المستحيل أن يعيش على فائدة نقوده سوى أغنى الناس، وسيجبر كل ذوي الثروات الصغيرة أو المتوسطة على أن يشرفوا بأنفسهم على استخدام أموالهم” (المصدر السابق ص 86).
وهذا هو الوضع العزيز للغاية على قلب الاقتصاد السياسي.
“ومن هنا فإن النسبة بين رأس المال والدخل تحدد على ما يبدو في كل مكان النسبة بين الصناعة والخمول، فحيثما يسود رأس المال تسود الصناعة، وحيثما يسود الدخل يسود الخمول” (المصدر السابق ص 301).
فماذا عن استخدام رأس المال في هذا الظرف من المنافسة المتزايدة؟
“مع تزايد رأس المال ينمو بالتدريج مقدرا رأس المال الذي يمكن أن يفرض بفائدة أكثر فأكثر، ومع تزايد مقدار رأس المال الذي يمكن أن يقرض بفائدة… تتناقص الفائدة… (1) لأن “سعر السوق بالنسبة للأشياء يتناقص بشكل عام مع زيادة كميتها..” و (2) لأنه مع زيادة رؤوس الأموال في أي بلد “يصبح من الصعب أكثر فأكثر بالتدريج أن نجد داخل البلاد أسلوبًا مريحًا لاستخدام أي رأسمال جديد. وبالتالي تثور منافسة بين مختلف رؤوس الأموال، ويحاول صاحب أحد رؤوس الأموال أن يستحوذ على ذلك الاستخدام الذي يحتله آخر. لكنه في أغلب الحالات لا يستطيع أن يأمل في إزاحة هذا الآخر عن هذا الاستخدام بوسيلة أخرى غير التعامل بشرط أكثر معقولية. فلا يجب عليه فحسب أن يبيع ما يتعامل فيه بثمن أرخص إلى حد ما بل يجب عليه كذلك أحيانًا – لكي يستطيع أن يحصل عليه ليبعه – أن يشتري بثمن أعلى. أن الطلب على العمل الإنتاجي نتيجة زيادة الأرصدة المخصصة لصيانته – يتزايد يومًا بعد يوم. ويجد العمال عملاً بسهولة، لكن ملاك رأس المال يجدون من الصعب عليهم أن يحصلوا على عمال يستخدمونهم وتؤدي منافستهم إلى زيادة أجور العمل، وتهبط بأرباح رأس المال” (المصدر السابق ص 316).
وهكذا فأن أمام الرأسمالي الصغير الخيار: (1) بين أن يستهلك رأسماله لأنه لم يعد يستطيع أن يعيش على الفائدة – وبذلك يكف عن أن يكون رأسماليًا أو: (2) أن يقيم بنفسه عملاً، ويبيع سلعته بثمن أرخص، ويشتري بثمن أعلى من الرأسماليين الأغنى، ويدفع أجورًا أكبر – وبذلك يدمر نفسه لأن سعر السوق يكون بالفعل منخفضًا جدًا نتيجة لما افترضناه من منافسة حادة. غير أنه إذا كان الرأسمالي الكبير يريد أن يزيح الرأسمالي الأصغر، فإن لديه في مواجهته كل المزايا التي للرأسمالي في مواجهة العامل. فالحجم الأكبر لرأسماله يعوضه عن الأرباح الأقل، بل أنه يستطيع أن يتحمل خسائر مؤقتة حتى يدمر الرأسمالي الصغير، ويجد نفسه متحررًا من هذه المنافسة. وبهذه الطريقة يراكم أرباح الرأسمالي الصغير.
وفضلاً عن ذلك: فأن الرأسمالي الكبير يشتري دائمًا بسعر أرخص من الرأسمالي الصغير لأنه يشتري كميات أكبر. ومن هنا فإنه يستطيع أن يتحمل البيع بسعر أرخص.
