بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

نماذج من التوظيف السياسي لأزمة كورونا – الجزء الأول

السيسي وكورونا

على عكس ما يُروَّج له من اتهاماتٍ للمعارضة باستغلال أزمة كورونا سياسيًا، يشير الواقع إلى أن النظام العسكري هو أكبر من يقوم بتوظيف الأزمة لتحقيق أهدافه وتبييض وجهه، وهنا بعض النماذج التى تجسَّد فيها التوظيف السياسي للأزمة من قِبَلِ النظام، بل وفي بعض الأحيان خلق أزمة داخل الأزمة ثم حلها جزئيًا واستخدام هذا في الدعاية لنفسه.

تعليق الدراسة
رغم أن ظهور أول حالة كورونا كان في 14 فبراير، جاء قرار تعليق الدراسة بعد مرور 4 أسابيع وظهور 7 إصابات لطلاب بالمدارس، وبعد أن بُحَّ صوت البعض في المناداة بتعليق الدراسة خوفًا على الطلاب، وكانت مناداتهم تصطدم بتصريحات الحكومة متمثلةً في وزير التعليم الذي كان يصر على التباعد الاجتماعي داخل المدارس مع عدم وقف الدراسة! بل وتصريحه بأن المدارس “ليست أماكن للتجمعات”، ليأتي قرار عبد الفتاح السيسي معلنًا تعليق الدراسة في 15 مارس وكاشفًا عن مدى سذاجة الحكومة ووزير تعليمها أمام الجمهور.

مساعدات لإيطاليا
رغم وجود نقص كبير يشمل المطهرات والمعقمات والقفازات والكمامات في مصر، على مستوى المستشفيات والصيدليات والأسواق التجارية، بادر النظام المصري بإرسال مساعدات طبية على (طائرات عسكرية) إلى إيطاليا في 24 مارس ثم في 5 أبريل، ويربط البعض بين هذه المساعدات وسعي الدولة المصرية لتحسين صورتها السيئة في تصوُّر الجانب الإيطالي بعد قضية قتل ريجيني، وأيضًا لدعم المصالح المشتركة بين الحكومة المصرية والايطالية في البحر المتوسط.

وفاة لواءين بالكورونا
جاء بيان القوات المسلحة بصيغة “استشهاد اللواء خالد شلتوت واللواء شفيع عبد الحليم”، عضويّ الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة يوميّ 22 و23 مارس نتيجة الإصابة بفيروس كورونا خلال قيامهما بأعمال تطهير ومكافحة الفيروس بالبلاد! رغم وجود تسريبات تشير إلى إصابتهما بفيروس كورونا في 11 مارس وعدم وجود أعمال تطهير في ذلك الوقت، ناهيك عن أن اللواءات لا يقومون بالأعمال بأنفسهم.

تداولت الأنباء أيضًا تعرضهما للإصابة أثناء متابعة العمل بالعاصمة الادارية الجديدة، وبالفعل في 19 مارس كشفت مصادر بشركة المقاولون العرب عن توقف جميع الإنشاءات الموكلة للشركة في العاصمة الإدارية الجديدة، بعد اكتشاف أكثر من 20 إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المُستجَد بين العاملين في مشروع “الزهور” التابع لضباط القوات المسلحة في المنطقة السابعة.

رصد 100 مليار جنيه لمواجهة كورونا
أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى في 14 مارس، ثم في 22 مارس، رصد 100 مليار جنيه لمواجهة فيروس كورونا، وسط تهليل الإعلام، ثم وجدنا أن توجيه رئيس الوزراء كان بمليار واحد فقط للصحة، ليعلن بعدها وزير المالية أن الميزانية المخصصة للصحة هي 188 مليون جنيه فقط بينما خُصِّصَ الباقي لدعم رجال الأعمال المتضرِّرين، إذ خُصِّصَ 20 مليار لدعم البورصة و50 مليار لدعم قطاع السياحة حتى الآن.

