بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

بطة السيسي العرجاء – الجزء الثاني

انتظرنا طويلا حتى النطق بحكم البراءة بعد العديد من المداولات والجلسات ثم إعادة المحاكمة مرة أخرى، لكن دعونا نرجع بذاكرة السمك إلى سلسلة مهرجان البراءة للجميع وتبرئة أكثر من 90% من مديري الأمن والضباط بمختلف المحافظات والمتورطين في مقتل المتظاهرين “مقتحمي” أقسام الشرطة. ما الداعي للمفاجأة وفتح الأفواه الفارغة وكأن الحكم قد أصبنا في مقتل، وكأن الثورة لم يُلعن فشلها بالفعل سوى بعد حكم البراءة!

في رواية “قاتل لمدة عام” لفريدريش كريستيان دليوس، كان هتلر، تكريما لدور القضاء الألماني “الشامخ” في الفتك بمعارضي النازية، يقدم كل سنة وفي عيد القضاء جائزة “المقصلة الذهبية” لأكثر قاضي أصدر أحكاماً بالإعدام!

الرواية تتحدث عن قاضي يدعى هانز يواخيم ريزه فاز في آخر 3 سنوات بجائزة المقصلة الذهبية، وعندما انهار الحزب النازي ودخل الحلفاء ألمانيا، احتاج الحلفاء لنظام قضائي فأحضروا هذا القاضي، وكان من ضمن الذين كتبوا الدستور والقانون الألماني ووضع حصانة خاصة للمحكمة الدستورية ولنفسه أيضا.

ضحايا هذا الرجل انتظروا تقاعده لإقامة دعوى قضائية ضده، لكن المحكمة في ذلك الوقت رفضت طلبهم وألزمتهم بتعويض “ضخم” بسبب التطاول على القاضي!

في أواخر الستينات أصدر قضاء ألمانيا الغربية حكما ببراءة هذا القاضي، وقد اُعتبر ذلك بمثابة فضيحة سياسية وأخلاقية في ذلك الوقت!

أكبر رقم لإعدامات حققها هذا القاضي الألماني في سنة واحدة كان 200 حكم بالإعدام على معارضي النازية. فخر القضاء النازي كان 200 إعدام في سنة واحدة، لكن في مصر تم إصدار أحكاما بالإعدام على 529 من أنصار جماعة الإخوان المسلمين (147 منهم معتقلين والباقي هاربين) بتهمة قتل ضابط في الشرطة في سياق أكبر حكم بالإعدام في مصر الحديثة.

مشهد رقم 4
تلتفت إلىً إحدى الفتيات لتقول “لا تعقيب على أحكام القضاء.. قضائنا شامخ بعدد زفراته وهمساته ونزواته”، أجبت: وبعدد أحكامه الصامدة أمام السخرية!

تحاول المؤسسة العسكرية الظهور بمظهر الرجل القوي في كل شيئ بداية من كونها “مصنع الرجال” وليس “مصانع المكرونة” مرورا بكونها “منبع الوطنية” وليس “بنزينة الوطنية” وانتهاءا بتحطيم الأرقام القياسية في سرعة وقسوة أحكام القضاء العسكري.

يمتاز القضاء العسكري بأنه سريع وفعال وقاسي و”شاكم” ورادع، لن تجدي معه أطقم المحامين ولا حتى شبكات المدافعين عن حقوق الإنسان، وكونك أحد من أوقعه حظه السيئ في مشادة مع ضابط جيش نتيجة لـ “تتنيحة” مفاجئة في “بنزينة” تابعة للجيش، أو لإهانتك المتكررة للوطنية “العرجاء”، أو لتطاولك المستمر بـ “حاميها حراميها”.

من المتوقع تحويل 156 مدنيا يُحاكمون الآن أمام القضاء المدني، إلى المحاكمة أمام القضاء العسكري في قضايا تحمل أسماء أمنية وإعلامية شتى بعد انتهاء النيابة العامة من حصر قضايا “الإرهاب”، التي ستُحال إلى هذا القضاء لنظرها، تنفيذا لكتاب صادر من النائب العام المصري بهذا الشأن. المتهمون على سبيل المثال تنوعت اتجاهاتهم ما بين الانضمام إلى جماعات إرهابية أو عندما قررت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة بعدم الاختصاص بنظر محاكمة 5 طلاب بتهمة حرق “كونترول” كلية الهندسة بجامعة الأزهر، كما قضت بإحالة الطلاب إلى القضاء العسكري.

