بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

مهمات الشبيبة الشيوعية

مهمات الشبيبة الشيوعية

فلاديمير لينين
2 أكتوبر 1920

أيها الرفاق أود اليوم أن أحدثكم عن المهمات الاساسية الموضوعة أمام الشبيبة الشيوعية وبالتالي عما يجب أن تكون علية بوجه عام منظمات الشباب في الجمهورية الاشتراكية. يجدر بنا أن نتوقف عند هذة المسألة خاصة وأنه يمكن القول بمعنى ما أن المهمة الحقيقية القاضية بإنشاء المجتمع الشيوعي ستقع بالضبط على عاتق الشباب. فواضح أن جيل الشغيلة الذي تربى في المجتمع الرأسمالي قادر في أحسن الحالات على إلغاء أسس النظام الرأسمالي القديم القائم على الاستثمار وأكثر ما يمكنه القيام به أن يحل مسألة انشاء نظام اجتماعي من شأنه أن يساعد البروليتاريا والطبقات الكادحة في الاحتفاظ بالسلطة بايديها وفي إرساء قاعدة متينة لا يستطيع أن يبني عليها غير الجيل الذي يبدأ العمل في ظروف جديدة في وضع لا وجود فيه لعلاقات الاستثمار بين الناس. وإذ اتناول مسألة مهمات الشباب من وجهة النظر هذه يترتب علي أن أقول إن المهمات الموضوعة أمام الشباب بوجه عام وأمام اتحادات الشبيبة الشيوعية وجميع المنظمات الأخرى بوجه خاص يمكن تحديدها بكلمة واحدة -تعلم -.

بديهي أن ليست تلك سوى “كلمة” أن هذه الكلمة لا تجيب على مسألتين رئيستين هما من أهم المسائل : ماذا ينبغي أن نتعلم وكيف؟ والحال إن النقطة الاساسية هنا هي أنه مع تحول المجتمع الرأسمالي القديم لايمكن أن يظل تعليم الأجيال الجديدة التي ستنشا المجتمع الشيوعي وتربيتها وتثقيفها كما كانت علية فيما مضى. إن نقطة الانطلاق في تعليم الشباب وتثقيفه وتربيته ينبغي أن تكون المواد التي تركها لنا المجتمع القديم. فليس بوسعنا أن نبني الشيوعية إلا مع مجمل المعارف والمنظمات والمؤسسات إلا برصيد القوى البشرية والموارد التي بقيت لنا عن المجتمع القديم ولن نتمكن من بلوغ ما نرمي إليه وهو أن تؤدي جهود الجيل الجديد إلى إنشاء مجتمع لا يشبه المجتمع القديم أي إلى إنشاء المجتمع الشيوعي. إلا بتحويل تعليم الشباب وتنظيمه وترتيبه تحويلا جذريا. ولهذا ينبغي لنا أن نبحث بالتفصيل مسألة معرفة ما ينبغي أن نعلم الشباب وكيف ينبغي لهم أن يتعلموا. إذا شائوا فعلا أن يكونوا جديرين باسم الشباب الشيوعي. وكيف ينبغي اعدادهم لكي يكونوا قادرين على انجاز المهمة التي بدئنا بها وتكليلها بالنجاح. يجب علي أن نقول إن الجواب الذي يتبادر لأول وهلة إلى الذهن على ما يخيل والذي يبدوا طبيعيا أكثر من غيرة هو أنه ينبغي على اتحاد الشبيبة وبوجه عام على كل الشباب الذين يريدون الانتقال إلى الشيوعية أن يتعلموا الشيوعية.

ولكن هذا الجواب ” تعلم الشيوعية ” ذو طابع عام جدا فماذا ينبغي لنا اذن لكي نتعلم الشيوعية؟ ماذا ينبغي لنا أن نختار من مجمل المعارف العامة لكي نكتسب معرفة الشيوعية؟ في هذا المضمار تهددنا جملة كاملة من الاخطار التي تبدوا في أغلب الاحيان ما إن يساء وضع مهمة تعلم الشيوعية أو حين تفهم وحيدة الطرف إلى حد كبير.

وطبيعي أن الفكرة التي تمر بالخاطر من الوهلة الأولى هي أن تعلم الشيوعية يعني اكتساب مجمل المعارف الواردة في الكتب والكراريس والمؤلفات الشيوعية ولكن مثل هذه التعريف لدراسة الشيوعية غير محكم أبدا وغير كاف. فلو كانت دراسة الشيوعية تنحصر في استيعاب ماهو وارد في الكتب والكراريس والمؤلفات الشيوعية لانتجنا بفائق السهولة شُراحاً سطحيين شيوعيين أو مدعين مغرورين شيوعيين. الأمر الذي يسيئ إلينا في غالب الأحيان ويلحق بنا الأذى لأن هؤلاء القوم الذين تعلموا وقرئوا ما في الكتب والكراريس الشيوعية يظهرون عاجزين عن تنسيق جميع هذه المعارف ولا يستطيعون التصرف والعمل كما تقتضيه الشيوعية فعلا.

من أفدح الشرور ومن أسوا المصائب التي خلفها لنا المجتمع الرأسمالي القديم القطيعة التامة بين الكتاب والحياة العملية إذ كانت لدينا كتب تعرض كل شي على خير مايرام والحال إن هذه الكتب لم تكن في معظم الأوقات سوى رياء وكذب كريهين يعطيان صورة كاذبة عن المجتمع الرأسمالي.

ولهذا كان من فادح الخطا الاقتصار على استيعاب ماهو وارد في الكتب حول الشيوعية. فإن خطاباتنا ومقالاتنا ليست اليوم مجرد تكرار لما كان يقال فيما مضى عن الشيوعية. إذ أن خطاباتنا ومقالاتنا مرتبطة بعملنا اليومي بالعمل في جميع الميادين. فبدون عمل بدون نضال ليس ثمة اطلاقا أية قيمة للمعرفة التي تستسقي عن الشيوعية من الكتب والمؤلفات الشيوعية. إذ إنها ليست سوى استمرار للقطيعة السابقة بين النظرية التي هي اكرة سمة بين سمات المجتمع البرجوازي القديم.

