” شوية سكَّر”.. الجمهورية الجديدة ومعايير الإفقار

أعلنت الحكومة المصرية في شهر أكتوبر الماضي مبادرةً لخفض أسعار بعض السلع بنسب تتراوح من 15 إلى 25% بحد أقصى، وكان “السكر” من ضمن هذه السلع. ولكن على النقيض من المبادرة الحكومية، شهدت أسعار السكر ارتفاعات كبيرة خلال الفترة الماضية، حيث قفز سعر الكيلو الواحد من 30 جنيهًا إلى 50 جنيهًا، بل و55 جنيهًا في بعض المناطق، وكما تغير معيار شراء اللحمة من الكيلو إلى القطعة، امتدت معايير الإفقار إلى السكر، فالكثير الآن يشترون “شوية” سكر، في ظِل القفزات المتلاحقة لأسعار المواد الغذائية.
تُمثل المضاربات المالية والمتاجرة بالمواد الغذائية أحد أهم خصائص النظام الرأسمالي، فالسكر الذي تنتجه مصر يصل إلى السوق لتحقيق أعلى الأرباح المُمكنة في ظل توسع حالات إخفاء السلع وتردي الأداء الحكومي، فلدى مصر احتياطي إستراتيجي من السكر يكفي لمدة 7 شهور وفقًا لتصريحات على المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، في حين أن البورصة السلعية لم تطرح السكر للتُجار منذ الأسبوع الماضي بحسب رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية.
تُنتج مصر نحو 3 مليون طن من سكر البنجر والقصب من خلال 15 مصنع، فيما يُقدر استهلاكها من السكر بنحو 3.5 مليون طن ويجري إستيراد الكمية اللازمة لسد الفجوة في الإنتاج، وفقًا لبيانات مجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة.
يستهلك زراعة الفدان الواحد من القصب نحو 8 آلاف متر مكعب من المياه عند استخدام الري بالغمر، حيث يُعد من المحاصيل الأكثر شراهةً في استهلاك المياه، وتتركز زراعته في 5 محافظات بصعيد مصر (أسوان والأقصر وقنا والمنيا وسوهاج)، ووفقًا لتقارير وزارة الزراعة الأمريكية يُزرَع في مصر نحو 320 ألف فدان من القصب فيما تقدر المساحة المزروعة من البنجر بنحو 630 ألف فدان.
على طريقة عبد الفتاح السيسي عندما يلقي تعليماته بالانتهاء من هذا المشروع أو ذاك في غضون فترة زمنية يحددها بنفسه بدون اعتبار للعوامل أو الظروف المتعلقة بالمشروع، صرح يوم السبت الماضي وزير التموين أنه خلال 3 أيام على الأكثر سيكون هناك انفراجة في مشكلة “السكر”، بدون أن يوضح الوزير كيفية حدوث ذلك، فضلًا عن توضيح سبب الأزمة نفسه، وبدون الكشف عن لغز حجب البورصة السلعية للسكر أو طرح آليات جديدة للتوسع في الزراعة، خاصةً في ظل أزمة المياه بعد سد النهضة، ولكن علينا انتظار مُهلة الأيام الثلاثة التي أعلنها وزير التموين، والتي قاربت على الإنتهاء ،هل سنشترى كيلو سكر أم “شوية” سكر وفقًا لمعايير الجمهورية الجديدة.