بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

في نقد “حنيّة” السيسي

(1)

“واستمعت المحكمة في الجلسة إلى أقوال 4 شاهدات إثبات قدمهن أحمد حسام، المحامي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ووكيل سميرة إبراهيم، التي أقامت الدعوى، وأكدن في أقوالهن أن 4 أعضاء في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، هم اللواءات حسن الرويني، وإسماعيل عتمان، ومحمد العصار، وعبدالفتاح السيسي، أقروا في لقاءات منفصلة بإجراء الفحص لحماية الجيش من أي اتهام في المستقبل بفض عذرية المحتجزات”. منقول من خبر على المصري اليوم بتاريخ 27 فبراير 2012 ، وهو ما يؤكد أن السيسي لم يعترف فقط بكشوف العذرية بل بررها.

(2)

“بنحبك يا سيسي” هكذا هتفت “سيدات مصر” أثناء لقائهن مع المرشح للانتخابات السيسي.

(3)

“أنا بحب سيدات مصر، متفهمونيش غلط، وأي بنت في الشارع زي بنتي مرضلهاش التحرش” جزء من رد السيسي عند سؤاله عن حقوق المرأة.

منذ بداية ظهور السييسي وهناك علاقة وثيقة بينه وبين النساء، فالحديث المتكرر عن أسلوبه واستخدامه لكثير من الألفاظ الشاعرية “إنتم نور عنيا، كله بالحب.. إلخ” جعلت الحديث عن إعجاب كثير من النساء والفتيات به يتكرر. ولكن هل حقا خطاب السيسي للنساء هو خطاب يهتم بهن وبحقوقهن؟ وهل هناك طابع تقدمي لهذا الخطاب؟

حين نحاول تقييم مرشح انتخابي (مع الافتراض جدلا أننا أمام مرشح عادي) يتم تقييمه على أساس عاملين، برنامجه وتاريخه. أما عن البرنامج فلا يوجد، وقد أكدت الحملة الخاصة به على أنه لاداعي ولا وقت للنقاش! وإذا حاولنا استنباط أية مؤشرات من لقاءاته الأخيرة فالمؤشر الوحيد أنه لا يوجد برنامج سوى القضاء على هامش الحرية الضئيل الذي اكتسبته الثورة تحت اسم “محاربة الإرهاب”، وخطة تقشفية باسم “أجيبلكم منين، أنا مش قادر أديك!”.

وأما عن التاريخ، فهو أحد رجال نظام مبارك الذي شهدنا فيه (أعظم حريات ومساواة وتقدم اقتصادي)، وعضو المجلس العسكري الذي اعترف بكشوف العذرية ووصفها بأنها روتينية ولحماية الجيش. ثم الآن (إذا اعتبرنا أنه حقا لا يدير البلاد) فهو وزير الدفاع الذي طلب تفويضه لمحاربة الإرهاب، ومنذ هذا التاريخ شهدنا أكثر من 3284 شهيد وأكثر من 21 ألف معتقل وعشرات الشهادات بانتهاكات في السجون وحالات تحرش وكشوف عذرية جديدة. فأي بريق للأمل يمكن أن تراه المرأة المصرية إذا؟

إن الخطاب “الحنين” للسيسي يحمل في طياته الكثير من التحقير للمرأة، بداية من النظرة الأبوية، فهو الراعي والحامي والمتحكم (وهو متكرر حتى في حديثه عن الشعب بصفه عامة)، وصولا إلى اختزال معاناة المرأة في التحرش الذي لا يرضاه لها! فماذا بعد عدم الرضى؟!

ماذا عن المرأة المعيلة (تتراوح نسبة الأسر التي تعيلها امرأة بين 22% و33%) وماذا سيفعل بها برنامجه التقشفي؟!، وماذا عن حرية التنظيم وتمثيلها في النقابات؟! هل ستندرج أيضا تحت ما وصفه بعبارته: “بتوقعوا مصر”؟!

ناهيك عن توجيه الكلام دائما للعمال والموظفين كأنهم رجالا فقط بينما المرأة هي فصيل منفصل عنهم (هو بيحبهم)! الخطاب يحمل رجعية وثنائية الذكر القوي الذي يحمي المرأة الضعيفة، هذا المفهوم الغارق فيه مجتمعنا، وهو مايتجلى مثلا في أحد تعليقاته على المتحدث العسكري قائلا: “بس المتحدث ده له تأثير على السيدات”، وتحويل خطابه لعاطفية مبالغ فيها حينما يوجه كلامه للمرأة، وكأنه لايعتبرها مواطنا طبيعيا له نفس الهموم الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن مناقشتها معها بالحجة والدليل لا بالطبطبة!!

هذه النظرة الدونية ستنعكس على أوضاع المرأة بصفة عامة في الفترة القادمة، بداية من القضاء على أحد أهم مكتسبات الثورة – وربما المكتسب الوحيد للمرأة – وهو إبراز أهمية دور المرأة ومشاركتها، مرورا بتجاهل كل مشاكلها ومطالبها، فهي ليست جزءا من العمال والموظفين والجماهير بصفة عامة وواقع عليها اضطهاد بصفة خاصة، انتهاءا بانتهاج انتهاكات مثل كشوف العذرية والتحرش مع المعارضات على اعتبارها أمر روتيني وخروقات مقبولة في سبيل محاربة الإرهاب.

بالتأكيد هناك الكثيرات من السيدات اللاتي يحببن “حنية السيسي”، إلا أن هناك أيضا معتقلات الأزهر اللاتي تعرضن للتحرش ولم تشملهم  هذه “الحنية”. هناك أمهات وزوجات وأخوات لمعتقلات ومعتقلين يلقين أشد الصعوبات في البحث عن ذويهم ورعايتهم وتحمل ألم غيابهم، وهناك العاملات والموظفات اللاتي يجاهدن في الشارع وفي العمل من أجل أجر يكفي بالكاد مصاريف بيوتهن، كل هؤلاء كلام السيسي المعسول لن يطعمهن أو ينسيهن معاناتهن في “وطن السيسي”.