وقد يشتد الخطر أيضا إذا أقتصرنا على استيعاب الشعارات الشيوعية فقط. فإذا لم ندرك هذا الخطر في حينها وإذا لم ترم جهودنا كلها إلى إجتنابه فإن وجود نصف مليون أو مليون من الشبان والفتيات الذين سيسمون أنفسهم شيوعيين بعد دراسة كهذه للشيوعية لن يؤدي إلا إلى الحاق ضرر كبير بقضية الشيوعية. وإذ ذاك يوضع أمامنا السؤال التالي كيف ينبغي لنا إذ أن نوفق كل ذلك لكي نعلم الشيوعية؟ ماذا ينبغي علينا أن نأخذه من المدرسة القديمة. من العلم القديم؟ لقد كانت المدرسة القديمة تعلن أنها تريد إنشاء أناس مثقفين ثقافة شاملة وأنها تدرس العلوم بوجه عام بيد أننا نعرف أن ذلك كان مجرد كذب إذ أن المجتمع كلة كان مبنيا وقائما على انقسام بين الناس إلى طبقات إلى مستثمرين ومظلومين مضطهدين وكان طبيعيا ألا تمنح المدرسة القديمة المعارف إلا لأبناء البرجوازية لأنها كانت مفعمة تماما بالروح الطبقي. وكل كلمة من كلماتها كانت مكيفة وفقا لمصالح البرجوازية. وفي هذه المدارس كانوا يهتمون لا بتربية الجيل الفتي من العمال والفلاحين بل بإعداد في مصلحة هذه البرجوازية نفسها. كانوا يربونهم بصورة يجعلون منهم خدما للبرجوازية يستجيبون لمتطلاباتها قادرين على جني الارباح لها دون اقلاق راحتها وازعاج بطالتها ولهذا نبذنا المدرسة القديمة ولكننا في الوقت نفسة أخذنا على أنفسنا ألا نقتبس منها الا ماهو ضروري لنا للتوصل إلى تربية شيوعية حقيقية.

وهنا أصل إلى تلك الملامات وتلك الاتهامات التي نسمعها دائما بصدد المدرسة القديمة والتي تؤدي في غالب الأحيان إلى تأويلات خاطئة اطلاقا. يقولون إن المدرسة القديمة لم تكن لتعرف غير الدراسة المضنية. والترويض والحشو الألي هذا صحيح غير أنه ينبغي أن نعرف كيف نميز بين ما في المدرسة القديمة من سيئ وبين ما فيها من صاالح لنا. ينبغي كيف نختار منها ماهو ضروري لشيوعية. لقد كانت المدرسة القديمة مدرسة لا تعرف غير الدراسة المضنية كانت تجبر التلاميذ على استيعاب طائفة من المعارف التي لا فائدة منها ولا غناء فيها ولا حياة وتحشي الرؤوس بها وتجعل من الجيل الفتي دواونيين مصبوبين في نفس القالب. بيد أنكم تقترفون خطا جسسيما إذا ما شئتم أن تستنتجوا من ذلك أن بالإمكان أن يصبح المرء شيوعياً دون استيعاب المعارف التي كدسها العلم البشري. ومن الخطأ التفكير بأنه يكفي استيعاب الشعارات الشيوعية واستنتاجات العلم الشيوعي لكي نعفي من استيعاب مجمل المعارف التي الشيوعية نفسها هي حاصلها. إن الماركسية تبين جيدا كيف ولدت الشيوعية من مجمل المعارف التي اكتسبتها الانسانية. لقد قرأتم وسمعتم أن النظرية الشيوعية أن العلم الشيوعي الذي أنشاه ماركس بصورة رئيسية. إن مذهب الماركسية هذا لم يبق من صنع اشتراكي واحد من القرن التاسع عشر مهما أوتي من العبقرية إنما غداً مذهب الملايين من البروليتاريين في العالم بأسره. الذين يطبقون هذا المذهب في نضالهم ضد الرأسمالية. ولو طرحتم السؤال التالي: لماذا أستطاع مذهب ماركس أن يستولي على قلوب الملايين وعشرات الملايين في صفوف الطبقة الأكثر ثورية. لما أستطعتم أن تسمعوا سوى جواب واحد: لقد كان الأمر كذلك لان ماركس قد أعتمد على أساس مكين، أساس المعارف الانسانية المكتسبة في ظل الرأسمالية. فقد درس ماركس قوانين تطور المجتمع الانساني فأدرك أن تطور الرأسمالية يؤدي حتماً إلى الشيوعية والأمر الأساسي هو أنه أثبت هذه الحقيقة بمجرد دراسة المجتمع الرأسمالي الدراسة الأكثر دقة. والأوفر تفصيلاً والأشد عمقاً بعد أن أستوعب تماماً كل ما أعطاه العلم السابق وكل ما أنشاه المجتمع الانساني. درسه ماركس وانتقده دون أن يهمل منه نقطة واحدة وكل ما أبدعة الفكر البشري عالجه ماركس بروح النقد بعد أن خبرة في معمعان الحركة العمالية وأستخلص منه استنتاجات لم يستطع أن يستخلصها الناس المحصورون في النطاق البرجوازي أو المقيدون بالأوهام البرجوازية. ينبغي لنا ألا ننسى ذلك حين نتكلم مثلاً عن الثقافة البروليتارية فإذا لم نفهم بوضوح أن معرفة الثقافة التي أبدعها كل تطور الانسانية معرفة صحيحة ودراسة هذه الثقافة بصورة انتقادية هما وحدها اللتان تتيحان بناء الثقافة البروليتارية. إذا لم نفهم ذلك فإننا لن نتوصل إلى حل هذه المسألة. إن الثقافة البروليتارية لم تنبثق من مكان مجهول ولم يخترعها الناس الذين يقولون عن أنفسهم أنهم اختصاصيون في ميدان الثقافة البروليتارية. كل ذلك سخف وهراء. ينبغي أن تكون الثقافة البروليتارية التطور المنطقي لمجمل المعارف التي صاغتها الانسانية تحت نير المجتمع المجتمع الرأسمالي. وكمجتمع الملاكين العقاريين والمجتمع الدواويني. كل هذه الطرق والشعاب قادت وتقود وستظل تقود إلى الثقافة البروليتارية تماماً كما بين لنا الاقتصاد السياسي الذي وضعة ماركس من جديد ما لابد أن يبلغه المجتمع الانساني وكما بين لنا الانتقال إلى النضال الطبقي إلى بداية الثورة البروليتارية.

