بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ساحة سياسية

في ذكرى التفويض

الخالة “وطنية” وصناعة الإرهاب

عام مر على بداية تفويض أقل ما يُوصف به أنه مهًد الظهور لموجات من القتل والتعذيب والاعتقال تحت غطاء جماهيري يحيمها حتى من أولئك مدعي الإنسانية. تلك المجازر التي لم تطل فقط أولئك الإسلاميين بل حتى السائرين بداخل الحوائط وليس بجانبها فقط، لم تستثنِ أيضا أولئك من برروا للدولة قمعها في الحرب على الإرهاب، باسم الحرب على الإرهاب جئنا لكي نطهر البلاد من شركم، هكذا صاح الجنرال المجنون وهو يمهد الطريق لإعلان تنصيبه فرعوناً جديداً على الجماهير، ولكن هذه المرة استمد شرعيته من خلال تلك الدماء المُسالة على جنبات الطرقات.

في هذا الوقت كان الاختيار صعبا أمام حتى أكثر الحركات الماركسية ثورية، الاشتراكيون الثوريون، كان الاختيار أمامهم ما بين التهليل لموقف الدولة من حربها المزعومة على الإرهاب وفض رابعة والتفويض، أو التكتم والانعزال وكأن الأمر لا يعنيها، هذه حربهم فلتساعدنا السماء على كليهما!

في المقابل اتخذت الحركة موقفاً أكثر ما يوصف به هو الثورية، موقفاً كانت معظم فصائل اليسار المصري في ذلك الوقت إما مرتمياً في أحضان الدولة، أو متطهراً مستنكفاً لخوض غمار المواجهة بسبب وجود خلخلة في النظرية أو نتيجة لطفولية يسارية أصابته في مقتل!

جاء موقف الاشتراكيين الثوريين مُعبراً وحاسماً لتلك الحقبة الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الثورة المصرية: “علينا أن نُجهز على الإخوان على المستوى الشعبي والسياسي، علينا التصدي لأعمال عنفهم بمنتهى الحزم، لنبني لجاننا الشعبية للدفاع عن أنفسنا ضد هجمات الإخوان، ولنحتمي بثورتنا التي لن تهدأ قبل أن يسقط النظام، قبل أن تنتزع العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، والقصاص للشهداء من القتلة.. كل القتلة”.

من بيان الاشتراكيون الثوريون في 25 يوليو 2013
إسقاط الإخوان لتعميق الثورة لا لتدعيم النظام.. لن نفوّض

ولم يكن الأمر ليحتاج أكثر من بضع كلمات ليسوق الاشتراكيون الثوريون موقفهم من انتهازية وخيانة جماعة الاخوان للثورة وللجماهير، تلك الخيانة والتي عُقدت محاضرها على دفاتر الصفقات المشبوهة بين الجماعة ورجال الجيش، فلم يكن الاخوان المسلمون أكثر من مجموعة من البهلوانات تدور في فلك الدولة العميقة، دون أن يدروا أو تعمدوا ذلك، لافرق في الحالتين!

“المؤسسة العسكرية التي تحالفت مع الإسلاميين على مدار سنتين قررت إنهاء هذا التحالف بعد فشل التيار الإسلامي في احتواء الحركة الاجتماعية والغضب المتصاعد في الشارع، وانتهزت هذه الفرصة للإطاحة بمرسي، ولقطع الطريق على تطور الحركة الثورية وتعمقها، وقيادة هذه الحركة في اتجاه أكثر أماناً: التخلص من الإخوان وإعادة النظام القديم. قامت هذه الاستراتيجية على تبرئة الفلول والعسكر والشرطة وإلصاق جرائمهم في قائمة جرائم الإخوان، وفوق ذلك جعلوا ثورة 25 يناير نفسها، تهمة الصقوها بالإخوان أيضاً. فلا نجدهم يريدون محاكمة مرسي على قتل شهداء بورسعيد أو غيرهم، فلقد كانت شرطة مبارك/مرسي التي فعلت ذلك. والأهم أن هذا سيفتح باباً قد أغلق بالاتفاق مع مرسي: القصاص للشهداء”.

