الصحفيون المعتقلون وجمهورية الصوت الواحد

يستعد الصحفيون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين وفق الجدول الزمني الذي أعلنته اللجنة العليا المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين، وسط حالة من القمع الشديد تشهده حرية الرأي والتعبير بشكل عام وحرية الصحافة والإعلام بشكل خاص، في ظل حكم الجنرال السيسي.

عمدت السلطات المصرية إلى فرض حالة من الصمت السياسي عن طريق قوانين وتشريعات وقرارات إدارية مُرِّرَت عن طريق البرلمان، صنيعة المخابرات المصرية، بالتوازي مع هجمة أمنية شرسة يقودها جهاز الدولة الأمني للانقضاض على كل من يحاول أن يعبر عن رأيه أو توجهاته السياسية المخالفة للتوجه العام للدولة المصرية.

فبعد فوز الجنرال السيسي بولايته الثانية عام 2018، لم تخف وطأة الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون من القبض العشوائي والاحتجاز غير القانوني والمنع من ممارسة أعمالهم الصحفية، والتعرض لهم بالضرب والسب، والتهديد بالقول والفعل، بالإضافة إلى الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيين داخل السجون المصرية من الحبس الانفرادي ومنع الزيارات وسوء المعاملة والحرمان من الرعاية الطبية، في إطار شعار السلطة خلال حكم السيسي: “جمهورية الصوت الواحد”.

ففى العام الذي تولى فيه الجنرال حكم مصر للمرة الثانية، استمرت السلطات المصرية في قتل الصحافة والإعلام عن طريق مسار مختلف وهو المسار التشريعي ليصبح “القمع المقنن” هو شعار تلك المرحلة الثانية، إذ عكس التشريعات التي أصدرها البرلمان المصري خلال عام 2018 ضعف البرلمان وعمله كغرفةٍ خلفية لرئاسة الجمهورية تُمرَّر من خلالها القوانين والتشريعات، إذ أصدر البرلمان المصري عددًا من القوانين التي أطلق عليها الصحفيين “قوانين اغتيال الصحافة”، وما تبعها من لائحة الجزاءات التي أصدرها المجلس الأعلى للإعلام، بالتوازي مع ترصُّد أجهزة السلطة القضائية للخطاب الإعلامي الذي يبث وينشر في وسائل الإعلام، ليكتمل مشهد الحصار الذي تفرضه جميع الجهات لمنع أي منفذ لأي صوت معارض، هذا الصوت الذي يعاني في الأصل من صعوبة الوصول إلى الجمهور بعد قرارات الحجب التي فرضتها الجهات الحكومية لحجب ما يزيد عن 500 موقع على الإنترنت.

وتكتمل الصورة بعد إقرار البرلمان للتعديلات الدستورية، التي تهدف بالأساس إلى مدِّ بقاء السيسي في السلطة. ويحتاج تمرير تلك التعديلات فرض صمت إعلامي لعدم فضح هؤلاء المخبرين البرلمانيين، والتكتُّم على أهدافهم في شرعنة ديكتاتورية عسكرية لا تتهاون في سفك دماء المصريين واعتقالهم وانتهاك حقوقهم، وتنقض بشكل كامل على جميع مكتسبات 25 يناير، بالتوازي مع هجمة اقتصادية شرسة تشنها حكومة السيسي المنحازة إلى الأغنياء.

في خلفية تلك الصورة يأتي الصحفيون المعتقلون في السجون المصرية، منهم من اعتُقِلَ على خلفية توجهاته السياسية، ومنهم من أُلقِيَ القبض عليه على خلفية عمله الصحفي، والاتهامات جاهزة ومُعدَّة مُسبَّقًا، وهي الانضمام إلى جماعة أُسِّسَت على خلاف القانون، ونشر أخبار كاذبة، والسب والقذف، وجميعها اتهامات فضفاضة أو يسهل على السلطة تلفيقها للجميع.

تستخدم السلطة هذه الاتهامات في حبس الصحفيين احتياطيًا لفتراتٍ طويلة، وهو ما أوضحه آخر حصر قامت به شبكة مراسلون بلا حدود، وهي منظمة عالمية تحظى بسمعةٍ وثقةٍ دولية، بتاريخ 24 يناير 2019، إذ قدَّرَت الشبكة أعداد الصحفيين المحبوسين (المحترفين والصحفيين المواطنين) في مصر بـ32 سجين على الأقل من بينهم ما يقرب من 30 صحفي مازال قيد الحبس الاحتياطي، من ضمنهم الصحفي محمود أبو زيد شوكان المحتجز منذ 14 أغسطس 2013، ومن المفترض أنه أنهى مدة الحكم المحددة بخمس سنوات، ولكنه لا يزال قابعًا خلف القضبان إلى الآن، وكذلك إسماعيل الإسكندراني المحكوم عليه عسكريًا بالسجن لمدة 10 سنوات لاتهامه بالكشف عن أسرار الدولة العسكرية، على خلفية تغطيته منطقة شمال سيناء أثناء عمليات الجيش، ومعتز ودنان الصحفي المحتجز منذ 16 فبراير 2018، والصحفي هشام جعفر المحتجز منذ أكتوبر عام 2015، والذي رفضت اللجنة العليا المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين أوراق ترشحه. يوضح الجدول التالي عدداً من أسماء الصحفيين المحترفين المحبوسين في السجون المصرية.