بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ساحة سياسية

كيف كانت ردود الأفعال؟

عن واقعة الاعتداء الجنسي

اليوم السبت 7 يونيو 2014، هل نزلت/ي إلى الشارع هذا اليوم؟ رأيت/ي كم فتاة وسيدة في الشارع؟ هل استوقفتك/ي نظرة شاب متفحصة إليهن؟ هل رأيت/ي أحدهم يلقي تعبيرا مضحكا أو جنسيا لإحداهن؟ أو يتلمس جسد إحداهن؟ هل اصطدمت/ي بفتاة أو سيدة لترى في عينيها نظرة “يارب ارجع بيتي سليمة”؟ الأهم، هل ترى من جديد؟

اليوم الأحد 8 يونيو عُرف بيوم التنصيب، احتفلات في ميدان التحرير يؤمنها رجال الشرطة، فتاة من المحتفلين تم تعريتها بالكامل والاعتداء الجنسي عليها – اغتصابه ا- جماعيا، جسدها ممتليء بالكدمات وألعاب نارية أحرقت جزء من جسمها. بعد ساعات تقريبا بدأ انتشار أخبار عن وجود حالات اعتداء جنسي جماعي في ميدان التحرير، فتقوم إحدى المراسلات بذكر الخبر بشكل عارض هامشي فتعلق المذيعة “مبسوطين بقى هاها”.

بعد منتصف الليل تقريبا يتم نشر فيديو يوثق الحادثة على شبكات التواصل الاجتماعي وكل إناء بما فيه ينضح: “الشمتان” في مؤيدات السيسي، الثوري التطهري الذي يدعي أن مثل هذه المشاهد لم تحدث وقتما تظاهر الثوار “الأنقياء”، متناسيا عشرات الحالات من الاعتداء الجنسي الموثقة، والمدافع عن الفتاة، وهناك دائما من يترك الجريمة ليطالب بعدم نشرها وكأن دون نشرها كان من الممكن أن نعلم أو كان من الممكن أن نتخيل كم البشاعة! لكن يبقى القاسم المشترك في كل هذا الذكورية الفجة للجميع تقريبا.

أما عن “الشمتان” فلا استغربه كثيرا، فليست بالأولى والأخيرة، ودائما ما يتهم من يدافعون عن العدل والكرامة والحرية للجميع حتى خصومنا بالحقوقين الذين لا يفقهون السياسة، فقل لي سيدي/تي الشمتان/ة لو أن الثورة قامت للدفاع عن حقوق مجموعة حددتها أنت/ي بخيالك فهل تسمح لي أن أكون جزءا منها فقد شاركت فيها مثلي مثلك؟! لو أن السياسة تعني السكوت عن اغتصاب وتعذيب وقتل بشر فقط لأنه ليس من فصيلك، فلماذا تصرخ في وجهه السلطة التي تعاديها عندما تمارس نفس الاساليب معك؟ ولو أن الثورة تعني تمرير اغتصاب والتشفي في ضحية جريمة شنعاء فماذا نحن فاعلون بها؟! الأمر ليس خياليا ولا حالما أن ترى جريمة فتقول هذه جريمة أو أن تدرك أن غيرك يعانون ويضطهدون ويحلمون بعالم افضل مثلك! وأنهم هم أيضا يناضلون بطرق مختلفة ليدركوا هذا الحلم مثلك!

وأما عن الأنقياء، أظنكم من من أغمضت أعينكم عن مئات النداءات بالمشاركة لوقف مأساة التحرش، من من ظلوا يقدسون أسطورة الميدان المثالي الخرافي الطاهر النقي، ممّن صدقوا – أو ارادوا أن يصدقوا – أن الشعب تحول إلى ملائكة فور دخوله إلى ميدان التحرير وأن الثوري لديه تركيبة خاصة اصطفاه الله بها فور اعتناقه الفكر الثوري مسحت سنوات الرجعية والذكورية. يمكنك بالطبع مراجعة شهادات الناجيات من الاعتداءات الجنسية الجماعية في التحرير، ويمكنك أيضا رؤية إحصائيات عن عدد حالات الاعتداءات التي تم الإبلاغ عنها لقوة ضد التحرش التي تم تكوينها من قبل متطوعين في وسط “تطنيش” الجميع ويمكنك أيضا أن تسأل نفسك في بلد نسبة التحرش تصل 99.3% – ليصبح الأمر معتادا ويوميا – كيف يمكن أن يختفي تماما في بقعة ما في نفس البلد ونفس البشر!

لكن الأهم من كل هذا يمكنك أن تسأل نفسك، كم فتاه تفحصت جسدها خلال هذا الأسبوع؟! وكم لفظ ذكوري فيه تحقير للمرأة استخدمته اليوم؟ وكم مرة وقفت لتمنع فتاة من التواجد في الاشتباكات “عشان البنات ميلخموناش”؟! وكم مرة رددت “ده بقى بيسجنوا حتى البنات، و”دي بنت راجل”؟! وكم مرة رددت هتافات مثل “احلق شنبك والبس جيبة” ولم تستوقفك كل هذه العبارات لتتسائل وما العيب في كونها أنثى بدون “شنب وجيبة” أو كونها امرأة وجدعة؟ وكم مرة تجاهلت مطالب المرأة وحقوقها بعتبارها ليست أولوية؟ أنت/ي لست/ي بمصطفى ولا أحدنا كذلك. أنت/ي ذكوري/ة أيضا وكلنا كذلك بتفاوت الدرجات. جميعنا مثقلين بتراث من الرجعية والعنصرية والطائفية، فأرجوك/ي إن كنت قررت الإنكار والادعاء فعلى الأقل لا تنكر جرائم ومعاناه عشرات الفتيات لتنعم/ي أنت/ي براحة الضمير.

حتى بعض المدافعين ينتهجون نهج ذكوري في الدفاع، فبين “دول مش رجالة” و”مفيش رجالة خلاص” وبين “اعتبرها اختك، بنتك…” ألا يمكن للمرأة أن تكون امرأة وفقط لتحتفظ بكرامتها وحريتها؟! هل يجب أن تنتمي لرجل أو تنسب إليه؟ هل يجب أن يكون هناك وصيا عليها ليتم حمايتها؟! ما الصعب في أن تكون امرأة وفقط! ألا يكفي هذا لتنعم بحياه على الأقل تتساوى في الاضطهاد مع الرجل؟!

اليوم الأثنين 10 يونيو، أي بعد مرور يومين على الأعتداء. ربما الضجيج قد هدأ، لم يعد الكثيرين يتحدثون عن الجريمة، انشغلوا في حدث جديد وجريمة جديدة، ولكن المؤكد أن هناك فتاه تم الاعتداء عليها بوحشية تعاني الآن في صمت، وقد يكون من حولها يشعرونها بالعار وأنها هي المتسببة فيما حدث لها ليضيفوا ألما على ألمها، وقد يكونوا عاجزين عن مساعدتها لنقص التوعية وتراث عقيم من التعتيم على الجريمة‎، والمؤكد أيضا أن هناك ملايين الفتيات يتفقدن ملابسهن قبل النزول إلى الشارع ناقمين على هذا الجسد الذي يتسبب لهن في المعاناة يأملن أن لا يلقين نفس المصير أو مصير مشابه.