بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

رؤيتنا (تقرير سياسي دوري تصدره حركة الاشتراكيين الثوريين) – 22 سبتمبر 2018

السيسي والاتحاد الأوروبي.. إيد واحدة!
أيد قادة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع بداية مفاوضات رسمية مع النظام المصري حول أزمة اللاجئين. هدف المفاوضات هو الوصول إلى اتفاق يتضمن دور رئيسي للنظام المصري في وقف تدفق اللاجئين الأفارقة والعرب إلى أوروبا في مقابل مساعدات واستثمارات أوروبية لمصر. وسيلتقي دونالد تاسك رئيس المجلس الأوروبي بعبد الفتاح السيسي في نيويورك خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا بعد لقائهما في القاهرة الأسبوع الماضي ومعهم المستشار النمساوي سيباستيان كورتز وهو رئيس لحزب الشعب النمساوي اليميني العنصري المعادي للمهاجرين والمسلمين.

وقد أعلن كورتز أن “شركاء أقوياء وفاعلين مثل الحكومة المصرية” يمكنهم وقف تدفق اللاجئين وقد أشاد بعبد الفتاح السيسي كأول رئيس أفريقي يقبل التفاوض حول محاربة ما يسمونه باللجوء غير القانوني.

وطبعًا المقصود بالدور المصري هو دور عسكري وبوليسي لمنع اللاجئين من البدء في رحلات عبور المتوسط نحو الشواطئ الأوروبية.

في هذه الدراما نجد في الجانب الأوروبي حكومات يمينية عنصرية تضخم من خطورة قضية اللاجئين بإدعائات كاذبة حول كونهم سببًا في البطالة وانتشار الإرهاب وتهديد الثقافة وأسلوب الحياة الأوروبيين. واللاجئون هم مجرد كبش فداء جديد لتوجيه غضب قطاع واسع من الطبقات العاملة الأوروبية نحوه وبعيدًا عن سياسات الليبرالية الجديدة والتقشف التي تنتهجها تلك الحكومات وهي السبب الرئيسي لمعاناة عمال وفقراء أوروبا.

إن المنطق الأوروبي واضح وبسيط: بدلًا من أن نغرق نحن (الأوروبيون) سفن اللاجئين في البحر المتوسط ونمنع وصولهم لشواطئ القارة ثم نضع من يتمكن من الوصول في معسكرات اعتقال وبالتالي تتسخ أيدينا بجرائم ضد حقوق الإنسان، فلنبعد كل ذلك عن قارتنا بالتعاقد مع ديكتاتور عسكري على أبواب القارة السمراء لا مانع لديه للعب دور المرتزقة وبالطبع فبما أن أيديه ملطخة بدماء الشعب المصري، فلا مانع لديه من إسالة دماء الشعوب الشقيقة في قارتنا المنكوبة.

دور المرتزقة ليس جديدًا بالنسبة للنظام المصري. فمنذ اتفاقيات كامب ديفيد والنظام المصري يسترزق من خلال دوره الإقليمي في خدمة مصالح الدول الكبرى. فمن حماية دولة إسرائيل وحدودها، إلى دور الجيش المصري في “تحرير الكويت”، إلى التنازل عن الجزر وتقديم خدمات “مسافة السكة” لمملكة الظلام السعودية، إلى المشاركة في حصار غزة وشعبها، إلى ما نراه اليوم من مشروع مصري أوروبي قذر لتعميق دور مصر كسجن كبير. وكل ذلك من أجل مساعدات واستثمارات إقتصادية تبقي على النظام الطبقي الرأسمالي ودولته الفاشلة في مصر وتساعد على استمرار القمع والإفقار للشعب المصري.

زعماء أوروبا “المتحضرة” و”الديمقراطية” ينتهجون سياسات يمينية وعنصرية ويساعدون على صعود اليمين الفاشي في قارتهم. أما في قارتنا فيتحالفون مع ديكتاتور مصر وأمثاله لقتل وسحق وسجن الفقراء ومنعهم من الاقتراب من شواطئهم.

علي المناضلين اليساريين والديمقراطيين على ضفتي البحر المتوسط العمل المشترك لمناهضة العنصرية والفاشية والتضامن مع اللاجئين الهاربين من جحيم الحرب والفقر والفساد في بلدانهم والعمل المشترك أيضاً ضد الديكتاتورية والاستبداد وسياسات الإفقار الرأسمالية في البلدان الأفريقية وعلى رأسها مصر السيسي.