رفع بدل المهن الطبية
جاء قرار السيسي برفع بدل المهن الطبية 75% صدمةً للأطباء حيث أن هذا الارتفاع لم يتجاوز 400 جنيه، أي حوالي 25 دولار فقط، وهو رقمٌ هزيلٌ جدًا، في الوقت الذي يوجد فيه حكم محكمة برفع بدل عدوى الطبيب إلى 1000 جنيه من العام 2015 والحكومة ممتنعة عن تنفيذه، بل وهناك طعنٌ من وزارة الصحة بنفسها على الحكم، ولا يزال الطبيب يتقاضى 19 جنيهًا فقط كبدلٍ للعدوى. وتجدر الإشارة هنا إلى أن بدل المهن الطبية أساسًا كان قد أُقِرَّ عام 2014 بعد نضالٍ كبير من الأطباء، وإضراب لكل العاملين بقطاع الصحة استمر لـ60 يومًا، واحتفاء الإعلام بالقرار هو تلميع للنظام أمام الشعب بغض النظر عن عدم رضى الأطباء.

زيادة مكافأة أطباء الامتياز
رغم وجود قانون في سبتمبر 2019 بزيادة مكافأة أطباء الامتياز إلى 2200 جنيه مع مد العمل لهم إلى عامين بدلًا من عامٍ واحد وذلك لتغطية العجز الشديد في الأطباء، يعيد السيسي الإعلان عنه في 3 أبريل 2020، ولا يوجد تفسير لذلك سوى أن التوقيت هو محاولة لتوظيف القرار دعائيا فقط.

تحمُّل صندوق “تحيا مصر” نفقات الحجر الصحي
جاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى في 1 أبريل بتحمُّل صندوق تحيا مصر نفقات الحجر الصحي للمصريين الذين عادوا من الخارج حتى 31 مارس، بعد تظاهر العشرات من المصريين العائدين من دولة الكويت لرفض تحمل مصاريف الحجر الصحي التي تبلغ 28 ألف جنيه للفرد بفندق المطار. ورغم أن القرار يخصهم فقط، مع إلزام من يعود بعد ذلك التاريخ بتوقيع تعهُّدٍ بتحمُّل تكاليف الحجر الصحي كاملةً كشرطٍ لدخول الطائرة العائدة إلى مصر -التي يتحمَّل العائد تكاليف تذكرتها أيضًا- فقد احتفى الإعلام بالقرار وأسقط متعمِّدًا ما ينص على محدودية المنتفعين منه، وأحقية العائدين جميعًا في الحجر الصحي المجاني كما في الدول الأخرى.

“قرار جمهوري” بإجراء الكشف الطبي على المخالطين بمعهد الأورام
عقب اكتشاف إصابة عدد 17 من الأطباء وطاقم التمريض بمعهد الأورام المصري بفيروس كورونا، ورغم بديهية ضرورة إجراء الفحص الطبي للمخالطين من الفريق الطبي والعاملين بالمعهد والمرضى، رفضت وزارة الصحة إجراء الفحص مما أثار أزمة كبيرة، قام عبدالفتاح السيسي على إثرها بتوجيه الحكومة بإجراء الكشف الطبي على جميع العاملين في معهد الأورام من الأطباء وأطقم التمريض، وجميع المرضى الذين تردَّدوا على المعهد، خلال الأسبوعين الماضيين، وكأن قرارًا بديهيًا مثل هذا يحتاج لتدخل رئيس الجمهورية بنفسه!

كلُّ هذا وغيره الكثير نماذج لبعض أوجه ما يمكن تسميته بالتوظيف السياسي لأزمة كورونا لتبييض وجه النظام العسكري الحاكم داخليًا وخارجيًا، مرةً عبر التباطؤ في اتخاذ قرارات مثل تعليق الدراسة وانتظار إعلانها من رأس الدولة، وتارةً عبر إثارة مشكلة من لا مشكلة لخلق مجال لتدخُّل رأس الدولة لحلها مثل مشكلة الحجر الصحي ومركز الأورام، وتارةً عبر إعادة الإعلان عن قرارات سابقة في سياق مختلف مثل مكافأة أطباء الامتياز.