عندما نسمع في كثير من الأحيان ممثلي الشباب وبعض المدافعين عن التعليم الجديد يهاجمون المدرسة القديمة قائلين إنها كانت مدرسة حشو إلى فإننا نقول لهم أنه ينبغي لنا أن لا ناخذ عن المدرسة القديمة ما كان صالحا ينبغي لنا ألا نأخذ عن المدرسة القديمة أسلوب ارهاق ذاكرة الشباب بكمية من المعارف لا حد لها. تسعة أعشارها لا تفيد والعشر الباقي مشوه. غير أن ذلك لا يعني أننا نستطيع الاكتفاء بالاستنتاجات الشيوعية والشعارات الشيوعية المحفوظة غيباً. ما هكذا تنشأ الشيوعية. فلا يمكن للمرء أن يصبح شيوعياً إلا بعد ما يغني ذاكرته بمعرفة جميع الأثروات الفكرية التي أبدعتها الانسانية.. لسنا بحاجة إلى الحشو الألي. إنما ينبغي لنا أن ننمي ونحسن ذاكرة كل تلميذ بمعرفة الوقائع الاساسية لأن الشيوعية تمسي صفراً تمسي مجرد شعار خارجي.

لأن الشيوعي يمسي مجرد دعي سخيف إذا لم يتمثل وجدانه جميع المعارف التي اكتسبها كافة. هذه المعارف ينبغي لكم أن ألا تكتفوا بمجرد استيعابها. ينبغي لكم أن تستوعبوها بفكر نقاد. لكي تغنوا دماغكم بعلم جميع الوقائع التي لا يمكن للمرء بدون معرفتها أن يكزن اليوم انسانا مثقفا. إن الشيوعي الذي يدعي الشيوعيه لأنه تعلم استنتاجات جاهة دون أن يقوم بعمل كبير جدي كثيراً وصعب جداً دون أن ينظر بعين ناقدة إلى الوقائع التي يترتب علي أن يتبصر بها بفكر ناقد نفاذ. إن مثل هذا الشيوعي يدعوك للرثاء له. وليس ثمة ما هو أشأم من موقف سطحي كهذا الموقف. فإذا كنت أعرف أني أعرف قليلاً بذلت كل ما في طاقتي لأعرف المزيد ولكن إذا زعم امرؤا يدعي أنه شيوعي، أنه ليس بحاجة لأن يعرف أي شي ثابت فإنه لن يصبح أبداً ولو سبيها بالشيوعي.

كانت المدرسة القديمة تكون الخدم الضروريين للرأسمالين وكانت تجعل من رجال العلم أناساً ملمين بان يكتبوا ويتكلموا وفقاً لأهواء الرأسماليين وهذا يعني أنه ينبغي لنا أن نتخلص من المدرسة القديمة ولكن إذا كان ينبغي لنا أن نهدمها فلهذا يعني أنه لا يترتب علينا أن نستخلص منها كل ما كدسته البشرية من ضروري للناس؟ هل هذا يعني أنه لا يترتب علينا أن نعرف كيف نميز بين ما كان ضروريا للرأسمالية وماهو ضروري للشيوعية؟ فبدلاً من الترويض الذي كان يطبق فيما مضى في المجتمع البرجوازي خلافا لإرادة الأغلبية ندخل الانضباط الواعي لدى العمال والفلاحين الذين يؤلفون من حقدهم على المجتمع القديم وبين العزيمة والقدرة والارادة على توحيد قواهم وتنظيمها في سبيل هذا هذا النضال بغية تكوين إرادة موحدة واحدة من إرادة الملايين من المبعثرين.. المجزئين.. المشتتين في أصقاع البلاد الشاسعة إذ أننا بدون هذه الإرادة الموحدة الواحدة نمنى بالهزيمة حتماً وبدون هذا التكاتف والتضامن وبدون هذا الانضباط الواعي لدى العمال والفلاحين تكون ضيتنا فاشلة بدون ذلك لن نتمكن من التغلب على الرأسماليين والملاكين العقاريين في العالم بأسره. بل إننا لن نتمكن من توطيد أسس المجتمع الجديد الشيوعي. بل إننا لن نتمكن بالأحرى من إنجاز بناء هذا المجتمع الجديد على هذه الاسس.

وهكذا مع نبذنا المدرسة القديمة مع الحقد عليها حقدا مشروعا وضرورياً تماماً مع تقديرنا الرغبة في هدمها ينبغي لنا أن ندرك أنه بدلاً من الدراسة المضنية القديمة بدلاً من الحشو الألي الدقيم بدلاً من الترويض القديم يترتب علينا أن نتعلم كيف نتمثل كل حصيلة المعارف الانسانية وكي نفعل ذلك بصورة لا تكون معها الشيوعية عندكم شيئا محفوظا عن ظهر قلب بل شيئا فكرتم وتفكرون به أنفسكم شيئا يمثل الاستنتاجات التي تفرض نفسها من وجهة نظر التعليم الحديث. هذا وينبغي وضع المهمات الاساسية عندما نتحدث عن مهمة: تعلم الشيوعية.

