بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

لقد وقعنا في الفخ

عدسة - معتز زكي

“في الثامن عشر من شهر سبتمبر تم رصد هيثم محمدين وهو يدلف إلى سيارته الفارهة منتظراً صديقه هشام فؤاد، فيما يكاد يعبث بهاتفه النقال ذو التكنولوجيا المتطورة والذي من خلاله يحرض على إسقاط الدولة ومهاجمة النظام الحاكم وتهديد الأمن والسلم العام”.

المقطع السابق هو ما أتخيله جانبا من التحريات “المفترضة” لأمن الدولة حول الرفيقين هيثم محمدين وهشام فؤاد الأعضاء بحركة الاشتراكيين الثوريين والتي على إثرها أصدرت لجنة حصر أموال جماعة الإخوان المسلمين، التابعة لوزارة العدل في مصر، التحفظ على أموال وممتلكات 112 شخصاً من تحالف دعم الشرعية المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي.

المهزلة لم تتوقف واتهامات النظام الحاكم الموجهة لحركة الاشتراكيين الثوريين بتلقي التمويل أو الانتماء إلى الإخوان أو الوقوف في صف العسكر في 30 يونيو وفقا لاتهامات الإخوان المسلمين، لم تتوقف، وهكذا أضحى الصوت الوحيد الذي اتخذ موقفاً استثنائياً من صراع الإخوان والدولة على السلطة مُتهماً بالانتماء لأحدهما من كليهما!

أما النائب العام ومساعد وزير العدل الذين شاركا في إصدار قرار التحفظ، فإنهما ينتهجان نفس السياسات القائمة منذ أكثر من 30 عاماً.. نحو محاربة “الفاسدين” والقضاء عليهم!

فبعد الحُكم ببراءة أحمد عز، ومن ثم المصالحة وعزمه على دخول الانتخابات البرلمانية القادمة، أضحت الصورة أكثر قتامة، ووضوحاً بعض الشيء.. الدولة تحارب الفساد بظهرها في أحياناً كثيرة.

فمن قضايا الفصل التعسفي مروراً بإغلاق المصانع وتشريد العمالة وانتهاج سياسات الخصخصة المشوبة برائحة الفساد، يطالعنا القضاء المصري مرة أخرى لنواصل انبهارنا وشغفنا المنتظر بتلك النزوات المتقلبة، فليس من المستبعد أن نفاجأ صبيحة اليوم التالي أن من أسباب انتفاضة 25 يناير هو الشهيد عبد الفتاح السيسي الذي ضحى بروحه من أجل الوطن، وليس من الغريب أن تطالعنا مانشيتات الأهرام أو الجمهورية لنجد أحمد عز ورموز الحزب الوطني هم شباب الثورة وزهراتها “المفتحة”.

الدولة تدفعنا للجنون والتخبط ومحاولة التساؤل أكثر وأكثر عن ماهية وطبيعة هذا الواقف في الجانب المظلم. هل هي دولة قمعية تنتهج أساليب عنيفة وقاسية في سحق خصومها دون الشعور بذلك الوخز؟ أم عبارة عن مجموعة عصابات متحكمة في مفاصل الدولة؟

قد تنغص حياتها بعض التسريبات لكنها في الأساس تتفق في النهاية على قتلك حتى وإن تخلل ذلك بعض المداعبات “السمجة” والتي لن تعدوا أكثر من مجرد اتهامات تتعلق بالتحفظ على أموالك. قد أكون مخطئاً بعض الشيء لكن نحن بالفعل نتعامل مع مجموعة من القتلة المعاتيه يقودهم جنرال مجنون.

لقد تقبلنا جميعاً الأمر منذ أكثر من عامين، عندما ارتضينا حوادث قنص ودهس الشهداء أنها “فوتوشوب”، وأنه لا تعقيب على أحكام الشامخ المستلقي على بطنه، وأن الجيش قد حمى الثورة فيما كانت مدرعاته تدعم قوات الشرطة قبل إحراقها بأيدِ الثوار، وأن أصابع اللواء الفنجري كانت تحية عسكرية وليست إشارات بذئية في الأصل، أو عندما قالوا لنا أن رموز الفساد ينبغي أن يُحاكموا أمام محاكم مدنية عادلة يكون فيها القضاء هو الخصم والحكم. لقد صحنا جميعاً يا عزيزي بأن “العدل أساس المُلك” وليس “الثورة أساس العدل”.

وفيما ارتضينا لهم بمحاكمات مدنية، ارتضوا هم لنا بمحاكمات عسكرية، لأن دم الجندي المصري غالي على حد قولهم، مع غض الطرف عن ارتفاع عدد المحالين للقضاء العسكري إلى 837 معتقلًا، منذ إقرار قانون حماية المنشآت، في 27 أكتوبر الماضي في تهم تتعلق بالإرهاب أو بكسر قانون التظاهر.

الدولة تحكم وتشدد الخناق على جميع الأفواه، فالبداية كانت عندما تجاوزنا عن الانتهاكات والاعتقالات العشوائية التي مُورست بحق أنصار جماعة الإخوان المسلمين. عندما تحدث قائل في لحظة هذيان مقيتة بأن المعركة الحالية لا ناقة لنا فيها أو جمل، لتصيب الموجة حركة 6 أبريل باعتبارها حركة “إرهابية” قبل أن يصيب الغثاء الطافح الاشتراكيين الثوريين، فيما يقبع “اليسار” على مقاعده الوثيرة بانتظار بعض الفتات التي ستُلقيه له الدولة بعد معركة الانتخابات القادمة.

في صراع الدولة من أجل البقاء ينبغي لها قتل وسحل الأصوات المعارضة قبل أن تقوم بتقليم المعارضة المستأنسة بطبعها وتحويلها إلى دواجن منزلية قبل أن تقوم بذبحها.

في صراع الدولة من أجل البقاء لن تُجدي تلك المحاولات حول المبادرات أو التنازلات أو التعامل بحسن النوايا، هي لن تسمح لك بذلك في الأساس، وإذا رأيت يا عزيزي بأن الدولة تقوم بذلك فابتسم وتفائل فقلد وقعت في الفخ!