ولكن إذا كان الهبوط في سعر الفائدة يحول الرأسماليين المتوسطين من أصحاب ريع إلى رجال أعمال، فإن الزيادة في رؤوس الأموال العاملة وما ينتج عن ذلك من انخفاض في الربح يؤدي بالعكس إلى هبوط في سعر الفائدة.
“فحين.. تتناقص.. الأرباح التي يمكن الحصول عليها من استخدام رأس المال.. فأن الثمن الذي يمكن أن يدفع لاستخدامه.. لابد بالضرورة أن يتناقص معها” (المصدر السابق ص 316).
“وإذا تزايدت الثروات والتحسين والسكان هبطت الفائدة” وبالتالي ربح رؤوس الأموال “وبعد أن تناقصت هذه فأن رأس المال قد لا يستمر في الزيادة فحسب بل يزيد بسرعة أكبر كثيرًا من ذي قبل.. فرأسمال كبير – وإن يكن بأرباح صغيرة – يزيد عمومًا بسرعة أكبر من رأس مال صغير بأرباح كبيرة. وكما يقول المثل فإن المال يصنع المال” (المصدر السابق ص 83).
غير أنه إذا كانت تواجه هذا الرأسمال الكبير رؤوس أموال صغيرة بأرباح صغيرة – كما هو الحال في ظرف المنافسة الحادة الذي افترضناه – فإنه يسحقها تمامًا. والنتيجة الضرورية لهذا المنافسة هي التدهور العام للسلع والغش والتقليد والتسمم الشامل الذي يبدو واضحًا في المدن الكبيرة.
وفضلاً عن ذلك فإن ثمة ظرفًا هامًا في المنافسة بين رؤوس الأموال الكبيرة والصغيرة هو العلاقة بين رأس المال الثابت ورأس المال المتداول ([3]) .
“ورأس المال المتداول هو رأس المال الذي يستخدم في توفير المؤن في الصناعة أو التجارة. ورأس المال الذي يستخدم بهذه الطريقة لا يعود بعائد أو ربح على مستخدمة طالما بقى في حيازته أو أستمر في نفس الشكل. فهو باستمرار يغادره في شكل معين لكي يعود إليه في شكل آخر، وعن طريق مثل هذا التداول وحده، أو مثل هذه المبادلات والتحولات المتعاقبة، يستطيع أن يدر أي ربح، ورأس المال الثابت يتألف من رأس المال الذي يستثمر في تحسين الأرض، وفي شراء الآلات المفيدة، ومعدات التجارة وما شابه ذلك” (المصدر السابق ص 243 – 244) – وقد أختصر ماركس هذه الفقرة عند اقتباسه لها).
“وكل توفير في نفقات صيانة رأس المال الثابت هو تحسين في الدخل الصافي للمجتمع. ومجموع رأسمال صاحب أي عمل ينقسم بالضرورة بين رأسماله الثابت ورأسماله المتداول. وإذا بقى كل رأسماله كما هو فكلما كان أحد القسمين صغيرًا كان الآخر كبيرًا بالضرورة. ورأس المال المتداول هو الذي يوفر المواد وأجور العمل ويحرك الصناعة. ومن هنا فكل توفير في نفقة صيانة رأس المال الثابت لا يقلل قوة العمل الإنتاجية لابد أن يزيد الأرصدة التي تحرك الصناعة” (المصدر السابق ص 257).
وواضح منذ البداية أن العلاقة بين رأس المال الثابت ورأس المال المتداول في صالح الرأسمالي الكبير أكثر مما هي بالنسبة للرأسمالي الصغير. فرأس المال الثابت الذي يحتاجه مالك بنك كبير جدًا زيادة عما يحتاجه مالك بنك صغير جدًا لا يؤبه له. فرأسمالهما الثابت لا يزيد عن الكتب. ومعدات مالك الأرض الأكبر لا تزيد بما يتناسب مع حجم ضيعته وبالمثل فإن الثقة التي يتمتع بها الرأسمالي الكبير بالمقارنة بالرأسمالي الصغير تعني بالنسبة له توفيرًا أكبر في رأس المال الثابت – أي في كمية النقود السائلة التي ينبغي أن تكون دائمًا في يده. وأخيرًا فإن من الواضح أنه حيثما وصل العمل الصناعي إلى مستوى مرتفع، وحيثما أصبح بالتالي كل العمل اليدوي تقريبًا عملاً مصنعيًا، فإن كل رأسمال الرأسمالي الصغير لا يمكن لكي يزوده حتى برأس المال الثابت اللازم له ([4]) .
