ناصر العبد.. جلاد لكل العصور

منذ أربع سنوات و6 أشهر وأربع وعشرون يوما، قام وزير الداخلية السابق السفاح حبيب العادلي بتعيينه رئيسا لمباحث الإسكندرية. هو العميد سابقا واللواء حاليا ناصر العبد مدير مباحث الإسكندرية، رجل كل الأنظمة الفاسدة والمستبدة، رجل مبارك والإخوان والآن السيسي.
بالنظر إلى تاريخ تعيينه نستنتج بالضرورة مهمته فيما بعد.. هو جلاد المظاهرات والوقفات الأول في الإسكندرية، وجوده يعنى بداية “حفلة” أو قبضة أمنية وحشية، كان خادما لنظام مبارك ومتخصص في اعتقال الثوار والمتظاهرين. برز دوره في 25 مايو 2010 تحديدا في ذكرى تعديلات المخلوع الدستورية، قام يومها بالاعتداء على الرفيق بالحركة يوسف شعبان واعتقاله وضربه وإصابته بجرح نافذ بالرأس، يومها كانت هذه الواقعة هى بداية تعارف بينه وبين المتظاهرين.
كان متواجد دائما في الوقفات الاحتجاجية التي ينظمها المتضامنين مع الشهيد خالد سعيد تزامنا مع جلسات محاكمة القتلة.. هذه الجريمة التي تمت في عهده وتحت رعايته وبمباركة منه.
له أسلوبه الخاص في تشويه الثوار ومواجهة الوقفات الاحتجاجية، فبالإضافة إلى قيامه مع زملاءه الجلادين باعتقال المتظاهرين كان يحضر البلطجية لتنظيم مظاهرات مضادة، الهدف منها تشويه المظاهرة المناهضة للداخلية والمتضامنة مع خالد سعيد، ففور وصول والدة خالد سعيد وشقيقته إلى أرض المحكمة يصدر العبد تعليماته إلى أفراد المظاهرة الأمنية فيبدءوا في ترديد هتاف “اليهود أهم” موجهين الإشارات إلى أسرة خالد سعيد والمتظاهرين ثم تتبعها بعض الهتافات الأخرى منها “يا ربنا يا معبود، انصرنا على اليهود”، و”دي مش حركة دي سبوبة”.
نعم كان هذا أسلوبه، أو بمعنى أصح هو أسلوب هذا الجهاز القمعي بقيادة السفاح الأكبر حبيب العادلى.
أما عن أحداث القديسين واتهام الداخلية وامن الدولة لسيد بلال البريء من تهمة تفجير الكنيسة والتي قام بتلفيقها له ضباط الداخلية بمشاركة ضباط أمن الدولة وقاموا بتعذيبه وصعقه بالكهرباء حتى فارق الحياة يقول صديقه المقرب “هـ. إ” الذي قام بتغسيله: “استشهد السيد بلال في مقر أمن الدولة بمديرية الأمن القديمة ثم نُقلَ إلى مشرحة كوم الدِكة، فأسرعت إلى المشرحة ودخلت غرفة المشرحة ووجدت الشهيد في كيس ففتحت هذا الكيس وقمت بتصوير أماكن التعذيب التي تعرض لها السيد، إلى أن شاهدني أحد المخبرين فكتفني واعتدى على بالضرب، وحضر الغسل معي ناصر العبد مدير مباحث الإسكندرية آنذاك، وخالد شلبي رئيس مباحث الإسكندرية”. ويضيف: “شاهدت بعيني سجحات في رأس السيد بلال مكان مشابك الكهرباء نتيجة التعذيب، بالإضافة إلى طعنات تحت كتفه وفى فخذه وفى قدمه وتقدر بـ50 غرزة وأن ضباط أمن الدولة وضعوه على سرير التعذيب الكهربائي لمدة 12 ساعة متواصلة حتى فارق الحياة.
وبعد كل هذا قال لنا الضابط خالد شلبي: الرمة ده لازم يتدفن دلوقتي، ولو مش هتدفنوه، احنا هندفنه في مدافن الصدقة”.
