بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

في الثامن من مارس.. “يوم المرأة” ثورة

“المرأة.. نصف المجتمع”..

نبوية موسى.. هدى شعراوي.. ليلى موسى.. نوال السعداوي.. نازك الملائكة.. مع كل الاحترام، إلا أن سرد أضعاف أضعاف هذه الأسماء لن يشكل “نصف المجتمع”، فكما أن صعود بارك أوباما لرئاسة أكبر وأقوى دولة في العالم لا يعني حصول الزنوج على المساواة، فإن بروز عدد من النساء لا يعني أن كل “نصف المجتمع قد أخذ حقه”.

“المرأة.. نصف المجتمع” حقاً، ولكن هي النصف المطالب بالشقاء في المنزل والعمل؛ تحمل عبء تربية الأطفال وعذابات المواصلات. إنه “النصف” المطالَب بالصمت، وقبول أجور أدنى وساعات عمل أطول، وظروف غير إنسانية وبدون أية ضمانات قانونية أو تأمينات اجتماعية، والتعرض للفصل في أية لحظة دون مكأفأة أو معاش وبالطبع دون تأمين صحي.

أما الوضع في الريف فحدث ولا حرج، يوم من الأشغال الشاقة في البيت والحقل، وعمل شاق في أقسى الظروف البيئية، وفي ظل مجتمع لا يعترف بها أصلا كإنسانة. فوق كل هذا، على “المرأة” أن تتحمل النظرات والكلمات، وحتى امتداد الأيدي إليها، فقط لأنها امرأة ونزلت الشارع، أو أن يعتقد أي صاحب عمل أو مدير أو أستاذ أن العاملة أوالموظفة أوالطالبة هي “جارية” يفعل ماشاء بها طالما بيديه الثواب والعقاب. وكأن كل هذا لا يكفي، يزيد عليه إدانة المجتمع للضحية “قليلة الأدب”، واتهامها بالتسبب فيما حدث لها إلى درجة تلمس العذر للجاني “المسكين”.

الثامن من مارس..
وأمهات ساحة مايو

الكثيرون، وحتى الكثيرات من سيدات المجتمع والنوادي، لا يعرفون أن اليوم العالمي للمرأة هو يوم ذكرى أول إضراب لعاملات الملابس في الولايات المتحدة 8 مارس 1910، وأن الاحتفال بيوم المرأة العالمي في 8 مارس 1917 كان شرار تفجر الثورة الروسية.

فيبدو أن هتاف “الرجالة فين، الستات أهُم” الذي رددته العاملات في المحلة خلال إضرابهم، في ديسمبر 2006، قبل أن يمتد إلى باقي قطاعات شركة مصر للغزل والنسيج، كان تراثاً لنضال النساء لتنبيه الرجال (حتى المناضلين منهم) أن النساء قادرات على خوض النضالات بكفاحية واستبسال لا تقل عن الرجال.

كما لا يعرف الكثيرون قصة “أمهات ساحة مايو” في الأرجنتين. ففي ظل نظام قمعي يمنع كل أشكال الاحتجاج وحتى النشاط السياسي والنقابي، خرجت الأمهات للصراخ بالمطالبة بمعرفة مصير أبنائهم، حيث قام الجهاز الأمني خلال السبعينيات باختطاف عشرات الآلاف واعتقالهم في أماكن مجهولة. وإذا كان هناك من لا يعرف قصة يوم 8 مارس وأمهات ساحة مايو، فليعد بذاكرته لمشاهد الإضرابات العمالية منذ نهاية 2006، في المحلة والضرائب العقارية وطنطا للكتان وغيرها. نساء عاديات.. أمهات وربات بيوت وقفن ضد الظلم والاستغلال. ومن ينسى ذلك عليه أن يتذكر أن ثورة 25يناير لم تكن “للرجال فقط” وأن اعتصام الـ 18يوم شاركت فيه البنات والسيدات منذ بدايته وحتى تنحي مبارك، دون أن تتعرض أي منهن ولو لكلمة تخدش حيائهن، وتحملت كم التشويه والإشاعات التي روجها أمثال “طلعت زكريا”.

عليه أن يتذكر أيضاً أن أول شهيد يسقط بيد العسكر كانت سيدة دهستها المدرعة خلال اعتصام عمال الترسانة في بورسعيد، ليستكمل العسكر مسلسل قذاراتهم بمهاجمة الاعتصامات التالية في مارس وأبريل وارتكاب فضيحة “كشف العذرية”.

وأصبحت البنات والسيدات تدفع ثمن مشاركتها بالثورة بالتعرض للتحرش العشوائي والعمدي خلال المظاهرات، خاصة يوم جمعة قندهار. ثم أتت الموجة الجديدة من التحرش المنهجي والمتعمد الذي يصل إلى الاغتصاب والقتل لعشرات الحالات مؤخرًا، ليخرج أذناب النظام ليعيدوا إحياء تصريحهم الذي لا يملون من تكراره: “إيه اللي وداهم التحرير”! لذلك كان أقل رد هو مسيرة “ضد التحرش” المدهشة التي ضمت آلاف الرجال والنساء لتفضح وتواجه بشجاعة كل مظاهر التحرش العشوائي والعمدي.

في هذا اليوم.. لن نحتفل على طريقة سوزان مبارك ومجلسها، ولن نقبل كلمات إنشائية من حكامنا الجدد تدعو إلى سجن المرأة وتهميشها باسم الفضيلة، وأيضاً لن نكتفي بسرد تاريخ الرائدات النسائيات، اللاتي حفرن طريقهم في مجتمع كالصخر.. يوم “المرأة” هو يوم لكل امرأة في المصنع والمكتب والحقل، يوم أم الشهيد والمعتقل، والثائرة التي وقفت في الميدان وتعرضت ولا تزال للاعتداء والتشويه.