بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عزيزي القبطي.. النظام مابيحدفش كتاكيت

“السيسى هيكون معانا مش عشان هو بيحبنا لكن عشان الكنيسة وقفت معاه بقوة وباعترافه” هكذا شرح لي أحد الأصدقاء على فيسبوك أهمية انتخاب السيسي في الانتخابات الرئاسية الماضية تعليقاً على فيديو وضعته على صفحتي ينكر فيه السيسي التمييز ضد الأقباط داخل القوات المسلحة.

بعد مرور أقل من 5 أشهر على انتخاب السيسي قامت قوات الشرطة في قرية جبل الطير في المنيا بتفريق مظاهرة أمام أحد أقسام الشرطة شارك فيها مئات من الأقباط مطالبين بفتح تحقيق في اختفاء ربة منزل قبطية. ألقت الشرطة القبض على عشرات الأقباط وقامت بالاعتداء بدنياً عليهم واقتحمت بيوتهم واعتدت على نساؤهم وأطفالهم وممتلكاتهم. بالطبع قائمة الاتهامات جاهزة: تجمهر – تظاهر – اعتداء على الشرطة .. إلخ.

“يا كفرة.. تعملوا كدة في الحكومة يا كفرة”؟ يروى أحد المعتدى عليهم ما سمعه من قوات الشرطة.. “جرى عليّ بالسلاح قال لي: ‘خشي يا كلبة'” تصف إحدى المسنات ما حدث لها أثناء اقتحام بيتها.

مر على الاعتداء حوالي 10 أيام من دون أن يعلق السيسي أو أي من مسئولي الدولة أو يُفتح تحقيق في الواقعة ولا يبدو لأن أحداً يهتم أصلاً. ربما يفسر البعض ذلك بانشغال السيسي بالسفر إلى نيويورك، ربما، لكن لماذا لم تشغل نيويورك الرئاسة عن إبداء استعداد لقبول المصالحة مع الإخوان بشروط؟ هل مصالحة الإخوان أهم من الاعتداء على الأقباط؟ غريبة جداً كنت أظن أن السيسي “هيكون معانا”.

أقارن ردود الفعل الصامتة الآن أو الخجولة في أحسن التقديرات بردود الفعل الساخنة – بحق – على ما فعلته داعش في مسيحيي الموصل من تهجير واستيلاء على ممتلكاتهم وما استتبع ذلك من استغلال هذا في تبرير وجوب الصمت على ما تفعله الدولة لأنها ستحمينا من الإرهاب القادم فإذ بدواعش الداخلية المفترض أن يحموا الأقباط وغيرهم من المصريين يقتحمون البيوت ويعتدون على المئات بل ويتسترون على حادث الاختفاء بتأخير التحقيقات، هذا بالطبع بجانب فشلهم التاريخي في حماية الكنائس في الصيف الماضي أو إعادة بنائها، أما القيادة السياسة فلا تبالي أساساً.

أثناء متابعتي للأزمة، دار في ذهني شريط لتصريحات ليست ببعيدة لبعض قيادات الكنيسة القبطية منها مثلا: “إزاي نتكلم عن حقوق الإنسان في الوقت دا؟” للبابا تواضروس، و”مش عايزين نطلع في الأوراق القديمة” للأنبا بولا عن محاسبة مرتكبي مذبحة ماسبيرو، و”السيسي مرسل من السماء” للأب مكاري يونان.

عدة أسئلة تطرح نفسها الآن: هل حان وقت الكلام عن حقوق الإنسان أم لازال مش وقته ولتُخطف من تُخطف وليُقبض على من يُقبض عليه من الأقباط وتقتحم بيوتهم ويعتدى على زوجاتهم وأبنائهم لأننا في حرب على الإرهاب؟ هل كنا سنحتاج لـ”أوراق” جديدة في جبل الطير إذا كنا طلعنا “أوراق” ماسبيرو القديمة؟ وهل سنرى “أوراق” أخرى في المستقبل؟

ماذا عن من أرسلته السماء لإنقاذ مصر؟ يبدو أن السماء غاضبة بعض الشيء على الأقباط فأرسلت لهم رئيساً شرطته تعتدي عليهم وتنعتهم بـ”الكفرة”.

