بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ساحة سياسية

بعد اتهامه لها باغتيال النائب العام

لماذا يعادي النظام المصري حركة حماس؟

كشف وزير الداخلية المصري ونائب رئيس جهاز أمن الدولة السابق عن تفاصيل ما أسماه “عملية القبض على المتهمين باغتيال النائب العام المستشار هشام بركات”، واتهم عناصر من مخابرات حركة حماس بتدريب الذين اغتالوا النائب العام المصري.

قد يكون هذا الاستدعاء لقضية مقتل النائب العام “للمرة الثالثة” مفهومًا في سياق إعادة استدعاء مصطلح “الحرب على الإرهاب” للتعتيم على الأزمة الداخلية الطاحنة والتصاعد النسبي للاحتجاجات الاجتماعية ضد سياسات التقشف، وما يصاحبها من إجراءات قمعية، وتوحش وبلطجة الداخلية. ولكن السؤال هو لماذا يستدعي النظام اتهام “حماس” كل مرة بـ”التآمر على مصلحة مصر”؟ ولماذا هذا العداء الصريح من دولة السيسي لها؟

العداء للديمقراطية والتغيير
إن العداء لحماس غير مرتبط بدولة السيسي، بل تمتد جذوره إلى دولة مبارك التي تحمل جيناتها الأيدولوجية عداءً جذريًا لكل ما هو ديمقراطي ولكل فعل جماهيري من أسفل، سواء كان إصلاحيًا أو ثوريًا.

بدأ عداء النظام المصري لحماس بهذا الشكل السافر بعد فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، ومن ثم تصاعد أزمة الانتقال السلمي للسلطة والتي نتج عنها نشوء سلطتين سياسيتين وتنفيذيتين في صيف عام 2007؛ إحداهما تحت سيطرة حركة فتح في الضفة الغربية والأخرى تحت سيطرة حركة حماس في قطاع غزة، مما عرَّض حركة حماس لحرب استئصال منهجية. ولعلنا لا ننسي أن الإعلان عن حرب غزة في ديسمبر 2008 تم من القاهرة في المؤتمر الصحفي الذي ضم وزيرة الخارجية الصهيونية تسيبي ليفني ووزير الخارجية المصري الأسبق أحمد أبو الغيط، والذي – للمفارقة – تولى منصب أمين عام جامعة الدول العربية خلفًا لنبيل العربي، بعد ترشيح النظام المصري له.

فالعداء لحركة حماس هو في الأصل عداءٌ لأي شكل من أشكال التغيير خارج إطار الشرعية “الفتحاوية” النابعة من شرعية النظم العربية المسيطرة على الحكم، والتي أطاحت بها حركة حماس في انتخابات نزيهة. يتجلى هذا العداء أيضًا في ممارسات النظام المصري الحالي لدعم الجنرال حفتر ضد المؤتمر الوطني العام في ليبيا، الذي يمثل السلطة التشريعية في ليبيا منذ انتخابه ديمقراطيًا في انتخابات 7 يوليو 2012، وتسلمه السلطة في 8 أغسطس 2012 من المجلس الوطني الانتقالي. يتجلى هذا العداء كذلك في الدعم المطلق للسفاح بشار الأسد ضد الثورة والشعب السوري.

الكيان الصهيوني بوابة الرضا الغربي بالمنطقة
في الوقت الذي يقوم فيه الجيش المصري بغلق معبر رفح وإخلاء رفح المصرية من السكان، ويُغرِق الأنفاق لصالح الكيان الصهيوني، وبتنسيق كامل معه، تسبب حركات المقاومة في المنطقة صداعًا مزمنًا، وتشكل تهديدًا مستمرًا، للكيان الصهيوني، مما يجعلها هدفًا دائمًا للهجمات من جانبه، والتضييق والخنق من جانب النظم العربية العميلة.

لذا، ومنذ اللحظة الأولى لترشح الجنرال عبد الفتاح السيسي لحكم مصر وهو يبعث ليس فقط برسائل عدة لطمأنة الجانب الصهيوني بل يسعى حثيثًا لتعزيز التعاون المشترك معه، من تصريحاته بأن الجيش المصري في سيناء لحماية أمن إسرائيل من أي أعمال عدائية، إلى إعادة فتحه السفارة الصهيونية في قلب القاهرة في نفس توقيت غلقها منذ ثلاث سنوات بعد الثورة المصرية، ثم عودة السفير المصري لإسرائيل، إلى تصريحه بضرورة توسيع معاهدة السلام مع الكيان لصهيوني لتشمل دولًا عربية جديدة، ثم استقباله لوفد من اللوبي الصهيوني الأمريكي في القصر الجمهوري وتصريحه لهم بأن نتنياهو “يمتلك قوى عظيمة ويستطيع المضي قدمًا بالمنطقة والعالم”، إلى الحكم القضائي في 2014 باعتبار حماس منظمة إرهابية، وغيرها من المشاهدات التي لا تخفى على أي متابع للتطورات.

من الواضح أن السيسي يعلم أن شعبيته التي اكتسبها على أنقاض حكم جماعة الإخوان المسلمين لن تستمر طويلًا تحت مطرقة الإجراءات التقشفية التي قام ويقوم وسيقوم بها لتهيئة مناخ الاستثمار لقوى الليبرالية الجديدة. كما أنه يستشعر الانهيار السريع في الدعم الغربي وتوقف المساعدات الخليجية الداعمة لنظامه الهش والتي يُشترط لتقديمها نيل الرضا الأمريكي والأوروبي، وهذا يعزز من مركزية الكيان الصهيوني في توجهات عسكر كامب ديفيد كبوابة ذهبية لنيل هذا الرضا المُهتز.

ولهذا نلاحظ أن النظام المصري، وفي نفس الأسبوع الذي يوافق فيه على اعتبار حزب الله منظمة إرهابية في مؤتمر وزراء الداخلية العرب، يوجه الاتهام لحركة حماس بالمشاركة في اغتيال النائب العام المصري. إن النظام المصري يعلم تمامًا أنه إذا أراد استمرار تدفق المساعدات الخليجية والمساندة الغربية، فإن الطريق إلى ذلك يمر بتل أبيب.

إذن فالهجوم المنهجي لنظام السيسي على حركة حماس يأتي ضمن سياق السعي لكسب رضا الكيان الصهيوني – البوابة الأهم لنيل الرضا الغربي بالمنطقة – كما أنه استمرار لتوجهات الدولة المصرية ومن خلفها الطبقة الرأسمالية الحاكمة في مصر المعادية جذريًا للديمقراطية ولكل أشكال المقاومة الجماهيرية وكل أشكال التغيير من خارج الدولة، سواء كانت إصلاحية أو ثورية، وسواء ارتدت ثوبًا دينيًا أو علمانيًا.