ناصر العبد لم يكن اسمه على قوائم الجلادين المتهمين بحكم موقعه بقتل الثوار في 28 يناير 2011 بالرغم من أنه كان لابد أن يتواجد على رأس هذه القائمة ففي مارس 2011 وبعد قيام ثورة يناير المجيدة قام عدد من المراكز الحقوقية على رأسهم مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب بإعلان قائمة العار للضباط المتورطين في التعذيب وقتل المواطنين في يناير الثورة، وكان في مقدمة هذه القائمة السوداء: اللواء محمد إبراهيم مدير أمن الإسكندرية السابق، وخالد شلبي، وناصر العبد، ووائل الكومي، ومعتز العسقلاني.
ولكنه ظل في منصبه بعد أن تمت ترقيته في أواخر العام 2010 إلى مدير مباحث الإسكندرية وبالرغم من انتخابات الرئاسة وتغير النظام صوريا برئاسة المخلوع محمد مرسي إلا انه يبدو أن الإخوان المسلمين كانوا يفضلون الإبقاء على منظومة مبارك بل وتضخيمها وتعزيز قوتها.
ظل العبد باقيا في منصبه في عهد الإخوان وأصبح عبدا لهم كما كان في السابق عبدا لمبارك، وبعد الانتقاد والمطالبة بمحاكمته أصبح ذراع نظام الإخوان الأيمن وعلى علاقة جيدة بكل قياداته بالإسكندرية.
في 23 نوفمبر 2012 وفور صدور الإعلان الدستوري للمخلوع مرسي ونزول المظاهرات إلى الشارع منددة بقرارات المخلوع الديكتاتورية، قامت قوات الداخلية بتأمين مقر الإخوان بسموحة بقيادة اللواء ناصر العبد وقام بنفسه بمشاركة القيادي الإخواني الشهير صابر أبو الفتوح بالقبض على مناهضي مرسي ورافضي الإعلان الدستوري.
يقول م. ح أحد نشطاء الإسكندرية الذي تم القبض عليه يومها أنه فوجئ عند دخوله بوكس الداخلية بوجود ناصر العبد وهو يتلقى الأوامر من القيادي الإخوانى صابر أبو الفتوح الذي أمره بترحيلهم إلى مديرية الأمن وتلفيق قضية اعتداء على المنشآت وغيره من التهم الكاذبة.
ظل العبد مستمرا في مسيرته الأمنية وموالاته لنظام الإخوان وقام بتوطيد علاقته بهم وبمحافظ الإسكندرية آنذاك حسن البرنس، وفي مارس 2013 وقبل سقوط محمد مرسي بشهور قليلة قام الإخوان المسلمين بخطف الناشط السكندري سامح مشالي وتسليمه لقسم رمل أول والادعاء بأنه كان يريد اقتحام مقرهم في فلمنج، وعلى الفور خرجت صحف الإخوان بتصريحات لوائهم المحبوب ناصر العبد يقول فيها أنه سوف يتم التعامل مع هذا “البلطجي” إلى آخره من تصريحات.
لم ينته اليوم عند هذا، فبعد تحرك المحامين إلى قسم الرمل للدفاع عن الزميل مشالي قام ضباط القسم بالاعتداء عليهم بالسب والضرب مما اضطر المحامين للاعتصام حتى تتم محاسبة من اعتدى عليهم، وعلى الفور تحرك النشطاء السياسيين إلى مقر القسم في شارع أبو قير تضامنا مع المحامين ومع ظهور ناصر العبد كالعادة بدأت الحفلة والقبض على النشطاء، تصرف العبد مع النشطاء وكأنه يُبيت ثأرا شخصيا معهم، حيث جيَش رجاله وكلفهم بالتعامل معهم بكل شدة وعنف وقام رجاله بسحل النشطاء والتحرش بالفتيات منهم والقبض على أكثر من 30 ناشط من ضمنهم الرفاق أعضاء الحركة يوسف شعبان وماهينور المصري.
بعد 30 يونيو استمر ناصر العبد في منصبه إلى يومنا هذا مما يؤكد استمرار منظومة الداخلية القمعية واحتياج نظام السيسي إلى آلة القتل والقمع، التي استمرت في اعتقال النشطاء وسحلهم في عهده وكل ذلك يتم بمباركة مدير مباحث الإسكندرية اللواء ناصر العبد.