دونالد ترامب ونهاية حل الدولتين: قصة موت معلن
مضى ربع قرن منذ مفاوضات وإعلان مبادئ أوسلو والذي فرض تنازلات كبرى على الجانب الفلسطيني، منها الاعتراف الكامل بشرعية دولة إسرائيل والتنازل عن ٧٨٪ من كامل التراب الفلسطيني في مقابل القبول بدولة ناقصة السيادة في الضفة الغربية وغزة وما سمي في ذلك الوقت بحل “عادل” لقضية اللاجئين والقدس الشرقية كعاصمة لمشروع الدولة الفلسطينية.

والآن يطلق دونالد ترامب رصاصة الرحمة على مشروع الدولتين بعد الفشل التام لمشروع أوسلو رغم التنازلات الفلسطينية. فقد ضرب خلال الأشهر القليلة الماضية الأركان الثلاث المتآكلة لمشروع الدولة الفلسطينية. فقام أولاً بالاعتراف بالقدس كعاصمة أبدية لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها. وقام ثانياً بوقف كل التمويل الأمريكي للأنروا وهي المؤسسة الراعية لخدمات التعليم والصحة والغذاء لللاجئين الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية وغزة أو في مخيمات اللاجئين في الأردن وسوريا ولبنان. ومعنى هذه الخطوة الثانية أن مسألة عودة اللاجئين الفلسطينيين أو تعويضهم لم تعد هي أيضاً على مائدة المفاوضات.

والضربة الثالثة جائت بتقويض ما تبقى من شرعية السلطة الفلسطينية ووجودها بوقف كل أشكال الدعم المالي لها (بما في ذلك المستشفيات في القدس الشرقية) وبإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

قرارات ترامب تأتي كدعم غير مشروط لنتنياهو ولمشروعه الصهيوني بضم غالبية الضفة الغربية بمستوطناتها إلى دولة إسرائيل وبإستمرار الشعب الفلسطيني في جزر وكانتونات معزولة، بما فيها سجن غزة الكبير تحت حكم ذاتي محدود.

مشروع أوسلو وحل الدولتين ولد ميتًا منذ بدايته، فقد كان مجرد غطاءً سياسيًا لاستسلام منظمة التحرير الفلسطينية واعترافها بالدولة الصهيونية في مقابل وعود لم يرى الفلسطينيون منها شيئًا، فظل الصهاينة طوال ربع القرن الماضي في التوسع في بناء المستوطنات وفي تسريع عملية تهويد القدس وفي إحكام الحصار على غزة (بمساعدة النظام المصري). أي ظلوا ينفذون على الأرض سياسات تقوض مشروع الدولتين، وعلى الرغم من ذلك ظلت السلطة الفلسطينية متمسكة بالمفاوضات وبمشروع السلام وبرفض المقاومة المسلحة، بل ومساعدة الإحتلال على قمعها وحصارها.

والآن بعد الإعلان عن وفاة حل الدولتين بدأت البدائل المطروحة أمريكيًا في الكشف عن نفسها فيما سمي بـ”صفقة القرن” وهي عبارة عن مجموعة من الاقتراحات الوهمية غير القابلة للتنفيذ مثل تكوين كونفدرالية أردنية فلسطينية، وخلق منفذ للحياة لسكان غزة في شمال سيناء واستيعاب اللاجئين الفلسطينيين في البلدان العربية المحيطة.

كل تلك الاقتراحات قديمة قدم مشروع الدولتين ولم تكن قط سوى أطروحات ورقية لاستمرار عملية التفاوض إلى ما لا نهاية وإعطاء الصهاينة المزيد من الوقت والمساحة السياسية للاستمرار في الاستيطان والتوسع.

الرد الفلسطيني على كل ذلك لم يكن في الموقف البائس والضعيف للسلطة الفلسطينية وقياداتها العاجزة ولكن في مسيرات العودة وفي استمرار المقاومة بكل الوسائل الممكنة وعلى رأسها المقاومة المسلحة.

إسرائيل وأمريكا تريدها دولة صهيونية واحدة يعيش فيها الفلسطينيون كمواطنين درجة ثانية وثالثة ويلجأون في مشروعهم هذا لمصر السيسي والخليج النفطي لمساعدتهم على حصار الشعب الفلسطيني وضرب مقاومته.

وعلى اليسار العربي والعالمي أن يدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته، أولًا بمشاركة فعالة في حملات المقاطعة لدولة الاحتلال الصهيوني، وثانيًا في فضح ومناهضة الأنظمة العربية المتواطئة مع الصهاينة والمشاركة في حصار الشعب الفلسطينية، وثالثًا وعلى المدى الأطول في دعم مشروع التحرير لكامل التراب الوطني الفلسطيني ولتأسيس دولة فلسطينية ديمقراطية بمساواة كاملة لكل سكانها من مسلمين ومسيحيين ويهود.