ولكي أوضح لكم هذة النقطة وأتناول في الوقت نفسة مسألة معرفة كيف ينبغي لنا نتعلم أورد مثلاً عملياً تعلمون جميعكم أن القضية الاقتصادية توضع أمامنا بعد القضايا العسكرية فوراً بعد القضايا المتعلقة بالدفاع عن الجمهورية ونحن نعلم أنه يستحيل بناء المجتمع الشيوعي دون بعث الصناعة والزراعة مع العلم أننا لا نقصد بعثهما بشكلها القديم. أما ينبغي بعثهما على أساس حديث ينطبق على أخر منجزات العلم. وأنتم تعلمون أن هذا الأساس إنما هو الكهرباء ويوم تتم كهربة كل البلاد وجميع فروع الصناعة والزراعة ويوم تنجزون هذه المهمة يوم ذاك فقط تتمكنون من أن تبنوا لأنفسكم المجتمع الشيوعي الذي لا يستطيع الجيل السابق أن يبنيه. وأمامكم توضع مهمة بعث اقتصاد البلاد بأسرها وإعادة تنظيم الزراعة والصناعة والنهوض بهما على أساس تكنيكي حديث يرتكز بدورة على العلم والتكنيك الحديثين وعلى الكهرباء. وأنتم تدركون كل الإدراك أن الكهربة لن يحققها الأميون وأنها تتطلب غير المعرفة الأولية ولا يكفي هنا أن نفهم ما هي الكهرباء: ينبغي أن نعرف كيف نطبقها عملياً في الصناعة والزراعة وفي مختلف فروعهما كل ذلك ينبغي أن نتعلمه بأنفسنا ينبغي أن نعلمه لكل الجيل الكادح الصاعد. تلك هي المهمة التي توضع أمام جميع الشيوعيون الواعين أمام جميع الشبان الذين يعتبرون أنفسهم شيوعيين والذين يدركون كل الإدراك أنهم بإنضمامهم إلى اتحاد الشبيبة الشيوعي يقطعون عهداً على أنفسهم بمساعدة الحزب في بناء الشيوعية وبمساعدة كل الجيل الفتي في خلق المجتمع الشيوعي ينبغي عليهم أن يفهموا أنهم لن يتمكنوا من إنشاء هذا المجتمع إلا على أساس الثقافة الحديثة فقط وأن الشيوعية ستبقى مجرد أمنية إذا لم يأخذوا بناصية هذه الثقافة. كانت مهمة الجيل السابق اسقاط البرجوازية وكانت المهمة الرئيسية حينذاك انتقاد البرجوازية وإنماء شعور الحقد عليها بين الجماهير ومعرفة حشد قواها وتطوير الوعي الطبقي. أما الجيل الجدي فإنه يواجه مهمة أكثر تعقيداً إن واجبكم لا يقتصر على حشد كل قواكم في سبيل دعم حكم العمال والفلاحين ضد غزو الرأسماليين ذلك ما يترتب عليكم القيام به، وقد أدركتموه كل الإدراك وكل شيوعي يدركه بوضوح. ولكن ذلك لا يكفي عليكم أن تبنوا المجتمع الشيوعي. لقد تم النصف الأول من العمل في كثير من النواحي لقد هدم النظام القديم كما ينبغي هدمه وحول كما كان ينبغي تحويلة إلى ركام من الخراب والتربة ممهدة وعلى هذه التربة ينبغي على الجيل الشيوعي الفتي أن يبني المجتمع الشيوعي. أمامكم مهمة هي مهمة البناء ولن تتمكنوا من القيام بها إلا إذا أستوعبتم كل المعارف الحديثة إلا إذا أستعطتم تحويل الشيوعية من صيغ ونصائح وتوصيات وتعليمات وبرامج جاهزة محفوظة غيباً إلى هذا الشيئ الحي الذي ينسق عملكم المباشر إلا إذا أستعطم أن تجعلوا من الشيوعية مرشداً في نشاطكم العملي.

تلك هي مهمتكم المهمة التي يترتب عليكم أن تستلهموها من أجل تعليم وتربية الجيل الفتي وحفز تقدمة وعليكم أن تكونوا أوائل بناة المجتمع الشيوعي بين هؤلاء الملايين من البناة الذين ينبغي أن يكون منهم كل شاب وكل فتاة. وإذا لم تجتذبوا إلى عمل بناء الشيوعية كل الشباب العمال والفلاحين فإنكم لن تبنوا المجتمع الشيوعي. وهنا أصل بطبيعة الحال إلى مسالة معرفة كيف ينبغي لنا أن نعلم الشيوعية وأي طابع ينبغي أن تتخذه أساليبنا. قبل كل شي أتناول هنا مسألة الأخلاق الشيوعية. ينبغي عليكم أن تربوا أنفسكم تربية شيوعية. المهمة الموضوعية أمام اتحاد الشبيبة هي ان يمارس نشاطه العملي بحيث إن هذه المهمة الشبيبة وهي تتعلم وتنتظم وتحتشد وتناضل. تربي نفسها وجميع الذين يعترفون بها كمرشدة لكي تربي شيوعيين ينبغي أن يرمي كل عمل تتثقف الشبيبة الحالية وتعليمها وتربيتها إلى إنماء الأخلاق الشيوعية عندها. ولكن هل ثمة أخلاق شيوعية ؟ هل ثمة سلوك شيوعي ؟ أجل بكل تأكيد. غالباً ما يزعم أن ليس لدينا أخلاق خاصة بنا وفي معظم الأحيان تتهمنا البرجوازية بأننا نحن شيوعيون ننكر كل الأخلاق وتلك طريقة لتشويه الأفكار لذر الرماد في عيون العمال الفلاحين.

بأي معنى ننكر الأخلاق وننكر السلوك؟ بالمعنى الذي تبشر به البرجوازية التي كانت تشتق هذه الأخلاق من وصايا الله. وبهذا الصدد نقول بالطبع إننا لا نؤمن بالله. ونعرف جيداً جداً أن رجال الدين والملاكين العقاريين والبرجوازية كانوا يتكلمون بإسم الله لكي يؤمنوا مصالحهم كمستثمرين. كذلك كانوا لا يشتقون هذه الأخلاق من قواعد السلوك ومن وصايا الله وإنما كانوا يستخلصونها أيضا من جمل مثالية أو نصف مثالية تعني دائما شيئاً يشبه كثير الشبه وصايا الله. إن كل أخلاق من هذا النوع مستسقاة من مفاهيم مفصولة عن الانسانية مفصولة عن الطبقات. إن كل أخلاق كهذه ننفيها وننكرها ونقول أنها تخدع العمال والفلاحين وتغشهم وتحشوا أدمغتهم حشوا وذلك في صالح الملاكين العقاريين والرأسماليين.

إننا نقول أن أخلاقنا خاضعة تماماً لمصالح نضال البروليتاريا الطبقي إن أخلاقنا تنبثق من مصالح نضال البروليتاريا الطبقي.

