بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

مصر السيسي والانفجار القادم

مواطن قبطي أمام منزله الذي جرى اقتحامه ونهب محتوياته خلال الاعتداءات الطائفية على أقباط قرية دمشاو هاشم بمحافظة المنيا قبل أسبوع

مظاهراتٌ وهجماتٌ طائفية ضد المسيحيين في المنيا، وتجمهُر مواطنين ضد الشرطة في مركز ميت سلسيل بالدقهلية بعد حادث قتل طفلين، وتصديق السيسي على قانون تنظيم الصحافة والإعلام والذي يعطي صلاحيات غير مسبوقة لأجهزة الأمن والقضاء في مراقبة وحظر المواقع الالكترونية ومعاقبة كل من يعبِّر عن مواقف معارضة بمزيجٍ من الغرامات الضخمة والسجن.

يبدو للوهلة الأولى أن هذه التطورات لا علاقة بينها. ولكنها في الواقع تعبِّر عن واقع الأزمة في مصر السيسي.

الطائفية كانت أحد الأسلحة الأساسية التي استخدمها السيسي لحشد التأييد لانقلابه (خلق حالة من الذعر حول حكم الإخوان وخطر الدولة الدينية)، بل واستمرت دعاية النظام تُخيِّر الأقباط بين الدعم المطلق للنظام من ناحية، ومصير مشابه لما حدث لمسيحيي العراق وسوريا من ناحيةٍ أخرى (إما قبول الديكتاتورية العسكرية أو مواجهة المذابح على يد الدواعش).

ولكن واقع الطائفية واضطهاد الأقباط في مصر السيسي هو الأسوأ في التاريخ الحديث؛ من التهجير من شمال سيناء بعد حملة القتل والترويع الإرهابية إلى سلسلة تفجيرات الكنائس التي راح ضحيتها العشرات إلى حالة الاحتقان الطائفي المتصاعدة، خاصةً في قرى الصعيد. وها نحن نشاهد في المنيا مظاهراتٍ لمواطنين مسلمين ضد إقامة المسيحيين صلواتهم في أحد البيوت، بل والهجوم على منازل المسيحيين وتدميرها ومحاولة تهجيرهم من القرية. أما الشرطة والقانون -أسلحة السيسي الفتَّاكة- فهي تقف متواطئةً مع المهاجمين وتلقي القبض على الجميع، مسيحيين ومسلمين، ليس لمحاسبة المسئولين عن التحريض والاعتداء بل للوصول لمصالحة لن ينتج عنها سوى تهجير العائلات المسيحية من قراهم. هذا هو وضع الأقباط في مصر السيسي.

أما أحداث ميت سلسيل فهي تعبِّر عن الغضب الجماهيري الكامن تجاه الشرطة وجهات التحقيق. فبغض النظر عن حقيقة وأسباب جريمة قتل الطفلين، فأهالي المركز لا يثقون في شرطة لا تعرف سوى التعذيب والعنف كوسائل للتحقيق. وجاء ردُّ فعل شرطة السيسي كما هو مُتوقَّع: قنابل الغاز المسيل للدموع والضرب والاعتقالات العشوائية. الشرطة في عهد السيسي عادت لتنتقم من الشعب المصري. تنتقم من الشعب بسبب قيامه بثورة ٢٠١١ ضد نفس تلك الشرطة والتي أطلق السيسي يدها لتعذب وتقتل وتخطف وتغتصب من تشاء دون محاسبة.

والحدث الثالث، وهو تصديق السيسي على قانون تنظيم الصحافة والإعلام، فهو محاولةٌ بائسة لخنق كافة أشكال المعارضة بل حتى التعبير عن الرأي، أيًا كان. وقد رأينا حتى رجال ونساء السيسي، من أمثال لميس الحديدي ووائل الأبراشي، يتم الاستغناء عن خدماتهم فما بالكم بالمعارضين؟

حتى الأنظمة الديكتاتورية تعتمد في الحكم على توازن بين القمع واحتكار أدواته من جانب، والإقناع أو شرعية الحكم لدى قطاعات من الشعب من الجانب الآخر. انفجار العنف الطائفي واستمرار وحشية الشرطة والقوانين غير المسبوقة في تقييد حرية الرأي والتعبير كلها مؤشراتٌ أن نظام السيسي لم يعد لديه سوى تصعيد القمع والاستبداد للبقاء في السلطة. الشرعية القائمة على الخوف وحده لا يمكن أن تستمر طويلًا، والسؤال هو كيف يمكن لفصائل المعارضة المصرية تنظيم صفوفها وطرح بديل حقيقي لمنظومة الطائفية والإفقار والاستبداد التي يمثلها السيسي ونظامه؟