بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

اذكروا «نصر» إنه كان إنساناً نقياً

الحرية لمحمود نصر

ستعرفه حتما بمجرد وقوع نظرك عليه من بعيد ذلك الشاب النحيل قصير القامة صاحب الابتسامة العريضة، ستعرفه بكاميرته المتشبثة برقبته خشية السقوط في لحظات الاشتباك، أو من حاملها الذي يقترب طوله من طول حامله. إذا جمعك به مجلس لن تتكبد عناء الاستدارة لتدرك أنه من يتحدث فلن تجد من يتحدث بمثل تلك السرعة مسقطا معظم أحرف الكلمات من فرط الحماسة. إنه المصور الصحفي محمود نصر، الشاب العشريني طالب كلية الآداب جامعة الإسكندرية أو كما يلقبه زملاءه ” عين الثورة “.

فمنذ إلقاء القبض عليه في الإسماعيلية من أكثر من أسبوعين، واكتشاف الحكم الغيابي بحقه لـ 10 سنوات، لن تجد تجمعا طلابيا إلا ودار فيه الحديث عن “نصر”، فيحكي أحدهم عن شجاعتهم واجتهاده في تغطية أخبار الجامعة حيث كان يعمل مراسلا للمرصد الطلابي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، ويسرد آخر وقائع إنقاذه لعشرات الطلاب الذي أجبرهم سوء حظهم على وقوع ميعاد امتحانهم في أوقات قصف الجامعة الترم الماضي ليجدوا أنفسهم تحت وابل من قنابل الغاز المسيلة للدموع وهنا يتقدم نصر طالبا من أحد أساتذته الخروج من الجامعة بسيارته، وحينها يضطر حرس الجامعة فتح الأبواب المحاصرة للطلبة فيتسللوا ناجين بحياتهم من الموت. تقطع أحداهم الحديث لتذكر كيف صعقت عندما جمعها مجلس  بـ ” نصر ” لأول مرة من روحه العالية وضحكته التي لا تغادر وجهه وذلك من كثرة ما رأته أثناء الاشتباكات متجهما يملأ وجهه القلق على جميع زملائه من الطلاب من هول ما يرصد بكاميرته.

وفي جلسة أخرى تجمعك باصدقاء نصر المقربين ستبدأ الحكايات من الحديث عن موسيقى”بينك فلويد” و”كامل باند” وثقتهم أن الموسيقى التي تلعب برأس صديقهم الغائب منذ أسبوعين لم تنفذ بعد.  ثم يسردون حكايات عن الحفلات الموسيقية التي شاركهم بها حيث كان يلعب على آلة ” الدرامز “. يعتقد أحدهما أنه لم يعزف مع عازف درامز بحماسته قط ليقطعه ثاني معترضاً: لم تكن فقط الحماسة إنه ذلك التجلي الذي يصيبه عند عزف الموسيقى أو سماعها.

أما وسط زملائه من الصحفيين فلن تجد إلا حديثا واحد عنوانه الاجتهاد، فقد كان “نصر” أكثر المصورين الصحفيين اجتهادا ومثابرة في عمله بشكل ملفتا أنظار الجميع. لذا لم يكن هناك عجب من أن يٌختار من وسط 20 مصوراً صحفياً من قِبَل جريدة المصري اليوم للعمل بها.

ذلك هو “نصر” الصديق والرفيق الذي أعرفه، الحالم دائما بغدٍ أفضل للبشر، الكاره للظلم، الكاشف للحقيقة. فلم يكن “نصر” سوى صاحب عدسة حرة ترصد وتفضح التجاوزات والانتهاكات أينما كانت ولكن ذلك في هذا العهد البائس أصبح جرم يستحق 10 أعوام من سلب الحرية في زنزانة مظلمة يمر يومها على قاطنها بعشرة، سالبة معها شبابه.

الحرية لنصر.. الحرية لأصحاب الرأي.. الحرية للمستقبل.