9 مارس: إيد واحدة ضد طبخة العسكر والإخوان

في 9 مارس تنطلق مظاهرة الألتراس للمطالبة بمحاكمة العسكر المتورطين في مذبحة بورسعيد التي راح ضحيتها أكثر من 74 شهيداً (وضعفهم وفق تقديرات أخرى)، ثم أضيف لهم الحكم بالإعدام على 21 من المعتقلين عشوائيا إثر المذبحة، حيث ظن النظام أن تقديم كباش فداء من معتقلين سيلهي الألتراس عن الجاني الحقيقي، عمن خطط ودبر وتآمر وشارك ونفذ الجريمة البشعة.
وتدور عجلة الدم من جديد مع قمع مظاهرات أهالي بورسعيد المصدومين من الحكم، بدموية الداخلية والعسكر التي توارت عن الكاميرات لشهور معدودة، ويسقط المزيد والمزيد من الشهداء. من جديد تعود أرض بورسعيد التي ارتوت بدماء الأبطال في مواجهة الاحتلال البريطاني والعدوان الثلاثي والاحتلال الصهيوني، لترتوي بدماء مشجعي الأهلي ثم المتظاهرين من أهل البلد.
ثم يخرج علينا الرئيس المنتخب محمد مرسي، ليهدد ويتوعد ويلوح بأصبعه، على طريقة “الفنجري”، ويصدر قراراً بحظر التجوال، ليس في بورسعيد وحدها، بل في كل مدن القناة التي حملت بحق عبئاً ضخماً في مسيرة الثورة، وكان رد أهل القناة كفيلاً بأن يعيد أصبع “الريس مرسي.. أنعم وأكرم” إلى جيبه، عندما تحدى أهالي القناة الحظر بجرأة مذهلة.
وتطور الأمر في بورسعيد إلى اعتصام ومسيرات ومظاهرات ضخمة في شوارع المدينة، ولم يفلح “الريس مرسي” في أن يسترضي بلد الرجالة بإعادة “زمن البالة” فبرغم وعوده بعودة بورسعيد كمنطقة حرة، رفض البورسعيدية اسقباله. مع ملاحظة أن “الريس مرسي بيتكلم من وسع” عن إجراء اقتصادي، ادعى أنه سيمتد ليشمل كل مدن القناة، بورسعيد والإسماعيلية، وحتى السويس (أكبر تجمع صناعي مصري!)، لكن ليست هناك مشكلة؛ فكلمة الريس مرسي دائما “بتنزل المرة دي”.
الألتراس، المارد الذي خرج من قمقم التعصب الكروي إلى الميدان، وتحول إلى طاقة ثورية ترعب العسكر وتثير في قلوبهم الرغبة الحاقدة في الانتقام من شبابهم، فتتم مذبحة بورسعيد في ملابسات مثيرة، بدءاً من لحام البوابات ووقوف الأمن موقف المتفرج، والضحايا الذين تم انتقاءهم من كوادر الألتراس، وطبيعة الإصابات القاتلة التي لا يمكن أن تخرج إلا من قوات مدربة.
ولكن مع الأسف كان شعار ” بلد البالة ماجبتش رجالة” من المردودات السلبية للمذبحة. فمرتكب المجزرة ليس أهل بورسعيد، وحتى لو افترضنا أن بلطجية من بورسعيد تم استئجارهم لارتكاب المذبحة أو المشاركة فيها، فهو لا يعني إدانة أهل بورسعيد، ولنتذكر أن موقعة الجمل ارتكبها بلطجية من أنحاء القاهرة، ولم نحول الصراع من صراع ضد النظام بقواته وبلطجيته إلى صراع ضد أهل مناطق معينة.
المعركة الحقيقية ليست بين الألتراس والبورسعيدية، فالعدو هو نظام مبارك الذي خرب البلاد طولاً وعرضاً، وسبق أن عاقب بورسعيد بأكملها بعد تعرضه لاعتداء مزعوم، وهو أيضاً من أراد أن تتحول طاقة الشباب إلى التعصب الكروي الأعمى ليلهيهم عن النظر إلى أحوال بلادهم، بل وليستغلهم أيضاً مثلما حدث بعد مباراة مصر والجزائر في السودان.
مبارك الذي ينام هانئاً في المستشفى، لم يرحل بل استكمل أبناؤه العسكر مسيرته، وكما كانت أول ضحية للعسكر في بورسعيد، كان المشهد الختامي الدموي على أرض بورسعيد. ولن نكون من السذاجة لنقبل المشاهد المسرحية المتتالية من إبعاد طنطاوي وعنان والوجوه “المحروقة” من العسكر، وكأنها انتصاراً لمرسي على العسكر، فرائحة “الطبخة” تملأ الأنوف، وخروج العسكر من المشهد ظاهرياً تم بصفقة مع مرسي برعاية الأمريكان، وتم استكمال “الطبخة” بتربيطات البيزنس مع بين أبناء مبارك وإخوان الشاطر، حيث تم تقسيم كعكة الوطن، وطمس دماء الثوار من الألتراس ومن بورسعيد ومن كل ميادين الثورة.
العدو الحقيقي الآن هو النظام الحاكم بإخوانه وعسكره وفلوله، وعلى الثوار من الألتراس والبورسعيدية، وكل الثوار في الميادين ومواقع العمل أن يعوا ذلك جيداً، وأن مسيرة الثورة لن تكتمل إلا بإعادة كل الأموال المنهوبة في الداخل والخارج، ومحاسبة كل مجرمي الثورة المضادة من الفلول والإخوان ببلطجيتهم، ومن الداخلية والعسكر.
وحّد صفك.. كتفي بكتفك..