من بيان الاشتراكيون الثوريون في 25 يوليو 2013
إسقاط الإخوان لتعميق الثورة لا لتدعيم النظام.. لن نفوّض

أما الطبقة الحاكمة فقد وجدت نفسها ومن خلفها من حزمة المدعين والإنتهازيين و”حلاليف” اليسار والليبرالية في مواجهة تلك الجماهير ذات الوعي الطبقي المنخفض والمشوه إما بتأثير موجات الإعلام القذر حول فاشية الاخوان “المزعومة” أو تحت تأثير مخدر “الجيش حمى الثورة”، كان لابد من تفريغ تلك الدفعات من الطاقة نحو شيئاً، كان لابد للجماهير أن تشارك في الحدث ولو على سبيل غض البصر! بإسم الحرب على الإرهاب تم قتل 3248 مواطن و إعتقال 41,163 في سجون الدولة العسكرية، بل تم التبرير لذلك حتى من جانب أولئك الكادحين!

واليوم وها نحن نجني ثمار الحرب على الإرهاب ، ثمار الترويج لفاشية الجنرال الآخذة بالتصاعد، ها هي الدماء لم تتوقف عن السيلان، ها هي المعتقلات ما زلت تنضح بصرخات الألاف من الأبرياء، ها هو الإرهاب، إرهاب الدولة الذي تخلقه وتغذيه، كالكلب يعوي مربوطاً بتلك السلسلة حائماً حول أولئك الذين أتخذوا من إنسايتهم سراجاً لدربهم، أو حتى من تصاعدت لديه الجرأة.. مجرد الجرأة للمطالبة بكسرة خبز تكفي عنه ذل السؤال.

أما المشير ومن سايره في حربه المقدسة فإنه لن يجد الغضاضة في القتل والمزيد من القتل، في ابتداع المزيد من الحجج من أجل التبرير، في البداية كانت بإسم الحرب على الإرهاب، وتارة من أجل الأمن القومي، يغلقون من أجل ذلك المعابر، لا شي سيوقفهم، لا صرخات الأمهات الثكلى ولا حتى أزيز الطائرات الإسرائيلية المخترقة لتلك الحدود “الهشة”، عن تلك الوطنية “المزيفة” التي يروها هم فقط الأقدر والأحق أن تنتزع من جيوبنا المثقوبة تلك القروش المعدودة والتي أصبحت الأن في حُكم الكتمان.

ولكن تبقى السخرية بكل جنابتها هي ملاذنا الأخير، هي من نلجأ إليه تنفيساً عن غضباً مكتوم أو حتى من أزمة صيف عابرة، ففي ظل صمت وخنوع الأنظمة العربية حول تلك المذابح الدائرة بقطاع غزة، تحولت فوهة البندقية “المفترضة” إلى سؤال هل المفيد اطلاق تلك الصواريخ “العبثية” من قطاع غزة والتي تشبه “بمب العيد” في تأثيرها؟!، أم إن الأجدر هو تهنئة الملك السعودي “الكهل” على جائزة الدكتوراه الفخرية من جامعة الأزهر، تقديرًا لجهوده في خدمة الدعوة الإسلامية، ونصرة الشعب المصري في محنته؟! المحنة، هكذا تحدث رئيس جامعة الأزهر حول أزمة الشعب المصري.. صدق الرجل وإن كذب!

أما الخالة وطنية فإنها تشبه الحاج سمير البمباوي ” عين أعيان “البتانون” بمحافظة المنوفية، فهو التجسيد الأمثل لحالة الخالة وطنية “المترهلة” في حربها “المفترضة” على الإرهاب، تلك الخالة التي تقف وما زالت عاجزة أمام تلك الضربات الأتية من الجارة تل أبيب عندما قُتل لها 5 جنود مصريين على الحدود المصرية الإسرائيلية في 2011 بعد أن اجتازت الحدود المصرية دورية اسرايئلية، وأطلقت النار من الجانب المصري، إلا أن الخالة “وطنية” وتلويح العم سام بالمساعدات العسكرية واتفاقية كامب ديفيد التي تنص على اقتسام الشقق بين الجيران كلاً على حسب قواته تُبقِي الحال كما هو، فليس لصوت الخالة وجود سوى لتلك “الهرتلة” الصادرة من حنجرة الحاج سمير البمباوي.

ويبقى الشعر
إذا الشمس غرقت في بحر الغمام

ومدت على الدنــيا مــوجة ظــــلام

ومات البصر في العيـون والبصايــــر

وغاب الطريق في الخطوط  والدواير

يا ساير يا دايــر يا أبــو المفهومــــية

ما فيش لك دليـل غير عيون الكلام

وتظل المواقف ثابتة أمد الدهر
إسقاط الإخوان لتعميق الثورة لا لتدعيم النظام.. لن نفوّض

ضد التفويض والمجزرة وصعود الفاشية العسكرية