وتراكم رؤوس الأموال الكبيرة يصحبه تركيز وتبسيط مماثلان لرأس المال الثابت بالنسبة للرأسماليين الأصغر. فالرأسمالي الكبير يقيم لنفسه نوعًا من التنظيم لأدوات العمل.
“وبالمثل ففي مجال الصناعة فأن كل مصنع ومعمل هو تجميع أكبر شمولاً لثروة مادية أكبر مع القدرات الفكرية ومهارات الفنية المتنوعة يخدم غرضًا إنتاجيًا مشتركًا.. وحيثما يحافظ التشريع على ملكية الأرض في وحدات كبيرة فإن فائض السكان المتزايدين يتدفق إلى المهن، ومن هنا ففي ميدان الصناعة أساسًا – كما حدث في بريطانيا العظمى – يتجمع البروليتاريون في أعداد كبيرة. أما حيثما يسمح القانون بالتقسيم المستمر للأرض فأن عدد صغار الملاك المثقلين بالديون يزيد كما في فرنسا، واستمرار عملية التمزيق يلقيهم في طبقة المحتاجين والساخطين. وحين يصل هذا التمزيق وهذه المديونية إلى درجة أعلى فأن ملكية الأرض الكبيرة تبتلع من جديد الملكية “الصغيرة، تمامًا كما تدمر الصناعة الكبيرة الصناعة الصغيرة. وإذ تشكل من جديد ضياع كبيرة فإن أعداد كبيرة من العمال الذين لا يمتلكون شيئًا وغير اللازمين لزراعة الأرض يدفعون من جديد إلى الصناعة” (شولز “Bewegung der Produktion” “حركة الإنتاج – المترجم” – ص 58 – 59).
“والسلع من نوع معين يتغير طابعها نتيجة للتغيرات في أسلوب الإنتاج، وبشكل خاص نتيجة لاستخدام الآلات. فعن طريق استبعاد القوة البشرية وحده أصبح من الممكن أن تعزل من رطل من القطن قيمته ثلاثة شلنات وثمانية بنسات 350 (شلة) خيط يبلغ طولها 167 ميلاً انجليزيًا (36 ميلاً ألمانيًا) وتبلغ قيمتها التجارية 25 جنيهًا” (المصدر السابق ص 62).
“وفي المتوسط انخفضت أثمان المنسوجات القطنية في انجلترا خلال الخمسة والأربعين عامًا الماضية بنسبة ، ووفقًا لتقديرات مارشال فأن نفس الكمية من البضائع المصنوعة التي كان يدفع مقابلها 16 شلنا في عام 1814، تباع الآن بشلن وعشرة بنسات. ويزيد رخص المنتجات الصناعية من توسع كل من الاستهلاك الداخلي والسوق الخارجي، ونتيجة لذلك فإن عدد عمال القطن في بريطانيا العظمى لم ينخفض بعد إدخال الآلات بل إنه – أكثر من ذلك – زاد من أربعين ألفًا إلى مليون ونصف مليون. أما عن دخول المنظمين الصناعيين (Industrial entrepreneurs) والعمال، فإن المنافسة المتزايدة بين ملاك المصانع أدت بالضرورة إلى انخفاض أرباحهم بالنسبة لكمية المنتجات التي يعرضونها. ففي السنوات من 1820 إلى 1833 هبط الربح الإجمالي للصناعة في مانشستر بالنسبة لقطعة نسيج من القطن من أربعة سلنات 2/11 نبس إلى شلن وتسعة بنسات. ولكن تعويضًا لهذه الخسارة زاد حجم الصناعة بنفس المقدار. ونتيجة ذلك هي… إن فروعًا منفصلة من الصناعة تمارس فائض إنتاج إلى حد ما، وأن إفلاسات عديدة تحدث ويترتب عليها تأرجح الثورة وتذبذبها دون استقرار داخل طبقة الرأسماليين وأصحاب العمل وبذلك تقذف إلى صفوف البروليتاريا بعض أولئك الذي دمروا اقتصاديًا وأنه كثيرًا ما يصبح الإغلاق أو تخفيض العمالة فجأة أمرًا ضروريًا، وهو ما تشعر طبقة العمال بالأجر دائمًا بآثاره شعورًا مريرًا” (المصدر السابق ص 63).
