الجمعية العمومية للقضاة:
950 قاضي فقط.. ثقة في المجلس أم عزوف عن المشاركة؟!
عاد القضاة من جديد إلى موقع الصدارة في الصحف بعد شهور من الأحداث الساخنة التي شهدها شهرا أبريل ومايو الماضيان. وعادت الجمعية العمومية لنادي القضاة لتكون مركز الأحداث، وإن اختلف عدد الحضور بالجمعية العمومية العادية للنادي هذه المرة، فبدلا من الـ3 آلاف قاضي الذين حضروا في مرات سابقة جاء تقييم الحضور بحوالي 950 قاضي.
كذلك اختلفت أجندة الموضوعات، التي بحثت أثناء انعقاد الجمعية في يوم الجمعة 17 نوفمبر الماضي، عن سابقاتها بالتركيز على مطالب فئوية خاصة بالقضاة. فقد جاء موعد انعقاد الجمعية بالتزامن مع هجمة السلطة التنفيذية وعلى رأسها وزارة العدل ضد نادي القضاة، بدءاً باستصدار وزير العدل ممدوح مرعي لقرار إنشاء مكاتب خدمات للقضاة بالمحاكم، الأمر الذي أعلن القضاة أنه يستهدف خلق بديل لناديهم، انتهاءاً بإعلان الوزارة فتح باب تقديم قروض، غير محددة القيمة لكن محددة المدة في سنة واحدة، لجميع القضاة وتجميد المستحقات المالية للنادي. إذن ذهب القضاة إلى جمعيتهم هذه المرة رافعين مطلب صرف مستحقات النادي الخاصة بدعم خدمات القضاة.
لكن ما هي أسباب ودلالات عدد الحضور الذي مثل مفاجأة للبعض، تحديدا بعد إعلان رئيس النادي المستشار زكريا عبد العزيز عن حشد 4 آلاف قاض. يفسر المستشار هشام البسطوسي، نائب رئيس محكمة النقض، هذا العزوف بقوله “لأن الانتخابات انتهت قبل أن تبدأ”، في إشارة إلى انتخابات التجديد الثلثي الخاصة بانتخاب 5 أعضاء جدد في مجلس إدارة النادي المكون من 14 عضوا بالإضافة إلى رئيس النادي. ويضيف البسطويسي “النتائج محسومة مقدما لصالح التيار الإصلاحي صاحب شعار “كرامة القضاة أولا”، وعدم الحضور لا يعكس بالضرورة عدم اهتمام من جانب القضاة. فالقاضي في النهاية مصري لا يستشعر الخطر لمعرفته بأن النادي قوي والأغلبية فيه متماسكة. بالتالي “تلاقيه بيكسّل”.
كما اعتبر البسطويسي أن اختيار اليوم كان عاملا مساعدا لتغيب القضاة عن الحضور.فعلى الرغم من اختيار يوم الجمعة باعتباره أجازة رسمية لجميع القضاة، إلا أن ذلك أثر بشكل سلبي فيما يخص الحضور. فبحسب المستشار البسطويسي، “القاضي صعب يسافر لحضور جمعية عمومية يوم أجازته، وهو يعلم أن الـ15 قاضي (أعضاء المجلس) يمثلون اتجاه و احد، ومرشحي الإصلاح أغلبية باكتساح. لهذه الأسباب أرى أن الحضور كان محدودا، لكنني اعتبر أن هذا تفويض بالثقة في المجلس وتياره الإصلاحي”.
مما لا شك فيه أن إجماع القضاة، برغم قلة عددهم، يمثل انتصارا في جولة جديدة يخوضونها ضد السلطة التنفيذية. يتضح هذا أكثر بالنظر إلى تصعيدهم في مواجهة عجرفة وزير العدل وقرارهم تقديم أصول محاضر الفرز لعدد 201 لجنة فرعية بدائرة دمياط إلى النائب العام عبد المجيد محمود، الأمر الذي يعتبر سابقة في تاريخ الصراع ما بين نادي القضاة والحكومة.
وبسؤال المستشار محمود مكي عن رأيه في الدور السياسي الذي يرى أن القضاة قادرين على لعبه، في إطار الخطوة التصعيدية التي أخذوها بالإجماع وفي إطار العزلة التي يرى كثيرون أن القضاة قد قاموا بفرضها على أنفسهم، يجيب “القضاة غير ممنوعين من العمل السياسي كما يعتقد الكثيرون. نحن ممنوعون من العمل الحزبي لأن الانضمام إلي طائفة معينة يخل بحياد القاضي. أما مسألة العزلة فهي أمر تفرضه تقاليد القضاء لكنها ليست قوانين مكتوبة. نحن غالبا ما ننأى بأنفسنا عن التواجد في تجمعات (مظاهرات) قد يستخدم فيها البعض ألفاظا لا يليق بالقاضي التواجد بمكان تتردد فيه”. لكنه أضاف، “إن ما نفعله الآن رغم أنه لم يصل إلى درجة التظاهر ضد الحكومة في غير قضايا النادي إلا أنه فاجأ الحكومة كما فاجأنا نحن أيضا. لكن صعدت الحكومة فكان رد فعلنا التصعيد . وإن صعدوا في الأيام المقبلة سنصعد مرة أخرى”!!
لقد طرحت الجمعية سؤالا حول ما سوف تحمله الأيام القادمة من أحداث ساخنة قد يكون أحدها خلو أحد مقاعد دمياط بعد أن سلم أحد المواطنين للمستشار مكي المحاضر الأصلية للفرز والتي تثبت حدوث تزوير قد لا يكون الأول لكنه لن يكون الأخير بكل تأكيد.