بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ساحة سياسية

عن الاضطهاد الفكري والعقائدي

الحرية لمريم حمدي.. معتقلة في سجن المجتمع

جرافيتي الحرية

مريم حمدي.. مواليد المنصورة، أبريل 96. انتشرت قصة مريم ومعاناتها مع أهلها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قرر أبيها حبسها في المنزل ولا أحد يستطيع الوصول إليها. تقول الادعاءات أنها تجبر على تناول أدوية ذهانية وهو أمر غير مستبعد حيث كتبت هي على حسابها الشخصي أنها ذاهبة للطبيب النفسي مع أبويها منذ فترة.

مريم ليست مريضة ولا تعاني من أي اضطرابات، مريم وصلت لسن سمح لها بأن تفكر في ما تعلمته خلال سنوات عمرها عن الدين والله والإسلام وقررت أنها غير مقتنعة، الأمر الذي أثار جنون والديها وأهلها بالطبع ودفع بهم لحبسها أو أسوء وهو مالا نعرفه بعد.

كلمة “حرية” هي شئ مقتصر على الرجل الأبيض المسلم السني المغاير جنسيا، غير ذلك فأنت عزيزي الإنسان مضطهد فى مجتمعنا العظيم.

مضطهد.. كلمة مبتذلة ولا توفي الموقف حقه.

مريم فتاة قاصر لا تؤمن بما يؤمن به أهلها.. قصص الأشخاص الذين غيروا ديانتهم وعقائدهم وأفكارهم كثيرة لا تتوقف عند مريم.

مريم مثال واحد فى بلد يضرب بالحرية -أى حرية -عرض الحائط. منذ أكثرمن عام، تحديدا يوم 23 يونيو 2013، تم ذبح أربعة مواطنين مصريين منتمين للمذهب الشيعي على يد جمع غاضب من أهالى قرية زاوية أبو مسلم فى محافظة الجيزة.. ذبحوا بعد الهجوم عليهم فى منزلهم.. مثال آخر على السماحة وتقبل الآخر.

أنت حر طالما أنك لا تكسر القواعد، أنت حر طالما تؤمن بما نؤمن، وتحب كما نحب، وتعيش كما نعيش في القفص الصغير..

من ناحية أخرى، معظم الأباء فى العالم العربى مرضى كنتيجة للمجتمع الأبوي الطبقي. يظن الأهل أن أولادهم هم النسخ المصغرة منهم، طالما هو المسئول عن طعامك وشرابك فهو يملكك! لست بشرا حرا، أنت الشئ الذى سيحقق كل أماله وأحلامه وأفكاره، فكيف لك أن تختلف عنه هكذا؟!

الأسرة هى المصنع الصغير الذي سيعيد إنتاج البشر بكل الرجعية والتخلف وعدم تقبل الأخر، ليستمروا في الدوران في الدائرة المغلقة التي تبقى النظام مستمرا. ولأنها أسرتك يجب عليك الانتماء لأفكارهم ومعتقداتهم وأرائهم ذكر كنت أو أنثى لا تفرقة هنا..

التفرقة تظهر فى ردود الأفعال، فالذكر مضطهد مرة والأنثى مضطهدة مرتان لأن المجتمع قرر أن هذا النوع الاجتماعى خصيصا له قدر من الحريات أقل بكثير من النوع الاجتماعى الآخر. فالابن سيترك البيت الآن أو لاحقا، أما الابنة فلا خيار لها ستترك بيت أبيها لبيت زوجها الذى سيستلم الدفة، وسيكرر حرفيا نفس التجربة. لأنها الابنة ففرصها فى إلحاق “العار والفضيحة” أكبر بكثير من الابن.

مريم لو كانت فتى لكانت هربت ربما، أو قام أبيها بطردها، مريم كانت ستحبس في المنزل لأسباب أخرى كثيرة حتى لو ظلت على نفس الديانة.. خلعها الحجاب كان سيحبسها.. حبها لرجل كان سيحبسها، أي فكرة أو فعل خارج المنظومة الأبوية العتيدة كان كفيلا بحبسها.

هذا ما وجدنا عليه أباءنا وأجدادنا من أفكار ومعتقدات، ووجب علينا اتباعها عميان كما اتبعوها هم، من يرفع صوته مخالفا ذلك فهو آثم.

أن تؤمن بحرية الفرد مسئولية.. أصبحت مسئوليتك أن تدافع عن كل الحريات وكل الأفراد، عن كل ما توافق عليه وكل ما تختلف معه، كل ما تؤمن به وكل ما لا تؤمن به..

إذا حاربت من أجل الحرية فستصطدم بالأسرة والدولة والنمطية، فكن مستعدا لحرب طويلة جدا.

وماذا بعد؟

إلى متى سنتجاهل الحقوق والحريات العقائدية لأنها مناطق محظورة؟ إلى متى يستعبد الإنسان بالقوانين، ونحبس فى بيوتنا لأننا فتيات أو قُصّر، لأن البشر ليسوا متساوين؟

الحرية للمعتقلين فى السجون والبيوت.. الحرية لمريم حمدي..