“أن تأجير المرء لعمله هو بداية استبعاده. وتأجيره لمواد العمل هو إقرار حريته.. والعمل هو الإنسان، لكن مواد العمل – من الناحية الأخرى – لا تحوي شيئًا إنسانيًا” (بيكور “النظرية الاجتماعية الخ” ص 411 – 412).
“وعنصر المادة الذي لا يستطيع إطلاقًا أن يخلق ثروة دون العنصر الآخر – العمل – يكتسب فضيلة سحرية هي أن يكون خصبًا بالنسبة لهم ([5]) وكأنهم بفعلهم هم قد وضعوا فيه هذا العنصر الذي لا غنى عنه” (المصدر السابق).
“وإذا افترضنا أن العمل اليومي لعامل ما يجلب له في المتوسط أربعمائة فرنك سنويًا، وأن هذا المبلغ يكفي كل بالغ لكي يعيش لونًا من الحياة الخشنة، فأن أي مالك يحصل على 2000 فرنك كفائدة أو ريع من مزرعة أو منزل الخ.. ويجبر بشكل غير مباشر خمسة رجال على أن يعملوا له، ودخل يبلغ مائة ألف فرنك يمثل عمل مائتين وخمسين رجلاً، ودخل يبلغ مليون فرنك يمثل عمل ألفين وخمسمائة رجل (وإذن فدخل يبلغ ثلاثمائة مليون (لويس فيليب) يمثل عمل سبعمائة وخمسين ألف عامل) (المرجع السابق ص 412 – 413).
“إن القانون الإنساني قد أعطى الملاك حق الاستخدام وإساءة الاستخدام – أي الحق أن يفعلوا ما يشاءون بمواد العمل.. والقانون لا يلزمهم بأي حال بأن يوفروا عملاً لمن لا يملكون عندما يريدون وفي كل الأوقات، أو أن يدفعوا لهم دائمًا أجرًا كافيًا الخ”. (المرجع السابق ص 413). “حرية مطلقة بشأن طبيعة الإنتاج وكميته ونوعيته وملاءمته، وبشأن استخدام الثروة والتصرف فيها، والسيطرة الكاملة على مواد كل العمل. وكل فرد حر في أن يبادل ما يملكه على هواه، دون اعتبار لشيء آخر غير مصلحته كفرد” (المرجع السابق ص 413).