وفقاً لتقرير موقع «جلوبال فاير بور»، المعني بتصنيف جيوش العالم، من حيث قوتها، والذي صدر مؤخرا حول أقوى 10 جيوش عربية في عام 2014. الجيش المصري يحتل المرتبة الأولى عربيا والـ 13 عالميا، لكن حتى هذه القوة “العبثية” تقف عاجزة أمام ضربات “أنصار بيت المقدس” بسيناء.

اللواء “أحمد رجائي” عطية مؤسس فرقة 777 لمكافحة الإرهاب كان صريحاً أكثر من اللازم عندما تحدث بأن القوات المسلحة استطاعت التغلب على الأعمال الإرهابية ضد مصر، موضحًا أن ما تقوم به التنظيمات الإرهابية من حرب شائعات لن تؤثِّر في عزم الجيش والقضاء على الإرهاب، مضيفا بأن التنظيمات الإرهابية تنظِّم حملة دعائية ضد مصر من خلال فيديوهات مزوَّرة!

الجيش لم يستمع هذه المرة لعبث اللواء المتقاعد وقام بالرد بكل قسوة على فيديو أنصار “بيت المقدس” بفيديو ناري وقوي وغاشم بعنوان “رسالة الجيش المصرى من سيناء”، الفيديو يعرض لقطات عن اعتقال أفراد، لم يُستدل بالقطع إذا هم تابعين لتنظيم أنصار بيت المقدس أم لا، وطائرات “الأباتشي” تقصف منازل وتجمعات بشرية، ومشهد لبعض الجنود أثناء اقتحامهم لبيوت خاوية على عروشها!

مشهد آخر لا علاقة له بالأحداث بقيام جرافة تابعة للجيش المصري بإزالة أشجار، وكأن الهدف هو حرق الأخضر واليابس، مشاهد متقطعة لأفراد من الجنود بكامل عتادهم وتسليحهم “الأنيق”، زي مشهد الفنان محمود ياسين في فيلم “الرصاصة لا تزال في جيبي”، حيث الشعر المصفوف والملابس العسكرية النظيفة الخالية من أي أتربة على الرغم من مشاركته في الحرب!

أما مجموعة المجندين البؤساء والذين تم تلقينهم الكلمات فجاءت كلماتهم بشفاه “مرتعشة” وغير واثقة في سياق 3 مواضع “إحنا مش خايفين – هناخد الرصاص في صدرنا بدلاً عن الشعب – أي حد هيمس الأمن الداخلي يعدي على جثثنا الأول”.

الفيديو من إنتاج وزارة الدفاع المصرية والذي استغرق يوما كاملا ما بين الإعلان عنه وإنتاجه. فيديو ضعيف ولم يُثر أي قوة بالتعاظم أو الإحساس بالفخر أو حتى بالطمأنينة. فيديو هدفه التأكيد على شيئ واحد فقط.. أن القادم هو أسوء بكثير مما مضى.. وأن الضحايا بالقطع مشتركين بين أنصار بيت المقدس والجيش المصري.. عن المجندين البسطاء أتحدث!

ما هي دائرة النظام الحالية؟ التضحية بجنود أوقعهم حظهم العاثر في طريق الحرب المقدسة على الإرهاب، يتم بعدها النواح واللطم على الأمن والأمان ليخاف الجميع، لا هَم لهم سوى الحفاظ على حياتهم حتى وإن كلفهم ذلك التنازل عن حقهم في حياة محترمة وآدمية.. لكن ماذا بعد أن يرتفع أزيز البطون الجائعة؟!

النظام المصري نظام مأزوم بطبيعة حاله، ولن تجدي معه الحلول الأمنية لاجتذاب استثمارات على المدى البعيد، رجال الأعمال لن يخاطروا برمي ملايين الجنيهات في ظل وضع أمني “هش”، ولن تجدي معهم تلك “الطنطة” حول الوطنية ومصلحة البلاد العليا. في نفس الوقت لن يستمر الوضع الحالي على ما هو من قمع مستمر وتكميم للأفواه والتي طالت حتى عرائس الماريوت أمثال “محمود سعد”، لن يستطيع النظام اللعب على المشاعر الوطنية للنهاية، ولابد له أن يرخي قبضته أو أن تُرخى قبضته دون إرادته!

بطة السيسي “العرجاء” هو القضاء الذي مازال مستمرا في ارتكاب “الخطيئة”. هي تلك البطة “السوداء” و”العرجاء” في أحكامها، تمشي متكئة على فتات ما يليقه النظام. بطة لن يجدي معها سوى الذبح!