بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

كرة القدم ليست مجرد لعبة

الكثير ينظرون لمثل هذه المسابقة كفرصةٍ للاحتفال الجماعي بالفريق القومي والمشاركة في التشجيع. ومن جانبٍ آخر فمشاهدة المباريات نفسها، ومستوى المهارات العالمية عند هذا المستوى من المنافسة هي بالتأكيد مصدرٌ للإثارة والاستمتاع لملايين من الجماهير بمختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم وطبقاتهم الاجتماعية.

لكن ربما كان من المهم أن نتذكَّر عددًا من الأشياء ونحن نستمتع بهذه المسابقة الشيقة. أولًا، لا يجب أن ننسى أبدًا أن تشجيع الفريق الوطني يفتح المجال لصعود نعرات قومية لها طابعٌ يميني وسياسي يتجاوز مجرد الاحتفال الجماعي. لنتذكَّر على سبيل المثال تلك الموجة الخطيرة من العداء للجزائر وشعب الجزائر والتي غذاها بشكلٍ واعي نظام مبارك وخاصة أبناؤه ومعهم كورال من الأجهزة الإعلامية في عام 2009.

وثانيًا يجب أن نتذكَّر أيضًا أن المستفيد الأول من حالة التوحُّد حول الفريق الوطني هو بالتأكيد النظام، فهو الذي يريد فوق كل شيء أن ننسى “خلافاتنا” ونبتعد عن السياسة ونتوحَّد وراء العلم والنشيد والوطن والدولة. الغني والفقير، الظابط والطالب، السجان والسجين، كلنا شعبٌ واحد تحت قيادة واحدة (“نبقى كده” مثل قبضة اليد التي يرفعها السيسي في خطبه).

وثالثًا يجب ألا ننسى أيضًا أن لعبة كرة القدم، خاصةً على هذا المستوى العالمي، هي صناعةٌ رأسمالية كبرى تتدخَّل فيها الدول مع الشركات الإعلامية الكبرى والأندية الكروية وكبار المليارديرات من الخليج إلى الصين. فهي لعبةٌ يستمتع بها الملايين من البشر ولكنها تدرُّ المليارات من الدولارات من هؤلاء البشر إلى كبار رجال الأعمال عالميًا.

في الوقت نفسه لا يجب الاستسلام للخطاب الطفولي الذي يتعالى على الجماهير ويحتقر اهتماماتها، ويعتبر أن شغف الملايين بمتابعة مباريات كأس العالم أو تشجيع أيٍّ من المنتخبات، هي “سلوك القطيع”، فهذا الموقف لا يعبر إلا عن انفصال عن الواقع. فهناك فارقٌ بين رفض التوظيف السياسي لكرة القدم واستثمار شغف الجماهير لجني الثروات، وبين صبِّ الغضب على الجماهير نفسها واتهامها.

ربما كان من المفيد ألا ننسى كل ذلك ونحن نرسم علم البلاد على وجوهنا ونتأثَّر بالنشيد الوطني ونتحدَّث بشيءٍ من التأليه والفخر القومي عن لاعبي “فريقنا”.