لقد كان المجتمع القديم قائما على إضطهاد جميع العمال وجميع والفلاحين من جانب الملاكين العقاريين والرأسماليين. كان علينا أن نهدم كل ذلك أن نسقط هؤلاء ولكن كان ينبغي تحقيق الاتحاد لأجل هذا الغرض ولم يكن الله هو الذي سيحقق هذا الاتحاد.

إن هذا الاتحاد لم يكن من الممكن أن يأتي إلا من المصانع والمعامل إلا من بروليتاريا متعلمة أستيقظت من سباتها الطويل وفقط عندما تشكلت هذه الطبقة بدأت الحركة الجماهيرية التي أدت إلى ما نراه اليوم. إلى انتصار الثورة البروليتارية في بلد من أضعف البلدان في بلد يدافع عن نفسة منذ ثلاث سنوات ضد هجوم برجوازية العالم أسره. وها نحن نرى الثورة البروليتارية تنموا وتتعاظم في العالم بأسره ونقول اليوم بالاستناد إلى تجربتنا إن البروليتاريا وحدها كانت تستطيع أن تنشى قوة متجانسة تجانساً كافياً لكي تجتذب ورائها الفلاحين المبعثرين المشتتين. قوة صمدت بوجه جميع هجمات المستثمرين. هذه الطبقة تساعد الجماهير الكادحة في توحيد صفوفها وحشدها في صيانة المجتمع الشيوعي نهائياً في ترسيخه نهائياً في بنائه نهائياً.

ولهذا نقول: ليس ثمة أخلاق بنظرنا خارج نطاق المجتمع الانساني والقول بوجودها خارج المجتمع خداع وتضليل فالأخلاق بنظرنا خاضعة لمصالح نضال البروليتاريا الطبقي. ولكن ماهو قوام هذا النضال الطبقي؟ قوامه اسقاط القيصر واسقاط الرأسماليين ومحو طبقة الرأسماليين. وماهي الطبقات بوجة عام ؟ إنها ما يتيح لقسم من المجتمع أن يستأثر بعمل الأخرين. فإذا إستأثر قسم من المجتمع بكل الأرض كانت طبقة الملاكين العقاريين وطبقة الفلاحين. وإذا أمتلك قسم من المجتمع المصانع والمعامل والاسهم والرساميل بينما القسم الأخر يشتغل في هذه المصانع. كانت طبقة الرأسماليين وطبقة البروليتاريين.

إن طرد القيصر لم يكن صعبا – فقد كفت بضعة أيام ولم يصعب صعوبة طرد الملاكين العقاريين – فقد أستطعنا تحقيق ذلك في بضعة أشهر كذلك ليس من الصعب صعوبة طرد الرأسمالييين. ولكنه من الأصعب إلى ما حدلة محو الطبقات فإن الإنقسام إلى عمال وفلاحين ما يزال قائماً فإذا أقام الفلاح على قطعة من الأرض وأستأثر بفائض حبوبه أي الحبوب التي لا يحتاج إليها لا لنفسه ولا لماشيته في حين يظل جميع الاخرين بلا حبوب فإن هذا الفلاح يستحيل إذ ذلك إلى مستثمر.وكلما أحتفظ بحبوبه كلما راى ذلك في فائدته ولا بأس أن يجوع الأخرين “كلما جاعوا بعت حبوب بسعر أغلى” ينبغي أن يشتغل الجميع وفقاً لبرنامج مشترك على ارض مشتركة وفي المصانع والمعامل المشتركة وفقاً لنظام مشترك. فهل من السهل تحقيق ذلك؟ إنكم ترون أن الحل هذه المرة أصعب مما كان عليه حين كان يتعلق الأمر بطرد القيصر والملاكين العقاريين والرأسماليين. فهذة المره ينبغي أن تعيد البروليتاريا تربية وتعليم قسم من الفلاحين وأن تجتذب إليها الذين هم فلاحون كادحون لكي تسحق مقاومة الفلاحين الأغنياء الذين يثرون من بؤس الأخرين. ولذا فإن الهدف من نضال البروليتاريا لما يتحقق لكوننا أسقطنا القيصر وطردنا الملاكين العقاريين والرأسماليين. والحال ان إنجاز هذا النضال إنما هو بالضبط مهمة النظام الذي نسمية “ديكتاتورية البروليتاريا “.

إن النضال الطبقي مستمر ولم يتغير إلا شكلة فالبروليتاريا تخوض هذا النضال الطبقي لكي تحول دون عودة المستثمرين السابقين. ولكي توحد في حلف واحد جماهير الفلاحين المبعثرين الجاهلين. إن النضال الطبقي مستمر وواجبنا أن تخضع جميع المصالح لهذا النضال ولهذه المهمة تخضع كل أخلاقنا الشيوعية. ونحن نقول الأخلاق هي ما يتيح هدم مجتمع المستثمرين القديم وتوحيد جميع الشغيلة حول البروليتاريا التي تنسى المجتمع الجديد الشيوعي. إن الأخلاق الشيوعية إنما هي الأخلاق التي تخدم هذا النضال وتوحيد الشغيلة ضد كل استثمار ضد كل ملكية صغيرة لأن الملكية الصغيرة تضع في يدي فرد واحد ما أبدعه عمل المجتمع بأسره. إن الأرض عندنا ملكية مشتركة. ولكن إذا أخذت قسماً من هذه الملكية المشتركة وإذا أنتجت منها كمية من الحبوب تزيد الضعفين عما هو ضروري لي. وإذا ضاربت بفائض هذه الحبوب؟ وإذا قلت في نفسي إن كلما ازداد عدد الجياع أرتفعت الأسعار التي تدفع لي؟ فهل أتصرف على هذا النحو كشيوعي؟ كلا أني أتصرف كمستثمر كمالك، ينبغي أن نناضل ضد هذا. فإذا تركت الأمور على حالها فكل شي يسير إلى وراء نحو حكم الرأسماليين نحو حكم البرجوازية كما تبين مراراً عدة في الثورات الماضية.

ولأجل الحول دون المضاربة ينبغي الحول دون إثراء البعض على حساب الأخرين ولهذا الغرض ينبغي أن يتحد جميع الشغيلة مع البروليتاريا ويكونوا المجتمع الشيوعي. ذلك هو الطابع الخاص الاساسي لما يشغل المهمة الأساسية الموضوعة أمام اتحاد الشباب الشيوعي وتنظيمه.

