لماذا نجري طوال الوقت؟

الأيام، بل ويجوز الشهور، القادمة ستطرح على الملايين من البشر سؤالاً لم يجدوا الوقت من قبل لطرحه:
لماذا نجري طوال الوقت؟
ماذا سيحدث لو أبطأنا إيقاع يومنا وأصبح إنسانيًا أكثر، ومعقولا أكثر – قليلٌ من العمل وكثيرٌ من الراحة والتواصل الاجتماعي؟
لماذا ليس لدينا وقت (طول الوقت)؟
لماذا لو اضطررنا للتغيب عن العمل يومًا واحدًا نشعر أنها نهاية العالم، وإما نشعر بالذنب الكبير أو نتوقع أن ينهد العالم فوق رؤوسنا، أو الاثنين؟
لماذا لا نستطيع أن نأخذ استراحات أثناء يوم العمل؟
لماذا هناك بعض المصانع والشركات في جنوب شرق آسيا، المشهورة بإنتاجيتها العالية ومنافستها العالمية، يضطر فيها العمال والعاملات إلى لبس “بامبرز” لأنه ممنوع عليهم الذهاب إلى دورات المياه أثناء وردياتهم؟
لماذا يجب أن نكون في مكان عملنا بالثانية، وكأن الثامنة صباحا، أو التاسعة، موعد مقدس، وكأنه جزء من الطبيعة، بداية يوم العمل (المعتاد)، كأنه دخل في ساعتنا البيولوجية؟
لماذا دائما الأزمة في احتياجاتنا الإنسانية، مع ذلك كله؟ لماذا دائما أزمة الدواء وأزمة الصحة؟ لماذا الأطباء في إنجلترا عددهم غير كاف على الإطلاق؟ لماذا يموت الأمريكان بسبب غلاء الخدمات الصحية؟ لماذا لا يجد الطبيب المصري الذي يواجه الأوبئة وأصعب ظروف العمل إلا عشرين جنيه مصري، على ما أتذكر ، كبدل عدوى؟
وأعتقد أن الملايين من الناس سيكتشفون أن كل هذه الأعراض (وهي أعراض مرضية) هي سمات الإنتاج الرأسمالي. وليست سمات الإنتاج من أجل تلبية احتياجاتنا. ولا هي استطاعت أن تنتج ما نحتاج إليه، عندما نحتاج إليه فعلًا. بل أنتجت تريليونات في البورصات. قد تتبخر في ساعة واحدة.
إننا نلهث طوال حياتنا ونجري لا لأننا نريد ذلك، ولا لأننا محتاجين إلى ذلك، ولا لأن هذا صحيح أو صحي، بل نحن مضطرون إلى ذلك لأن كل ثانية في يومنا، في عملنا، تنتج ربحاً لشخص آخر.
كل هذا الركض يجب أن يتوقف. ليس فقط بسبب الفيروس. بل لأننا نحتاج إلى مجتمع أكثر إنسانية. على رأس أولوياته: العمل في ظروف إنسانية لسد الاحتياجات الإنسانية.