أستطيع تخيل مشاعر قبطي من أقباط المنيا بعد أن أهانت دولة السيسي كرامته وانتهكت حرمة منزله وهو يرى أقباط المهجر في نيويورك وهم يحشدون حافلات بالمئات لاستقبال زعيم هذا الجحيم مهللين بعد أن رفع معظمهم قضايا لجوء ديني أمام المحاكم الأمريكية ربما أدت إلى إسقاط جنسيتهم المصرية أساساً في مقابل الهروب إلى نعيم العم سام. لا أبالغ إن قلت أنه مزيج من الشعور بالغضب والحنق وربما الخيانة. أقباطاً مثلنا هربوا من الجحيم ليستقبلوا المسئول عن هذا الجحيم بالحشد والهتافات بينما نكتوي نحن هنا.

أعتقد أنه بجانب التهليل للسيسي، يجب على مؤيديه من أقباط المهجر تكثيف الصلاة والدعاء لئلا تصل أخبارهم لأقباط جبل الطير المكلومين.

قبل نحو عام دار حوار بيني وبين نفس الشخص صاحب التعليق في أول المقال ولكن هذه المرة كان حواراً حقيقياً وجهاً لوجه. قلت له أننا لا يجب أن نرضى بتعذيب أحداً حتى لو كان من الإخوان، قال مقاطعاً: “لأ طبعا، لازم يتعذبوا عشان يتعلموا”. فتحت فمي من الدهشة ولم أستطع استكمال الحوار معه. فيما يبدو أنه يظن أن الدولة هي بابا وماما اللي بتربينا وليست مجموعة مؤسسات منتخبة تخدم المواطن في مقابل دفع الضرائب (بالمناسبة بابا وماما ملهومش حق يعذبوا حتى لو “بيعلمونا”). على أي حال أظنه الآن راض كل الرضا عن تعذيب الشرطة لأقباط قرية جبل الطير “عشان يتعلموا” ما يطالبوش بحقهم تاني.

من ظلم أقباط جبل الطير هو من اعتقل الآلاف في السجون ظلماً لأنهم عارضوا نظامه، هو من أصدر قانون التظاهر ليخرس معارضيه فأخرس الجميع، هو من أصدر حكماً بالإعدام على مئات بدون تمكين محاميهم من قراءة أوراق القضية، هو من يرى كل من يطالب بحقه خائن وعميل كرامته وحقوقه مُستباحة. من ظلم أقباط جبل الطير لا يفهم إلا لغة الظلم، والظلم لا يُفرِق ولا عزيز لديه.

-روابط تم الإشارة إليها:
السيسي ينفي وجود تمييز ضد الأقباط في الجيش: http://youtu.be/k01QuZxjWWg
شهادات أقباط قرية جبل الطير بالمنيا عن اعتداءات قوات الشرطة عليهم: http://youtu.be/yOJPaS01EfI
البابا تواضروس: “إزاي نتكلم عن حقوق الإنسان في الوقت دا؟”: http://youtu.be/QGZ_CzNRN50
الأنبا بولا عن مذبحة ماسبيرو: “مش عايزين نطلع في الأوراق القديمة”: http://youtu.be/0tugsXV1igM
الأب مكاري يونان: “السيسي مرسل من السماء”: http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=06062014&id=4b381e72-4095-459a-ace3-a5fb1a44efed
«الرئاسة» تضع 3 شروط لدمج «الإخوان» في الحياة السياسية: http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=21092014&id=f9a89ca4-72bb-481d-9114-6c100968acbb
تقرير هيومان رايتس ووتش عن 22 ألف معتقل سياسي: http://www.hrw.org/news/2014/09/24/egypt-obama-should-speak-out-rights
قضية إعدامات المنيا: القاضي لم يتح للمحامي وقت لقراءة أوراق القضية: http://gu.com/p/3zmh9/tw