كان المجتمع القديم قائماً على المبدأ التالي : إما أن تنهب قريبك وإما ينهبك قريبك أما أن تشتغل في صالح أخر وإما ان يشتغل هو في صالحك.. إما أن تكون مالك عبيد وإما أن تكون أنت عبدا. ومفهوم أن يرضع الناس الذين تربوا في هذا المجتمع مع حليب أمهاتهم اذا جاز القول نفسية وعادات ومفاهيم مالك العبيد أو العبيد. أو الملاك الصغير أو المستخدم الصغير أو الموظف الصغير أو المثقف وبكلمة موجزة إنسان لا يفكر إلا بامتلاك ما هو ضروري له ولا يبالي بمصير الأخرين.

إذا كنت أستثمر قطعة أرضي فليس لي أن أهتم بالآخرين وإذا جاع الأخر كان ذلك أفضل: فإني سأبيع حبوبي بسعر أغلى. وإذا كان لي منصب صغير كطبيب أو مهندس أو معلم أو مستخدم فما يهمني الغير وربما تملقت المتسلطين على زمام الحكم وسعيت إلى إرضائهم فأحافظ على منصبي. بل قد أنجح في شق طريقي وأصبح أنا نفسي برجوازياً.

إن مثل هذه النفسية مثل هذه الحالة الفكرية ليستا من صفات الشيوعي. فعندما أثبت العمال والفلاحون أننا قادرون بقوانا الخاصة على أن ندافع عن أنفسنا وأن ننشي مجتمعاً جديداً حينذاك بدأت تربية جديدة شيوعية تربية تمت في غمرة النضال ضد المستثمرين تربية بالتحالف مع البروليتاريا ضد الأنانيين وصغار الملاكين ضد النفسية والعادات التي تحمل المرء على القول:أني أسعى وراء فائدتي أنا. والباقي لا يهمني أبدا
.
ذلك هو الجواب على مسألة معرفة كيف ينبغي على الجيل الفتي الصاعد أن يتعلم الشيوعية. أن الجيل الصاعد لا يستطيع أن يتعلم الشيوعية إلا إذا ربط كل خطوة يخطوها في دراسته وتربيته وتعليمه بالنضال الدائب الذي يخوضه البروليتاريين والشغيلة ضد مجتمع المستثمرين القديم. وعندما يحدثوننا عن الأخلاق نقول “إن الأخلاق بنظر الشيوعي تقوم كلها في هذا الانضباط والتضامن والتراص وفي هذا النضال الواعي الذي تخوضه الجماهير ضد المستثمرين إننا لا نومن بالأخلاق الأبدية وأننا نفضح جميع القصص والحكايات الكاذبة الملفقة حول الأخلاق. إن الأخلاق تتيح للمجتمع الانساني أن يرتفع إلى أعلى أن يتحرر من استثمار العمل. ولأجل بلوغ هذا الهدف ينبغي أن يكون هذا الجيل من الشبان الذين أخذوا يتحولون إلى رجال واعين في جو من النضال النظامي الضاري ضد البرجوازية. وفي معمعان هذا النضال سيربي هذا الجيل شيوعيين حقيقيين. ولهذا النضال وبه ينبغي على هذا الجيل أن يخضع ويربط كل خطوة يخطوها في دراسة وتربيته وتعليمه. إن تربية الشبيبة الشيوعية لا تعني التكرم عليها بالخطب المعسولة وبقواعد الأخلاق فليس هذا قوام التربية فإن الذين رأوا أبائهم وأمهاتهم يقضون حياتهم تحت نير الملاكين العقاريين والرأسماليين.والذين تحملوا قسطهم من الألام التي عاناها أولئك الذين بدئوا المعركة ضد المستثمرين. والذين رؤا أي تضحيات تقتضيها مواصلة هذا النضال دفاعا عن المكتسبات وأي أعداء الداء ضراة هم الملاكون العقاريون والرأسماليون.

إن هؤلاء هم الذين يتربون في هذه الأحوال تربية شيوعية. إن ما يقوم في أساس الأخلاق الشيوعية هو النضال في ترسيخ الشيوعية. وإنجاز بنائها ذلك هو أيضاً أساس التربية الشيوعية والتثقيف الشيوعي والتعليم الشيوعي.

ذلك هو الجواب على مسألة معرفة كيف ينبغي أن نتعلم الشيوعية.

إننا لن نؤمن بالتعليم والتثقيف والتربية إذا انحصرت في المدارس وانفصلت عن الحياة المتدفقة وما دام الملاكون العقاريون والرأسماليون يضطهدون العمال الفلاحين ومادامت المدارس في أيدي هؤلاء الملاكين والرأسماليين فلسوف يبقى الجيل الفتي أعمى وجاهلاً. والحال ينبغي لمدرستنا نحن أن تعطي الشباب أسس المعرفة وأن تعلمهم كيف يكونون بأنفسهم عقلية شيوعية. ينبغي لها أن تجعل منهم أناساً متعلمين نبغي لها خلال مدة دراستهم أن تجعل منهم مشتركين في النضال لأجل التحرير من المستثمرين. إن اتحاد الشبيبة الشيوعي لن يكون جديراً بهذا الإسم لن يكون حقاً اتحاد الجيل الشيوعي الفتي إلا متى ربط كل خطوة يخطوها في دراسته وتربيته وتعليمه بالنضال المشترك الذي يخوضه جميع الشغيلة ضد المستثمرين. وبالفعل أنتم تعرفون جيداً أنه مادامت روسيا هي الجمهورية العمالية الوحيدة، ومادام النظام البرجوازي القديم قائماً في باقي العالم فإننا سنظل أضعف منهم وسنظل مهددين في كل لحظة بهجوم جديد وإننا لن ننتصر في النضال اللاحق، ولن نرسخ بالتالي أقدامنا ومواقعنا فيستحيل فعلا قهرنا إلا إذا تعلمنا كيف نتحد وكيف نعمل بقلب واحد وهكذا أن يكون المرء شيوعياً فهذا يعني تنظيم وتوحيد كل الجيل الصاعد هذا يعني إعطاء المثال على التربية والروح النظامي في هذا النضال. وإذ ذاك تستطيعون أن تباشروا وتتمموا بناء صرح المجتمع الشيوعي. ولكي أنيركم حول هذا النقطة أورد مثلاً أننا نسمي أنفسنا شيوعيين فمن هو الشيوعي؟ إن كلمة شيوعي أتية من اللاتينية communis(كومونس – المعرب ) وكلمة كومونس تعني مشترك. والمجتمع الشيوعي يعني : كل شي مشترك – الأرض مشتركة. والمعامل مشتركة. والعمل مشترك. تلك هي الشيوعية.

