ما قل ودل
قضاء السفاح.. فاسد

على خلفية فضيحتيّ أحكام البراءة لمبارك وأحكام البراءات الجماعية لرموزه التي كان بطلها أحد قضاة محكمة جنايات القاهرة، يتحول القضاء المصري بهذه الأحكام الغير منطقية، إضافةً إلى الحكم بحظر حركة 6 أبريل، إلى أداة في يد السلطة الحاكمة في مصر.
ففي الوقت الذي يحكم فيه القضاء المصري على الثوار أمثال سناء سيف و22 آخرين بـ 3 سنوات في القضية المعروفة بـ “مسيرة الاتحادية”، يغض الطرف تماما عن جرائم السلطة الحاكمة وانتهاكات الأجهزة الأمنية. ذلك القضاء الذي يقاضي المئات ويحكم عليهم بالسجن بسبب خرق قانون التظاهر لكنه لم يصدر حكماً واحداً ضد من قتلوا 840 متظاهرا أثناء ثورة يناير 2011 حيث تم تبرئة 183 ضابط آخر وإخلاء سبيلهم، آخرهم ضابط عربة الترحيلات بسجن أبو زعبل التي راح ضحيتها 37 معتقلا.
إنه هو القضاء الذي لم يحرك ساكناً ولم يحاكم أحداً في عملية فض اعتصامي رابعة والنهضة حيث لقى 630 شخصاً حتفهم وفقا للإحصائيات الرسمية، بينما تشير مصادر أخرى إلى أن العدد يفوق الألف شخص. بل أحال 837 معتقلا إلى المحاكمات العسكرية الفورية خلال شهر واحد فقط بموجب قانون حماية المنشآت.
وهو نفسه القضاء الذي يحاكم الصحفيين بتهمة التواصل مع جماعة الإخوان المسلمين. وقد بدا واضحاً أن القضاة في كل تلك القضايا يرسلون رسائل سياسية في الجلسة الأولى للمحاكمة ثم يتبعون الآليات القانونية في الجلسات التالية، وهو ما يوضح العلاقة بين القضاء والسلطة الحاكمة والتي كانت قائمة منذ عهد مبارك حيث أمسك المخلوع بالمناصب القضائية القيادية في قبضته بتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا والنائب العام. وبعد رحيل مبارك ظل القضاء المصري دون مساس، لكنه دخل في مواجهة عنيفة مع شباب الثورة بعد انقلاب السيسي.
الآن يمارس القضاء المصري دور المنتقم ليثأر من كل مَن وقف ضد مبارك ونظامه الفاسد.