بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

في الذكرى الرابعة للثورة المصرية.. صامدون وإن تجرعنا العلقم

تهل علينا الذكرى الرابعة للثورة المصرية هذه المرة على نحو مغاير وواقع لن نقول أنه اختلف عما قبل الخامس والعشرين، فالأوضاع السياسية والاختناقات الاقتصادية التي تقبض على أعناق المصريين كما وإن كانت أشد هذه المرة عن سابقاتها.

هذه المرة لن يتم الاحتفال بذكرى الثورة، لقد استُبدِلَ عيد الثورة بعيد الشرطة، ونعي الشهداء الذين تلقوا بصدورهم طلقات الرصاص والخرطوش ودهس المدرعات بتجديد الولاء والانبطاح لنظام السيسي، هكذا تعاملت الدولة ونظامها مع الأوضاع الحالية، فلا حتى احتفالات وإن كانت كرنفالية أو تحمل بعض الورود مثلما حدث أمس السبت مع مسيرة حزب التحالف الشعبي بطلعت حرب والتي فضها الأمن بمنتهى الوحشية قبل أن يقتل الرفيقة شيماء الصباغ بدم بارد.

وفيما أعلنت المملكة السعودية حداداً عاماً لثلاثة أيام على ملكها، أحد قادة الثورة المضادة بالمنطقة والذاهب إلى أقاصي الجحيم، أعلن النظام المصري حداداً هو الأخر ولكن لمدة سبعة أيام على من كان يُعتبر الداعم الأكبر لانتكاسة الثورة.

تأتي الذكرى الرابعة للثورة هذه المرة فيما يقف أهالي الشهداء والثوريين والحالمين بأكثر من مجرد إسقاط النظام أمام نظام يكشّر عن أنيابه الأمنية، وعبر منابره الخاصة والحكومية يمارس تشويهاً منهجياً للثورة.

لازال مسلسل خصخصة وبيع الشركات المصرية مستمراً، ولازال المصريون يتقاتلون أمام أفران الخبز من أجل الظفر بلقمة عيش تسد رمقهم، ولازال الحصول على أنبوبة بوتاجاز يستوجب رحلة شاقة يُضحي فيها المصري بكل ما هو غالي وثمين، يأتي كل ذلك وأكثر والنظام يؤكد كل يوم، وبمنتهى الفجاجة، وعلى لسان الجنرال المجنون عبد الفتاح السيسي، على أن الدعم سيُلغى تدريجياً من أجل أن “نقب على وش الدنيا” – على حد وصفه.

الأمور لم تتوقف عند ذلك، وإذا كنا نتعامل مع نظام مأزوم بطبيعة حاله يعتمد على شتى أنواع المساعدات والمنح وقروض صندوق البنك الدولي، فإنه لم يكتف بقتلنا اقتصادياً، بل ويطلق في سبيل ذلك أدوات قمعه المتمثلة في وزارة الداخلية ومليشياته المسلحة من البلطجية والمأجورين، فمنذ الثالث من يوليو من العام المنصرم سقط ما يقارب 8000 شهيداً وحوالي 15900 مصاباً، علاوة على عشرات الآلاف من المعتقلين.

لقد فتح نظام السيسي على نفسه أكثر من جهة، فاقتحام الجامعات المصرية من قبل الداخلية مستمر ليسقط حتى الآن 208 شهداء، فيما وصل عدد المعتقلين إلى 1851 طالباً معتقلاً، هذا بخلاف مجالس التأديب والفصل التعسفي الذي يلاحق جميع الطلاب على مختلف انتمائتهم الفكرية. أما على الجهة العمالية فقد تصاعدت مطالب العاملين في الإسكندرية والمحلة وعمال المخابز بالبحيرة والتي لم تتوانى قوات الأمن في فض وقفتهم الاحتجاجية أمام مبنى المحافظ لتطاردهم وتلقي القبض على 18 منهم. هذه هي الدولة الأمنية، دولة السيسي التي رُفِعَ شعار “تحيا مصر” من أجلها، ليتضح أن مصر “العشة” غير مصر “القصر”!

أربعة أعوام مرت منذ أطلقت مجموعة من الشباب دعوات من أجل التظاهر احتجاجاً على مقتل الشاب خالد سعيد، تلك الدعوات التي سرعان ما تحولت إلى مسيرات جماهيرية تنادي بشعار الثورة الرئيسي “عيش – حرية – عدالة اجتماعية”، لينقض أعداء الثورة عليه ويحولوه إلى سراب لصالح مجموعة من الشعارات الوطنية الجوفاء تطالبنا بشد أحزمتنا حول بطوننا لصالح الوطن.. عن أي وطن يتحدثون؟ وما معنى الانتماء لدولة يمارس نظامها أشد أنواع التنكيل بالفقراء والمهمشين؟

أثناء كل ذلك، يواصل قضاء السلطة، الأعمى عن العدالة، نزواته وتقلباته العرجاء من أجل المزيد والمزيد من أحكام البراءة لصالح رموز النظام المباركي، لصالح سياسات الفصل التعسفي وقتل الحقوق كل يوم ألف مرة.. فالسجون تمتلئ بمعتقلين لم يتمنوا أكثر من مجرد حياة كريمة وعدالة ارتضوها ليجدوا في النهاية قضبان فولاذية تحول بينهم وبين الحياة.

هذا النظام الذي يحكمنا بالحديد والنار، والذي يجثم على صدور المصريين كالسرطان، لا مجال لإصلاحه أو ترميمه، بل لا مفر من بتره وتحطيمه. ولن يحدث ذلك إلا أولاً باستعادة الظهير الشعبي للثورة عبر الالتحام بالمعارك اليومية للجماهير في الحواري والمصانع والمزارع والنقابات. لن تنتصر الثورة دون حزب ثوري مغروس وسط أصحاب المصلحة في التغيير الجذري وبناء مجتمع جديد.. حزب ثوري قادر على قيادة الثورة لكسر الاستبداد واستعادة الديمقراطية.