بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

دعم المقاومة حق لها.. وواجب علينا

ربما يكون ما حدث في قضية ما عرف بـــ “خلية حزب الله” إيجابيا في نهاية المطاف، وذلك رغم ما أحدثه من بلبلة في أوساط الجماهير المصرية، ورغم استغلال النظام للمسألة لشن “أنجح” حملاته، حتى تاريخه، ضد المقاومة، والقوى المناهضة للصهيونية والإمبريالية، في المنطقة. الإيجابي فيما حدث أنه كشف، بكل وضوح، عن أن انتصار المقاومة يحتاج إلى “تدّخل من جانب المقاومة في الشئون الداخلية للدول العربية”!

النظام المصري يقول أن تهريب السلاح لحزب الله يضر الأمن القومي المصري، وأنه يعد تدخلا في “شئوننا الداخلية”. الحقيقة أن “الشئون الداخلية للنظام المصري” ليست لها علاقة من قريب أو من بعيد بـ”مصالح الشعب المصري”.

إذا كان هناك شيء اسمه الأمن القومي المصري، وإذا نظرنا لهذا الأمن من وجهة نظر مصالح المصريين من فقراء وكادحين، فأول عناصر هذا الأمن هو إسقاط نظام الحكم في مصر، ثم انتصار المقاومة على الإمبريالية والصهيونية. فلو سقط هذا الثالوث لتحقق أمننا القومي، ولانتهت الخصخصة وتم كبح جماح الأسعار، ولأصبحت حقوقنا المسلوبة قاب قوسين أو أدنى.

حماس لا يمكنها أن تنتصر وحيدة. لقد صنعت حماس، وقوى المقاومة الفلسطينية على اتساعها، المعجزات في حرب غزة البربرية. ولكنها لا يمكن أن تنتصر إلا عندما يتوفر لها ظهير، يمدها بالسلاح، والعتاد، والقدرات، التي تسمح لها بمواصلة النضال في أصعب الظروف.

كيف للمقاومة أن تحقق هذا إلا إذا فكّت الحصار من جانب دول الطوق، أي من جانب الدول المحيطة بها؟ إذن فتغيير نظم حكم هذه الدول، عن طريق ثورات تقضي على المتواطئين، وتنشئ أنظمة مساندة للمقاومة، يعد عنصراً جوهرياً من عناصر تحقيق النصر للمقاومة.

هنا بالضبط تأتي قضية التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية، وعلى رأسها مصر. فلو ظلت قوى المقاومة تتحدث في هذه النقطة على استحياء، ولو ظلت آملة في أن تتفضل الأنظمة وتحن عليها وتعطيها ما تحتاجه، فإن حركتها ستظل مقيدة ومحدودة.

ما حدث في قضية حزب الله هو أنه وضع الجميع في امتحان صعب، وكشف عن حقائق الموقف. الموقف الدفاعي هنا خاطئ. المطلوب هو التأكيد بكل وضوح وقوة على “حق” المقاومة في النضال المسلح، و”حقها” في الدعم بالسلاح والعتاد، و”حقها” في إقامة تحالف مع الشعوب، المبتلاة بأنظمتها، للنضال سوياً، ضد الاستعمار في الخارج، والاستعمار في الداخل.

طبعا هناك اليوم بلبلة في أوساط قطاعات من الكادحين المصريين. لكن النضال من أجل كسبهم للمنظور الجذري للقضية الفلسطينية، ذلك المنظور الذي يربط نصر المقاومة بإسقاط أنظمة التواطؤ بثورات شعبية، سوف يعبئ القوة والعناصر الفاهمة لحقيقة أن “الأمن القومي المصري” هو مجرد ذريعة يستخدمها النظام لشق الصفوف وإضعاف الحركة.

وواجب علينا بناء تحالف القوى المؤيدة للمقاومة بلا مواربة، القوى التي لا تساوم على حقها في النضال، والدعم، وبناء التحالفات الشعبية.