بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

وسقط ضياء رشوان

نقابة الصحفيين - القاهرة

ضياء رشوان الذي تبني خط الدولة على طول الخط بداية من “بيان المبايعة” الذي أصدره مع رؤساء تحرير الجرائد القومية في أكتوبر الماضي لتفويض الدولة في حربها ضد الارهاب، هذا التوصيف الذي أصبح فضفاضا ليشمل كل من يُعادى أو يرفض سياسات الدولة. ليصرح رشوان بعدها أن “النقابة ستتبنى وضع خطة إعلامية وتحديد خطاب إعلامي خلال الفترة المقبلة لمواجهة الإرهاب”، الإرهاب الذي بالطبع يتبناه الصحفيون المعتقلين، والكتاب المعارضين، وكل عامل مُضرب وكل شخص يفكر في مجرد التصريح برفضه للدولة وسياساتها، لقد كان ضياء متواطأ مع اصحاب الصحف وإدارات المؤسسات لتتم أوسع حالات فصل في كافة المؤسسات منذ تاريخ نشأة نقابة الصحفيين.

على الناحية الأخرى، وعد القلاش (الذي كان من مؤيدي إنقلاب العسكر على الثورة في 3 يوليو) ببرنامج يتعاطى مع قضايا الصحفيين كالأجور والفصل التعسفي والتشريعات المفيدة للصحافة والصحفيين واعتقال الصحفيين وقتلهم، بالإضافة إلى “نقابة حقيقية تمثل الصحفيين”، خطاب هو على الجهة المقابلة من خطابات الدولة التي ترفض مجرد مناقشة سياسات الدولة، ويضع من يرفض أو يناقش تلك السياسات على قائمة “الإرهاب”، خطاب سيضع على كاهله أجندة يجب إجباره على تنفيذها.

داخل نقابة الصحفيين هناك بعض الصحفيين العاملين بأجر والذين ينتمي بعضهم للنقابة، والبعض الأخر يناضلون من أجل انتزاع حقهم النقابي ضد لوائح الدولة المقيدة لحقهم في التمثيل النقابي، وهناك الطبقة المتوسطة والمتوسطة العليا من مديري ورؤساء التحرير وغيرهم والذين يقتاتون من بقايا مُلاك الجرائد الذين يعصرون صغار الصحفيين لكسب أكبر قدر من الارباح.

هذه النقابة التي تغلب على أعضائها سمة العمل المأجور المتضرر بشكل كامل من سياسات الدولة ورأس المال ضد الصحفيين، ويعانون من إجبار الدولة لهم على الوقوف في نقابة واحدة مع الطرف الأخر من المعادلة، مُلاك الجريدة وإدارتها والمستفيدين منها، لتصبح النقابة خاضعة لتوازنات القوى بداخلها، وما يؤدى إلى الصراع بين هذه التوازنات، لنصل في النهاية إلى طبيعة تفاوضية وليس نقابة تمثل شريحة معينة ذات مصالح متطابقة وإنما شرائح مختلفة متناقضة المصالح داخل علاقات العمل الواحد تتصارع فيما بينها داخل النقابة، و بعد إضافة الخطاب الفاشي للدولة الذي يعلو يوم بعد يوم متغذياً على دعم الطبقة المتوسطة المستفيدة والتي ترتجف من انخفاض مستوى معيشتها، تصبح نقابة الصحفيين والنقابات المهنية ساحة لمواجهة خطاب الدولة الفاشي وسياسات النظام المعادية للحريات وللعاملين بأجر.

من جهة أخرى، كان الخطاب الفاشي للدولة والذي تتبناه برجوازية النقابة (ملاك الجرائد) والبرجوازية الصغيرة (رؤساء ومديري التحرير)، يتمثل في ضرورة التخلي عن الصحفيين المعتقلين وطرد كل من يتجرأ على الهجوم على سياسات الدولة، لأنهم جميعا “يدعمون الإرهاب”، ويجب علينا أن نوفر الدعاية اللازمة للخطاب الفاشي من خلال تأييد مطلق لكل عملية قمع وقتل لرافضي تلك السياسات.