“وليست المنافسة إلا لتعبير عن حرية التبادل، وهي بذاتها النتيجة المباشرة والمنطقية لحق الفرد في استخدام وإساءة الاستخدام، وحرية التبادل، والمنافسة التحكمية – هذه اللحظات الاقتصادية التي تشكل وحدة واحدة، تؤدي إلى النتائج التالية: كل أمرئ ينتج ما يريد وكما يريد وحين يريد وحيث يريد، ينتج جيدًا أو سيئًا، ينتج أكثر من اللازم أو أقل مما يكفي، ينتج قبل الأوان أو بعد الأوان، بسعر مرتفع للغاية أو منخفض للغاية، ولا أحد يعرف ما إذا كان سيبيع، وكيف سيبيع، ومتى سيبيع، وأين سيبيع، ولمن سيبيع، ونفس الأمر بالنسبة لمشترياته. والمنتج يجهل احتياجاته وموارده، يجهل الطلب والعرض. أنه يبيع حين يريد، حين يستطيع، وحيث يريد، ولمن يريد، وبالسعر الذي يريد. وهو يشتري نفس الطريقة. وهو في هذا كله دائمًا لعبة المصادفة، وعبد قانون الأقوى، الأقل تعجلاً، والأكثر غنى.. وفي حين تكون هناك ندرة في مكان ما، نجد الأغراق والتبديد في مكان آخر، وفي حين يبيع منتج الكثير أو بسعر مرتفع للغاية وبربح هائل فأن آخر لا يبيع شيئًا أو يبيع بخسارة.ز أن العرض لا يعرف الطلب، والطلب لا يعرف العرض. فأنت تنتج – استنادًا إلى ذوق أو طراز يسود بين الجمهور المستهلك. ولكن ما أن تستعد لتقديم سلعتك، حتى تكون النزوة قد انفضت وتحولت إلى نوع آخر من المنتجات.. والنتائج الحتمية هي: وقوع الافلاسات بصورة دائمة وشاملة، إساءة التقدير، الخراب المفاجئ والثروات غير المتوقعة، الأزمات التجارية، البطالة، حالات الاغراق أو العجز الدورية، عدم استقرار الأجور والأرباح وتناقصها، الخسارة أو التبديد الهائل للثروة والزمن والجهد في حلبة المنافسة العنيفة” (المصدر السابق ص 414 – 416).
ريكاردو في كتابه (ريع الأرض): ليست الأمم سوى ورش إنتاج، والإنسان آلة للاستهلاك والإنتاج، والحياة الإنسانية نوع من رأس المال، والقوانين الاقتصادية تحكم العالم بشكل أعمى. والناس عند ريكاردو ليسوا شيئًا، أما الناتج فهو كل شيء. وفي الفصل السادس والعشرين من الترجمة الفرنسية يقول “فبالنسبة لفرد لديه رأس مال يبلغ عشرين ألف جنيه وتبلغ أرباحه ألفي جنيه سنويًا لا يهمه ما إذا كان رأسماله سيستخدم مائة رجل أم ألفًا.. أليست المصلحة الحقيقة للأمة على هذا النحو؟ فطالما ظل دخلها الصافي – ريعها وأرباحها – كما هو فلا يهم ما إذا كانت الأمة تتألف من عشرة ملايين أو أثنى عشر مليونًا من السكان”. ويقول سيسموندي (المجلد الثاني ص 231). “والواقع أنه لم يعد هناك ما نرغب فيه إلا أن يدير الملك – الذي يعيش وحده تمامًا في الجزيرة – باستمرار ذراع آلة تحرك أناسًا آليين لكي يقوموا بكل العمل في انجلترا” ([6]) .
“والسيد الذي يشتري عمل العامل بسعر منخفض بحيث لا يكاد يكفي أشد احتياجات العمل ضروري ليس مسئولاً عن عدم كفاية الآجر ولا عن مدة العمل مفرطة الطول. فهو نفسه يخضع للقانون الذي يفرضه فالبؤس لا يسببه البشر بقدر ما تسببه قوة الأشياء” (بوريه – مصدر سابق ص 82).
“وسكان أنحاء كثيرة من بريطانيا ليس لديهم رأسمال كاف لتحسين أرضهم وزراعتها. وصوف المقاطعات الجنوبية في اسكتلندة ينقل الجزء الأكبر منه عبر طرق سيئة للغاية ليصنع في يوركشاير لعدم توفر رأس المال اللازم لتصنيعه ف مكانه. وهناك كثير من المدن الصناعية الصغيرة في بريطانيا ليس لدى سكانها رأسمال كاف لنقل ناتج صناعتهم لتلك الأسواق البعيدة التي تجد فيها طلبًا وأستهلاكًا، وإذا كان بينهم تجار فهم ليسوا أكثر من وكلاء لتجار أكثر غنى يقيمون في المدن التجارية الأكبر” (سميث – المصدر السابق – المجلد الأول ص 326 – 327).
