سنة من عمر ياسين

ثلاث محاضر مختلفة، في المحضر الأول اتُّهم ياسين صبري بقطع الطريق والانتماء لجماعة محظورة والتظاهر بدون تصريح، محضر لُفّق بعد أكثر من عشر ساعات من الاعتقال، ثم محضر آخر اتُّهم ياسين صبري فيه بالشروع في قتل فتاة تدعى ياسمين والتظاهر بدون ترخيص، ثم محضر ثالث بتهمة التظاهر فقط.
ياسين صبري كغيره من آلاف المعتقلين تم تلفيق محاضرهم بشكل لا يحفظ ماء وجه القانون حتى، ثلاث محاضر بتهم مختلفه، ليس هناك دليل واحد علي أي تهمة منها، بل إن النيابة لم تحاول حتى تجميل الصورة بتحقيق صوري حتى، فياسين صبري لم يتم نقله لحضور التحقيقات سوى ثلاث مرات علي مدار عشرة شهور حتى نطقت محكمة الاستئناف من داخل أكاديمية الشرطة بالحكم على ياسين بثلاث سنوات وغرامة مئة ألف جنية.
ياسين الذي تنقل بين خمسة مقرات للاعتقال في مقابل ثلاث مرات فقط حضر فيها التحقيق بتهمة التظاهر، تم إصدار حكم بأربع سنوات بدون أسباب أو أدلة، ثم تم تخفيفه لثلاثة سنين أيضا بدون إبداء أسباب التخفيف، الإجابة الجاهزة هى تقدير سيادة القاضي، تقدير القاضي كان بالإفراج عن اثنين من أمناء الشرطة قاموا باغتصاب فتاة في سيارة شرطة مقابل ألف جنيه تقوم الدولة بمنحها لمجمل جهاز الشرطة باليد الاخري في صورة تسليح لقمع أي حراك اجتماعي في أي مكان.
ياسين قضي من عمره سنة كاملة لأن الدولة تمكنت من ترسيخ سلطتها بشكل جعلها صريحة تجاه انحيازاتها بدون أي محاولة للكذب او التجميل، فقط الإجابة الواضحة، انتوا شعب واحنا شعب.
تبقي لياسين سنتين إضافيتين سيدفعهم من عمره لأن أصحاب السلطة واضحين تجاه انحيازاتهم، ومثلما تبقى لياسين سنتين فإن هناك الآلاف تبقى لهم سنوات إضافية داخل المعتقل، تصل إلى خمسة عشر عاما في بعض الحالات وفي حالات أخرى هناك من ينتظر قرار التصديق على إعدامه.
ياسين صبري هو مثال من بين أمثلة كثيرة فاضحة على وضوح انحياز القضاء المصري ناحية أصحاب السلطة والثروة، ياسين بالإضافه للآلاف من رفاقه المعتقلين هم تذكير يومي لنا بأن المعركه شرسة ولا تقبل حلا وسطا، إما أن تنفض الثورة غبارها وتتخلص من إحباطها أو أن تواصل الدولة عادتها بقمع وحبس وقتل وتجويع وتشريد المصريين يوميا، لا بديل أمامنا سوى الاستمرار في النضال من أجل إخراج رفاقنا من داخل السجون وبناء مجتمع عادل ليس فيه مكان لمستبد أو قاتل.
خارج السجن الصغير، وداخل سجن أوسع يشملنا جميعا سنظل نري التحرش كل يوم مادامت الدولة هي الضامن الرئيسي لاستغلال المرأة مع تجاهل الدولة لجريمة مثل الاغتصاب إذا كان الفاعل يخدم مصالحها، سنظل نرى سياسات التجويع والخصخصة تزداد تجذرا يوما بعد يوم، سنظل نري القتل في الشوارع دون أي مسائلة بل الترقية والحماية والمنحة هي جائزة القاتل والإدانة والتشهير هو مصير الضحية.