فهل يمكن أن يكون ثمة عمل مشترك إذا كان أمرئ يستثمر قطعة أرض لحسابه الخاص؟ إن العمل المشترك لاينشا دفعة واحدة. هذا غير ممكن ولا يهبط من السماء، إنما ينبغي إكتسابه إنه ثمرة الأم الطويلة، ينبغي انشاؤه وهو ينشا في غمرة النضال. فالمسألة لا تنحصر الأن في الكتابات القديمة. فليس ثمة من يصدق هذه الكتابات. تنبغي التجربة الشخصية في الحياة عندما كان كولتشاك ودينيكين يتقدمان قادمين من سيبريا والجنوب. كان الفلاحون إلى جانبهما ولم تكن البلشفية لترضيهم. لأن البلاشفة كان يأخذون الحبوب بأسعار ثابتة ولكن عندما عانى الفلاحون في سيبريا وأوكرانيا حكم كولتشاك ودينيكبن أدركوا أنه لا اختيار عندهم: فإما السير وراء الرأسمالي الذي يسلمهم إلى عبودية الملاك العقاري وإما السير وراء العامل الذي لا يعد حقا بالمن والسلوى والذي يتطلب منهم الثبات والانضباط الحديدي في معركة قاسية ولكنة يحررهم من عبودية الرأسماليين والملاكين العقاريين. بل حين أدرك الفلاحون الجهلة أنفسهم هذه الحقيقة وتثبتوا منها بتجربتهم الخاصة أصبحوا من أنصار الشيوعية الواعين الذين اجتازوا مدرسة صعبة. هذه التجربة ينبغي على اتحاد الشبيبة الشيوعي أن يضعها في أساس نشاطه.

لقد أجبت على مسألة معرفة ما يترتب علينا أن نتعلمه وما ينبغي لنا أن نأخذه من المدرسة القديمة والعلم القديم. وسأحاول أن أجيب أيضا على مسألة معرفة كيف ينبغي أن نتعلم كل هذه الأمور: لن نتعلمها إلا إذا ربطنا بصورة لا تنفصم عراها كل خطوة من العمل في المدرسة وكل خطوة من التربية والتعليم والدراسة بنضال جميع الشغيلة ضد المستثمرين.

ببعض الأمثلة المنتقاة من تجربة عمل هذه المنظمة أو تلك من منظمات الشباب سابين لكم بوضوح كيف ينبغي أن تجري هذه التربية الشيوعية. جميع الناس يتحدثون عن تصفية الأمية. وأنتم تعلمون أنه يستحيل بناء مجتمع شيوعي في بلد من الأميين. فلا يكفي أن تأمر سلطة السوفييت أو أن يلقى الحزب شعارا معيناً أو أن نعبئ لهذه المهمة قسماً من خيرة مناضلينا. لهذا الغرض ينبغي على الجيل الفتي نفسة أن يشرع في تنفيذ هذة المهمة. إن الشيوعية تقوم في مون من الشبان والفتيات المنتسبين إلا اتحاد الشبيبة يعلنون: إن هذه قضيتنا وسنضم صفوفنا ونمضي إلى القرى لتصفية الأمية لكي لا يبقى في صفوف جيلنا الصاعد أميون. ونحن نسعى لكي تنصب مبادرة الجيل الناشئ على هذه المهمة. وأنتم تعلمون أنه يستحيل تحويل روسيا الجاهلة الأمية بسرعة إلى بلد متعلم، ولكن إذا أخذ اتحاد الشبيبة هذه المهمة على عاتقه وإذا عملت الشبيبة كلها في صالح الجميع فإن هذا الاتحاد الذي يضم 000 400 من الشبان والفتيات سيحق له أن يتسمى اتحاد الشبيبة الشيوعي. وعلى الاتحاد أيضا مع استيعابه هذه المعارف أو تلك أن يساعد الشبان الذين لا يستطيعون تحرير أنفسهم بأنفسهم من ظلمات الأمية. وأن يكون المرء عضوا في اتحاد الشبيبة يعني أنه يترتب علية أن يضع عملة وطاقته في خدمة القضية المشتركة.. في هذا تنحصر التربية الشيوعية فبالعمل على هذا النحو فقط يصبح الشاب أو الفتاة شيوعيين حقيقيين. ولا يصبحان إلا اذا حصلا بعملهما هذا على نتائج عملية. خذوا مثلا العمل في بساتين الخضروات قرب المدن. أو ليست هذه مهمة؟ إنها من مهمات اتحاد الشبيبة الشيوعي. فالناس جياع والمجاعة سائدة في المعامل والمصانع. فلكي نتخلص من المجاعة ينبغي تطوير زراعة الخضروات. ولكن الزراعة ماتزال تتبع الاساليب القديمة ينبغي إذن أن تبدأ العمل العناصر الأكثر وعياً. وحينذاك ترون أن بساتين الخضروات تتكاثر ومساحتها تزداد. والنتائج تتحسن. ينبغي على اتحاد الشبيبة الشيوعي أن يشترك اشتراكاً نشيطاً في هذا العمل. ينبغي على كل منظمة أو كل خلية في الاتحاد أن تعتبر هذة المهمة مهمتها الخاصة. ينبغي على اتحاد الشبيبة الشيوعية أن يكون فصيلة الصدام التي تقدم مساعدتها في كل عمل وتعطي الدليل على روح المبادرة والمبادهة. ينبغي على اتحاد الشبيبة أن يسلك سلوكا يستطيع معه كل عامل أن يرى في أعضاء الاتحاد قوما قد لا يفهم مذهبهم قوما قد لا يؤمن فورا بمذهبهم ولكن عملهم الحي ونشاطهم يقنعانه بأنهم فعلاً هم الذين يبينون له السبيل القويم. فإذا لم يتوصل اتحاد الشبيبة الشيوعي إلى تنظيم نشاطه على هذا النحو في جميع الميادين فهذا يعني أن يسلك السبيل القديم السبيل البرجوازي. ينبغي لنا أن نربط تربيتنا بنضال الشغيلة ضد المستثمرين لكي نساعد الشغيلة في انجاز المهمات الناجمة عن المذهب الشيوعي.