“والناتج السنوي للأرض والعمل في أي أمة لا يمكن أن تزيد قيمته بوسيلة أخرى غير زيادة عدد عمالها الإنتاجيين أو زيادة القدرات الإنتاجية لهؤلاء العمال المستخدمين من قبل.. وفي أي الحالين يلزم دائمًا تقريبًا رأسمال إضافي” (المصدر السابق ص 306 – 307).
“ولما كان تراكم رأس المال لا بد – بحكم طبيعة الأشياء – أن يكون سابقًا لتقسيم العمل، فأن العمل لا يمكن أن يقسم أكثر فأكثر إلا بقدر ما يكون رأس المال قد تراكم من قبل أكثر فأكثر. وكمية المواد التي يستطيع نفس العدد من الناس تشغيلها يزيد بنسبة كبيرة من ازدياد تقسيم العمل، ولما كانت عمليات كل عامل تهبط بالتدريج إلى درجة أكبر من البساطة فأن أنواعًا من الآلات الجديدة تخترع لتسهيل هذه العمليات واختصارها. وهكذا فمع تقدم تقسيم العمل لا بد – من أجل توفير عمل دائم لنفس العدد من العمال – أن تكون قد تراكمت من قبل كمية مساوية من المؤن ورصيد أكبر من الأدوات والمواد مما كان ضروريًا في وضع أكثر بدائية. لكن عدد العمال في كل فرع من فروع العمل يزيد عمومًا مع تقسيم العمل في هذا الفرع، أو بالأحرى أن الزيادة في عددهم هي التي تمكنهم من أن يرتبوا أنفسهم ويقسموها بهذه الطريقة” (المصدر السابق ص 241 – 242).
“وكما أن سبق تراكم رأس المال ضروري لإجراء هذا التحسن الكبير في القدرات الإنتاجية للعمل فإن ذلك التراكم يؤدي بشكل طبيعي إلى هذا التحسن. فالشخص الذي يستخدم رأسماله في صيانة العمل يريد بالضرورة أن يستخدمه بطريقة تنتج أكبر كمية ممكنة من العمل. ومن هنا فإنه يسعى في نفس الوقت إلى أن يقيم بين عماله أكمل توزيع للعمالة وإلى أن يزودهم بأفضل الآلات التي يستطيع أن يبتدعها أو يطيق شراءها. وتتناسب قدراته في هذين الجانبين عمومًا مع مقدار رأسماله، أو عدد العمال الذي يستطيع رأسماله استخدامهم. ومن هنا فأن مقدار الصناعة لا يزيد فحسب في كل بلد مع ازدياد رأس المال الذي يستخدمه، بل أنه نتيجة لهذه الزيادة فأن نفس المقدار من الصناعة ينتج قدرًا أكبر من العمل” (المصدر السابق ص 242) ومن هنا يأتي فائض الإنتاج.
“تجميعات أكثر شمولاً للقوى الإنتاجية.. في الصناعة والتجارة بتوحيد قوى طبيعية وبشرية أكثر تعددًا وتنوعًا في المنشآت الكبيرة. وهنا وهناك اتحادات أوثق بين فروع الإنتاج الرئيسية. وهكذا سيحاول كبار الصناعيين أن يتملكوا كذلك ضياعًا كبيرة لكي يستقلوا عن الآخرين على الأقل بالنسبة لجزء من المواد الأولية الأزمة لصناعاتهم، أو يتوجهوا إلى التجارة في ارتباط مع منشآتهم الصناعية لا من أجل بيع مصنوعاتهم فحسب، بل كذلك لشراء أنواع أخرى من المنتجات وبيعها لعمالهم. وفي انجلترا حيث يستخدم مالك مصنع واحد أحيانًا ما بين عشرة آلاف وأثنى عشر ألف عامل.. فليس أمرًا غير شائع أن نجد مثل هذه التجميعات لمختلف فروع الإنتاج التي يسطر عليها ذهن واحد، مثل هذه الدول الصغيرة أو المقاطعات داخل الدولة. وهكذا فإن ملاك المناجم في منطقة برمنجهام قد أستولوا