بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

هاشتاج.. وشعبية من زجاج

لقطة من فيديو ساخر يتناول الـ"هاشتاج"

أثار الهاشتاج الساخر #انتخبوا_العرص ردود أفعال متباينة، يمكن أن نصفها بـ”الحرب الافتراضية”، بعد انتشاره كالنار في الهشيم وتزايد تداوله حتى قُدر بعشرات الملايين.

ثم انتشر تصريح اللواء هاني عبد اللطيف، المتحدث باسم الداخلية، أن إدارة مباحث الاتصالات تراقب “الهاشتاج” للقبض على المشاركين به، ثم يتضح أن مصدر الخبر هو موقع زائف، لكن يجب ألا ننسى أن هناك عدد لا بأس به من القضايا المبنية على إدارة صفحة فيسبوك مسيئة للجيش أو للمشير، إلخ.

جاء رد المؤيدين للسيسي بحملة #سأنتخب_السيسي، و#سأنتخب_السيسى_ومش_هنزل_لمستواك، و#لا للبذاءة. وقام بعضهم بكتابة عبارات تأييد السيسي على أوراق مالية فئة 100 جنيه، وفي السعودية على أوراق فئة 500 ريال، في حين كتبها البعض على أوراق 100 دولار أمريكي.. ومافيش حاجة تغلى ع السيسي!

كلمة حق من أهل الباطل
جاء أبلغ التعليقات على لسان خيري رمضان، أحد إعلاميي النظام المدللين، الذي اعتبر أن تداول الهشتاج هو “نزع هيبة المشير السيسي، مثلما حدث مع مرسي”، حيث اتُهم مرسي أنه “نحس” وأنه المتسبب في انقطاع الكهرباء وحوادث الطرق، إلخ، علاوة على وصفه بـ”الاستبن”، ذلك الإسم الذي استمر معه حتى سقوطه.

القمع المفرط من جانب السيسي وسلطة الثورة المضادة منذ 3 يوليو، الذي كان من محصلته آلاف القتلى والمصابين وعشرات الآلاف من المعتقلين، ربما كان سببا في الإحباط من القيام بمظاهرات، خاصة في ظل حملة دعائية قذرة تبرر وتمهد القتل والاعتقال وقد تزايد أيضا على السفاحين وتطالبهم بالمزيد من إهدار الدماء.

لكن السخرية كانت صيحة الاحتجاج الباقية على الألسنة، لكسر هيبة الديكتاتور حتى قبل أن يتربع رسميا على العرش. لقد كانت السخرية أداة الاحتجاج الباقية لدى المقهورين على مر التاريخ، فكان “الأراجوز” محاكاة ساخرة – حسب بعض التفسيرات – لإسم “قراقوش” نموذج الطغيان في التراث المصري، والأمثلة كثيرة.

حديد ونار.. وزجاج
لقد نجح نظام مبارك، بتحالف البيروقراطية الفاسدة مع رجال الأعمال الأكثر فسادا، برعاية وقيادة العسكر في استغلال الغضب الجماهيري ضد مرسي والإخوان وتصعيده، ثم اختطاف الموجة الثورية في 30 يونيو والانقلاب على ثورة الجماهير منذ 25 يناير 2011.

وقد استطاعوا بالحديد والنار أن يستولوا على السلطة من جديد، وكان سلاحهم الأقوى هو البوق الإعلامي، الذي ملأ الدنيا بالأكاذيب وطغى صخبه على كل الأصوات. لكن النظام البائس صدق أكاذيبه، وصدق “الشعبية الزجاجية”، تلك الشعبية الهشة الزائفة التي اختلقها وروجها للسيسي.

ولو رجعنا إلى تغطيات التلفزيون الرسمي لـ”مظاهرات دعم السيسي” في الجمعة الماضية مثلا، سنجد عشرات هزيلة من الوجوه المعروفة في ميدان عبد المنعم رياض، وهو لا يتناقض مع التسابق على تحرير التوكيلات للسيسي، فهذا مربط الفرس.

فبعد أن استفقنا مما جرى في 3 يوليو، بقى في كنف النظام بعض المرتزقة من المحسوبين على اليسار والليبراليين، ومن السلفيين، وكذلك من مؤيدي نظام مبارك وأيتامه، وهم على استعداد للصراخ عبر الهاتف في الفضائيات، وعلى استعداد لدفع بعض المال – مؤقتا – في سبيل أحلام الأمان والأرباح التي يلوكها السيسي، لكنهم ليس لديهم أي استعداد لمواجهة حقيقية في الشارع، ولا حتى تضييع ساعة من وقتهم، أو حتى السماح للعاملين في شركاتهم ومصانعهم ومحلاتهم بتضييع ساعة من أجل “عيون السيسي”.

حقا إن السخرية ليست كل شيء، لكنها تظل سلاحا فعّالا إلى حين، وتكشف أن شعبية السيسي هي “شعبية من زجاج” لا تصمد أمام “هاشتاج”.