وفي جهة أخرى هناك من يريدون ظروف عمل آمنة على الأقل تضمن لهم العودة في نهاية اليوم إلى منازلهم سالمين، بالإضافة إلى حقوقهم التنظيميه والاجتماعية التي يتنازعون فيها مع برجوازية الصحافة، صراع بين أغلبية بروليتارية (تعيش على العمل المأجور) من ناحية، وعلى الناحية الأخري سلطة رأس المال والطبقة المتوسطة العليا والصغرى المستفيدة منها والمنتشية من خطابها الفاشي، والتي تحاول الدولة من خلالها توسيع سياسات الإفقار وقمع أي حراك ضدها وضد مصالح مؤسسيها من خلال شعار “الحرب على الإرهاب”، والدعاية الموجهة بالأساس للطبقة المتوسطة بأن كل عامل مُضرب أو متظاهر أو صحفي معتقل هو إرهابي.

في الوقت الذي يتم فيه إعتقال وقتل الصحفيين على يد دولة تصدر خطاباً يُحمّل الثورة مسؤولية كل ما يحدث في البلاد، وأن الصحفيين المعتقلين جزء من المؤامرة على الدولة المصرية ويجب على الصحفيين التخلي عنهم، وشهداء الصحفيين قتلوا على يد الإخوان أو يد أي متهم آخر، ما يهم هنا أن القاتل ينتمى للمعسكر المقابل للدولة، ضياء الذي كان دائما يسعى لوحدانية النقابة بتناقضاتها الداخلية ويحارب التمثيل والتنظيم النقابي لصغار الصحفيين لصالح “وحدة مصالح الصحفيين والصحافة”، في منظومة تفرض أحياناً مصالح الطرف الأقوى والمسيطر في علاقات الإنتاج، ويحول النقابة إلى مجرد “هتيف” للدولة وسياساتها بدون أي توسيع أو تقوية تنظيمية تحمي مصالح الصحفيين، ضياء الذي دعم سياسات منع الصحفيين المعارضين من النشر ودعم تشريعات إعلامية مقيدة للحريات، سقط في حالة القانون السائد فيها هو “لا صوت يعلو فوق صوت الدولة وخطابها الفاشي”، بالإضافة إلى دعم مُلاك الجرائد في إتخاذ إجرائات وسياسات إفقار الصحفيين.

ووفقا لخريطة المصالح يصبح واضح وسهل التوقع بفوز المرشح الذي رفع شعار مصالح الصحفيين وليس أصحاب السلطة في صراع إنتخابي، طالما أن الصحفيين تمكنوا من قرائة واقع مهنتهم رغم الخطاب الفاشي الذي يسعى دائما لجعل الصورة أكثر ضبابية، ولكن المعركة لم تنتهي بعد، فعلى الصحفيين أن يستمروا في قرائتهم الواعية لخريطة المصالح والضغوط، فالقلاش لن يحقق مصالحهم إذا مالت كفة الضغوط ناحية الدولة، يجب على الصحفيين أن يستمروا في حربهم داخل النقابة لإنتزاع حقوق زملائهم المعتقلين والشهداء وحقوقهم الاجتماعية والتنظيمية من ناحي، وعلى ناحية أخرى توفير تجربة ملهمة لنقابات يغلب عليها أكثر طابع الطبقة المتوسطة بشكل أكبر مثل نقابة المحامين المعركة فيها ستكون بالطبع أكثر صعوبة وتعقيداً.

نقل هذا الانتصار إلى باقي النقابات المهنية يعني انسحاب خطاب الدولة وممثليه من تنظيمات المهنيين، ليحل محله خطاب يرى مكان الأزمة الحقيقي ويدعو لمحاربتها ورفضها. وعلى القوى الثورية أن تتواجد في النقابات المهنية وأن تتقدم الصفوف في الدفاع عن حق العاملين بالأجر وتطالب بحقهم في أجر عادل ونقابات حرة وتشريعات ديمقراطية، وتسعى طول الوقت للربط بين نضالها النقابي وبين التوجهات السياسية لنظام الاستبداد والإفقار.