أخيرًا على كل عملية إنتاج الحديد التي كانت من قبل موزعة بين مختلف المنظمين والملاك. أنظر “Der Bergmannische Distrukt bei Birmingham” في “Deutsche Vierteljahrsschrift” “العدد 3 – 1838” ([7]) وأخيرًا ففي المنشآت المساهمة الكبرى التي أصحبت كثيرة العدد نرى تجميعات بعيدة المدى بين الموارد المالية لكثير من المساهمين وبين المعرفة والمهارات العلمية والفنية لآخرين يعهد اليهم بتنفيذ العمل. وهكذا يتمكن الرأسماليون من استخدام مدخراتهم بطرق أكثر تنوعًا، بل من استخدامها في نفس الوقت في الزراعة والصناعة والتجارة، ونتيجة لذلك تصبح مصلحتهم أكثر شمولاً، وتقل تختفي التناقضات بين المصالح الزراعية والصناعية والتجارية. لكن هذه الإمكانية المتزايدة لاستخدام رأس المال بصورة مربحة بأكثر الطرق تنوعًا لا يمكن ألا أن تضاعف التناقض العدائي بين الطبقات المالكة والطبقات غير المالكة” (شولتز – مصدر سابق ص 40 – 41).
الأرباح الهائلة التي يحققها ملاك المساكن من البؤس. فإيجار المساكن يتناسب تناسبًا عكسيًا مع البؤس الصناعي (كلما أنخفض مستوى المعيشة ارتفع إيجار المسكن).
ونفس الشيء بالنسبة للفائدة التي تجني من رذائل البروليتاريين الذي أصابهم الدمار (البغاء، السكر، القرض بالرهن). فتراكم رؤوس الأموال يزيد والمنافسة بينهما تقل حين يتحد رأس المال وملكية الأرض في نفس اليد، وكذلك حين يتمكن رأس المال بحكم حجمه من الجمع بين مختلف فروع الإنتاج اللامبالاة بالناس. أوراق يانصيب سميث العشرون ([8])
الدخل الصافي والإجمالي عند ساي
***
([1] ) جان بابتيست ساي “Traite deconomie politique” – الطبعة الثالثة من جزاين – باريس 1817 – الناشر.
([2] ) “ربحًا شريفًا معتدلاً معقولاً” – المترجم – وهي بالانجليزية عند سميث – الناشر.
([3] ) يستخدم ماركس هنا التعبير الفرنسي.
“Capital fixe” و”Capital circulant” الناشر.
([4] ) أضاف ماركس هنا الملحوظة التالية بالفرنسية “وكما هو معروف فإن الزراعة الكبيرة لا توفر العمل عادة إلا لعدد صغير من الأيدي” – الناشر.
([5] ) بالنسبة لمن يملكون هذه المادة، هذا الموضوع نعمل – الناشر.
([6] ) هذه الفقرة كلها (بما فيها الاقتباسات المأخوذة عن كتاب ريكاردو “مبادئ الاقتصادي السياسي والضرائب” وعن كتاب سيسموندي “مبادئ جديدة للاقتصاد السياسي” مقتبسة عن كتاب أ. بوريه “عن بؤس الطبقات العاملة في انجلترا وفرنسا” – المجلد الأول – باريس – 1840 – ص 6 – 7 – الناشر.
([7] ) “منطقة مناجم برمنجهام” في “المجلة الفصلية الألمانية” العدد 3 – عام 1838. المترجم.
([8] ) يشير ماركس هنا إلى الفقرة التالية “ففي يانصيب نزيه تمامًا فأن أولئك الذين يحصلون على الجوائز ينبغي أن يكسبوا كل ما يخسره من يسحبون الأوراق الخاسرة. وفي مهنة يفشل فيها عشرون وينجح واحد فأن هذا الواحد ينبغي أن يكسب كل ما كان سيكسبه هؤلاء العشرون غير الناجحين” (سميث – مصدر سابق – المجلد الأول الجزء الأول ص 94).