بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عام من إهدار العدالة.. بين النفوذ والطائفية والقضايا السياسية

مغتصبون - جريمة الفيرمونت

ربما لم يعد من الغريب خلال الأعوام الثمانية الماضية قراءة عناوين الأخبار بشأن براءة أفراد من الشرطة متهمين بقتل وتعذيب المواطنين.

على سبيل المثال لا الحصر، حكم البراءة الذي صدر في مايو 2018 للضابطين المسئولين عن تعذيب المحامي كريم حمدي حتى الموت داخل قسم المطرية في مارس 2015. وهناك أيضًا حكم محكمة الجنايات في مايو الماضي ببراءة 12 ضابطًا وأمين شرطة متهمين بقتل وإصابة 75 متظاهرًا بالرصاص الحي بينهم نساء وأطفال في منطقة حدائق القبة يوم 28 يناير 2011 (جمعة الغضب).

غير أن العام الجاري أثبت أن المنظومة القضائية في مصر لها استثناءات أخرى غير القضايا السياسية المباشرة التي يختل فيها ميزان العدل. ولعل تلك الأحداث تعتبر من أهم الأسباب التي جعلت مصر تحتل المركز 125 عالميًا من بين 128 دولة في مؤشر سيادة القانون الذي يصدره مشروع العدالة العالمي.

الفيرمونت وقضية الجونة.. لا مساس بأصحاب النفوذ
يمر الآن عام تقريبًا على قضية الفيرمونت، والتي أغلقتها النيابة في 11 مايو الماضي وأفرجت عن كل المتهمين بدون أي ضمانات بحجة عدم كفاية الأدلة.

تعود أحداث القضية للعام 2014، حيث قام عددٌ من الشباب من أبناء أصحاب النفوذ، من رجال أعمال وشخصيات عامة، بتخدير فتاة واغتصابها داخل فندق النيل فيرمونت وتكرار نفس الجريمة مع عدد من الفتيات الأخريات بعد ذلك. عقب تقديم الناجية بلاغ ضد المتهمين، انطلقت حملة إعلامية في غالبية وسائل الإعلام بتشويه الضحية والشهود والتشكيك في الواقعة. وعلاوة على تباطؤ النيابة في إصدار قرار بإلقاء القبض على المتهمين حتى ثلاثة أسابيع من تقديم البلاغ، انتهى الأمر بإلقاء القبض على شهود القضية أيضًا وتحويلهم إلى متهمين على ذمة قضايا أخرى يوم 30 أغسطس 2020.

ومن الفيرمونت إلى قضية المهندسة مي إسكندر إسحاق، ضحية نجل رجل الأعمال كامل أبو علي، يصبح من الأوضح أن أصحاب “الواسطة” ممنوع حبسهم. حُكِمَ على هيثم كامل بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ، يوم 10 مايو الماضي، بعد اتهامه بعدم مراعاته للقوانين واللوائح في قتل المجني عليها، مي إسكندر، أثناء قيادته سيارة تحت تأثير مُسكر ومخدر الحشيش، وتعمد السير عكس الاتجاه المقرر في الجونة.

فتاة ميت غمر.. براءة المتحرشين رغم وجود تسجيلات
حدثت الواقعة في ليلة 10 ديسمبر 2020، بتحرش قرابة الـ150 شاب بفتاةٍ في مدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية. ولكن النيابة حبست 7 شباب فقط بتهمة التحرش الجماعي، وأمرت بإحالتهم لمحكمة الجنايات، إلى أن أصدرت المحكمة حكمها بالبراءة لهم جميعًا يوم 21 مارس الماضي، رغم توافر تسجيلات كاميرات المراقبة التي تدين المتهمين. ولم تنته وقائع القضية إلى هذا الحد، فقد تعرضت الناجية إلى حملة تشويه من محامي وأهالي المتهمين حتى وصل الأمر إلى التهديد بالاعتداء عليها دون تدخل من السلطات.

سيدة الكرم.. الطائفية تُواجه بالإنكار من النظام
تعد القضايا ذات الطابع الطائفي ظاهرة نادرة ليست لقلة الحوادث الطائفية (رصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية 36 حادثة توتر وعنف طائفي، على الأقل، منذ التصديق على قانون بناء الكنائس الصادر في 28 سبتمبر 2016 حتى نهاية عام 2019)، بل بسبب السعي الدائم من قِبَلِ مسئولي الدولة لحل المشكلات الواقعة بجلسات عرفية داخل مقرات الأجهزة الأمنية، غالبًا ما تنتهي بإجراء جلسات عرفية داخل مقرات الأجهزة الأمنية لدفن المشكلة. ولكن عندما يصمد أحد الضحايا ويصل إلى قاعة المحكمة، تظهر تناقضات المنظومة القضائية من جديد.

تعتبر قضية أحداث المنيا 2016، أو القضية المعروفة بقضية سيدة الكرم، 74 عامًا، إحدى أبرز تلك القضايا. فمنذ حدوث الواقعة في مايو 2016 وحتى صدور حكم براءة جميع المتهمين في ديسمبر 2020، شهدت القضية تنحي عدد من القضاة لـ”استشعارهم الحرج”، وفي أثناءٍ أخرى عرض مسئولون على السيدة التنازل عن القضايا، لتنتهي القضية عقب ضغط وسائل التواصل الاجتماعي بالحكم على 10 متهمين بالسجن 5 سنوات وبراءة 14 متهم آخرين لعدم كفاية الأدلة. وقد علقت على الحكم عقب صدوره في 15 يونيو الماضي قائلة إن “الحكم الصادر ليس لقضية تعريتي وإهانتي، بل في قضية تخريب وحرق منازلنا. أما القضية الخاصة بي لم تتحدد جلستها بعد. أنتظر عدل الله وأعيش على أمل الحصول على حقي”.

وقد شهدت قرية الكرم بأبو قرقاص بمحافظة المنيا عنفًا طائفيًا واسعًا في مايو 2016 تسبب في حرق 7 منازل وإصابة عدد من الأهالي وتعرضت السيدة سعاد للتعدي والتعرية.

ليس كل هذا إلا أمثلة بسيطة لقضايا لا يعتبرها كثيرون قضايا سياسية يبرز فيها اختلال موازين المنظومة القضائية وانحيازاتها.