بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أطباء مصر أم جيش مصر الأبيض؟

أطباء

مع ازدياد أعداد الإصابات بين الأطباء إلى 91 طبيب و5 وفيات وتتغير الأرقام كل لحظة، وهناك أضعاف هذه الأرقام بين الصيادلة والتمريض وباقي الفريق الطبي لتتجاوز النسبة 13% من إجمالي الإصابات، وإغلاق العديد من المستشفيات بعد اكتشاف إصابات بالجملة بين أفراد الفريق الطبي، مثل مستشفى صدر دكرنس، مستشفي بنها، مستشفى بني سويف، وحدة شريف مختار للقلب، مبرة العصافرة، قسم الباطنة بمستشفى المنصورة الجامعي وغيرها الكثير من المستشفيات ولم يتم عمل حصر دقيق بها حتى اليوم، إجتاح هاشتاج #جيش_مصر_الأبيض السوشيال ميديا ووسائل الإعلام بإعتباره تكريمًا للأطباء على جهودهم في ظل الوباء، ولكن لم يسأل الجميع كيف بدأ هذا الهاشتاج؟! وما مدى رضى الأطباء عنه؟!

كيف بدأ الأمر؟
يردد الكثير بحسن نية أن هاشتاج #جيش_مصر_الأبيض ظهر بشكل عفوي على منصات السوشيال ميديا بعد أزمة كورونا، ثم تبنته وسائل الإعلام، ولكن الحقيقة غير ذلك، فالظهور الأول للهاشتاج كان في 16 مارس 2020 تحديدًا، عندما دشنت الوحدة المركزية لشؤون مقدمي الخدمة الطبية بوزارة الصحة والسكان فعالية عبر صفحتهم الرسمية على الفيسبوك بهذا الهاشتاج، وذلك -وفقا لهم- لتكريم الطاقم الطبي المشارك في عملية احتواء فيروس كورونا الجديد، وأن التكريم سوف يشمل حملة إلكترونية بالهاشتاج، ومطالبة المواطنين بالمشاركة على فيس بوك وتويتر، ونتيجة التعاطف الشعبي الكبير مع الأطباء، بالإضافة إلى دور اللجان الإلكترونية للدولة، انتشر الهاشتاج بصورة ضخمة وتصدر تويتر وفيسبوك، ويمكن الرجوع إلى أرشيف جريدة الوطن، وصفحة الدكتور محمد محمود مقبل عضو مجلس نقابة الأطباء السابق للتأكد من المعلومة.

ثم في 18 مارس، أعلنت النقابة العامة للأطباء، تأجيل الاحتفال بيوم الطبيب المصري، وهو ذكرى اليوم الذي افتتحت فيه أول مدرسة للطب في مصر عام 1827، وكان من ضمن الصيغة التي تضمنها بيان النقابة هو أنه تم تأجيل الاحتفال لوجود الأطباء الآن (على الجبهة) يسطرون بأرواحهم أسمى آيات التضحية والإنسانية التي أقسموا عليها يوم تخرجهم.. أما الجائزة التي ينتظرونها فهى نجاحهم في إنقاذ حياة أهل بلدهم.

هل هو تكريم حقًا؟
على عكس ما قد يتوقعه البعض، لم يتقبل العديد من الأطباء هذا اللقب كنوع من التكريم، بل بغصه شديدة في الحلق، فهذا اللقب يقصر كل ما هو جيد وكريم ونبيل وشجاع على أبناء المؤسسة العسكرية، ويرون في هذا افتئاتًا على باقي المهن، فهذه القيم بالفعل ليست قاصرة على أفراد الجيش، ويكفي كل مهنة شرفًا الدور الذي تقدمه في خدمة المجتمع، بداية من عامل النظافة وحتى الرئيس، فكل عضو داخل الجسد يؤدي وظيفة يجب أن يحترم لذاته، ولا يصح أن يتم امتهانه وإلحاقه بعضو آخر.

يعمل الأطباء في الأيام العادية تحت ظروف شديدة القسوة سواء من حيث الرواتب الضعيفة، أو عدم توفر المستلزمات وأدوات مكافحة العدوى بالمستشفيات، ويكفي أن نشير إلى أن بدل العدوى للأطباء 19جنيه فقط، وفي المقابل قدم الأطباء العديد من الشهداء نتيجة العدوى داخل المستشفيات في عصر ما قبل الكورونا، مثل الدكتور أحمد عبد اللطيف والدكتورة داليا محرز وغيرهم كثير، ولا داعي للكلام عن المميزات التي يحصل عليها ضباط الجيش ومقارنتها بالرواتب والمميزات الهزيلة التي تقدمها الحكومة للأطباء.

كما فسر البعض هذا اللقب بكونه نابع من قناعة النظام العسكري بعدم وجود قيمة جيدة خارج جدران المعسكرات، وبالتالي تخرج لغته معبرة عن ما يؤمن به، كما فسره البعض بمحاولة القفز على جهود الأطباء ونسبها للجيش، بدليل أنه رغم التجهيزات الضخمة التي أعلن عنها السيسي بسلاح الخدمات الطبية، إلا أنه لم تتحرك أي منها حتى اليوم لدعم الأطباء الذين يتساقطون يوميًا بالمستشفيات صرعى للعدوى، كما أنه حتى اليوم لم تعلن الحكومة عن مكافأة لأسر شهداء الأطباء أسوة بشهداء الجيش والشرطة.

ما يريده الأطباء
لا يريد الأطباء لقب أو أغنية أو هاشتاج، ما يريدونه حقًا هو توفير راتب محترم يضمن لهم التفرغ لأداء مهنتهم والبحث العلمي في مجالهم وتطوير خبراتهم الطبية، بدلًا من العمل بأكثر من مكان لتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم ولأسرهم، يريدون توفير المستلزمات الطبية وأدوات الوقاية بالمستشفيات، ويريدون تقديم خدمة صحية حقيقية وجيدة تليق بالمواطن المصري وليس الدعاية الكاذبة.

يأمل العديد من الأطباء أن تكون ازمة كورونا قد دقت ناقوس الخطر، وكشفت عن التكاليف الباهظة التي يتحملها المجتمع نتيجة إهمال الدولة للفريق الطبي والمنظومة الصحية.