ينبغي على أعضاء الاتحاد أن يكرسوا كل ساعة من أوقات فراغهم لتحسن الزراعة في بساتين الخضروات أو في تنظيم تعليم الشبان في مصنع ما أو في معمل ما إلخ.. إننا نريد أن نجعل من روسيا الفقيرة البائسة بلادا غنية. ولذا ينبغي أن يربط اتحاد الشبيبة الشيوعي تعلمه ودراسته وتربيته بعمل العمال والفلاحين. وإلا ينحصر في مدارسة وإلا يقتصر على قراءة الكتب والكراريس الشيوعية فبالعمل فقط بصورة مشتركة مع العمال والفلاحين يستطيع المرء أن يصبح شيوعياً حقيقياً. وينبغي أن يرى جميع الناس أن المنتسبين إلى اتحاد الشبيبة متعلمون وأنهم يعرفون في الوقت نفسة كيف يشتغلون. وعندما يرى الجميع أننا نبذنا من المدرسة القديمة أساليب الترويض القديمة وأننا إستعضنا عنها بروح نظامي واع. وأن جميع شبابنا يشتركون في السبوت الشيوعية وأنهم يستخدمون كل مزرعة قرب المدن لكي يساعدوا السكان فان الناس سيقفون من العمال موقفاً يختلف كل الاختلاف عن موقفهم السابق. على اتحاد الشبيبة الشيوعي أن ينظم في القرية أو في الحي المساعدة الضرورية – وأضرب مثلاً صغيراً – لتلمين النظافة أو التوزيع المأكولات. ولكن كيف كان يتم ذلك في المجتمع الراسمالي القديم؟ كان كل امرئ لا يشتغل إلا لنفسه ولم يكن أحد ليهتم بمعرفة ما اذا كان ثمة شيوخ أو مرضى أو ما اذا كانت جميع الشئون المنزلية تقع على كاهل المرأة التي كانت لهذا السبب مرهقة ومستعبدة فمن يترتب علية أن يناضل ضد هذا؟ اتحاد الشبيبة ينبغي علية أن يقول: سنعبر كل هذا وسننظم فصائل من الشبان تساعد في تأمين النظافة أو في توزيع المأكولات وتزور البيوت بإنتظام وتعمل بصورة منتظمة في خير المجتمع كلة. موزعة القوى توزيعاً سديداً ومبينة أنه ينبغي أن يكون العمل عملاً منظماً.. إن الجيل الذي بلغ ممثلوه اليوم ما يقرب من الخمسين فإن هذا الجيل سينقرض قبل أن ياتي هذا المجتمع. أما الجيل الذي يبلغ اليوم الخامسة عشرة من العمر فسيرى المجتمع الشيوعي وسيعمل بنفسة في بنائه. ولذا ينبغي علية أن يعرف أن كل هدف حياته هو بناء هذا المجتمع. ففي المجتمع القديم كان العمل تقوم به العائلات كل عائلة منعزلة منفردة عن الأخرى ولم يكن ثمة من ينسق هذا العمل إلا الملاكون العقاريون والرأسماليون. الذين كانوا يضطهدون سواد الشعب.
أما نحن فينبغي علينا أن ننظم كل عمل مهما كان قذراً وصعباً بصورة يستطيع معها كل عامل وكل فلاح أن يقول في نفسة: إني عضو في هذا الجيش الكبير جيش العمل الحر وسأعرف كيف أنظم بنفسي حياتي دون الملاكين العقاريين والرأسماليين. سأعرف كيف أقيم النظام الشيوعي. ينبغي على اتحاد الشبيبة الشيوعي أن يثقف الجميع منذ الصبى. وبروح العمل الواعي النظامي، وكذا نستطيع أن نأمل إنجاز المهمات الموضوعة الأن أمامنا. ينبغي أن نحسب انه يجب أن تنقضي عشر سنوات على الأقل لكي تتم كهربة البلاد، ولكي تتمكن أرضنا التي أفتقرت من الاستفادة من أخر منجزات التكنيك. والحال ينبغي على الجيل الذي يبلغ اليوم الخامسة عشرة من العمر والذي سيعيش في المجتمع الشيوعي بعد عشر أو عشرين سنة أن ينظم دراسته بصورة تستطيع معها الشبيبة في كل يوم في كل مدينة وفي كل قرية أن تقوم عمليا بهذه المهمة أو تلك من العمل المشترك مهما كانت هذه المهمة ضئيلة وبسيطة وبقدر ما يجري ذلك في جميع القرى وتتطور المباراة الشيوعية وتبرهن الشبيبة على أنها تعرف كيف تنسق عملها بقدر ما يتأمن نجاح البناء الشيوعي. ولن يستطيع اتحاد الشبيبة الشيوعي أن يحشد نصف المليون من أعضائه في جيش واحد للعمل ويكسب احترام الجميع إلا إذا رأينا إلى كل عمل مناعمالنا من حيث نجاح هذا البناء إلا إذا تسائلنا إذا كنا بذلنا كل ما في وسعنا لكي تكون شغيلة متحدين واعين (عاصفة من التصفيق)
ــــــــــ
1- في عدد البرافدا رقم 223 بتاريخ تشرين الاول اكتوبر 1920 وردت كلمات ” منذ الثانية عشرة من العمر ” بدل كلمتي ” منذ الصبى ” – الناشر
المصدر
البرافدا الاعداد..221-222
-الخامس والسادس–
تشرين الاول.. اكتوبر. 1920
لينين المؤلفات الكاملة المجلد 41
من صفحة 298
تعريب دار التقدم موسكو.
لينين في الثورة والثورة الثقافية 1966
نسخ الكتروني جاسم محمد كاظم
Jasim_737@yahoo.com
مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار
http://www.ahewar.org/lc/