بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ساحة سياسية

إلى المحلة خذوني

هل تولد جمهورية زفتى جديدة؟

منذ ديسمبر 2006 والمحلة تعيش حالة ثورية لا تقف عند أبواب شركة غزل المحلة (ما يزيد عن 23 ألف عامل)، بل تعم المدينة التي يزيد عدد سكانها عن مليون نسمة بينهم 14 ألف عامل في مصانع القطاع الخاص بالمدينة وأغلبها مصانع غزل ونسيج. يقول أحد عمال الشركة: منذ عشرات السنين وعمال الشركة لم تنقطع صلتهم بالزراعة، وكان مصدر الدخل لكثير من العاملين يأتي من مرتب الشركة بالإضافة إلى عائد من عمله بالزراعة نتيجة استآجره لقطعة من الأرض الزراعية (نصف فدان أو بضعة قراريط) يقوم بزراعتها هو وأسرته بعد عمله بالمصنع.

الغالبية العظمي من العمال أنقطع دخلهم من الزراعة بعد ارتفاع القيمة الإيجارية للأراضي الزراعية بفعل القانون رقم 96 لسنة 1992 والذي قام بطرد المستأجرين من الأرض ، وأيضا بفعل ارتفاع أسعار مستلزمان الإنتاج من بذور وأسمدة، ولذلك.

أما مرتب الشركة فإن نيران التضخم وارتفاع الأسعار ظلت تحرقه يوما بعد يوم، بالإضافة إلي أن أجور عمال قطاع الغزل والنسيج هي أجور متدنية للغاية بالنسبة لقطاعات الصناعة الأخري.ويضيف عامل المحلة:“كل هذه الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية ستكون المفجر الحقيقي لكافة الإضرابات القادمة” أما العلاقة بين المصنع والمدينة فهي كعلاقة الزوج بالزوجة (بتخاصمني حبة.وتصالحني حبة)! فالشركة شهدت إضرابين متتاليين (إضراب ديسمبر 2006، إضراب سبتمبر 2007)، وكان إضراب ديسمبر بمثابة شرارة اندلعت بعدها سلسلة من الإضرابات علي مستوي الجمهورية أخذت تتصاعد يوما بعد يوم، كما أخذ عمال شركة المحلة زمام مبادرة هامة (يوم 17 فبراير) في وقفتهم الاحتجاجية أمام الشركة والتي أنطلقت إلى مسيرة سلمية نحو المدينة تطالب بكادر جديد للأجور وحد أدني لا يقل عن 1200 جنيه.

كانت مبادرة بمثابة رسالة إلى كل العاملين بأجر من عمال وموظفين ومهنيين. تقول: “تعالوا معا نناضل بشكل جماعي من أجل أجور عادلة وكادر جديد للأجور”.

تحركات عمال المحلة خلقت حالة من التناقض بين عمال الشركة وأهالي المدينة:

1- الأهالي رغم تعاطفهم مع هذه الإضرابات (إضراب ديسمبر واضراب سبتمبر) إلا أنهم كانوا يتهمون عمال المحلة بأنهم يناضلون من أجل مطالب خاصة بهم وفقط ولا يتحدثون عن زيادات الأسعار الرهيب ولا طوابير الخبز، وكانوا يقولون صراحة للعمال: “اعتصامكم القادم ينبغي أن يكون خارج المصنع ، وينبغي أن يكون اضرابا عاما للمدينة كلها ضد الغلاء الفاحش وتدني الأجور.. إلخ).

2- وعندما خرج عمال المحلة في 17 فبراير 2008 إلى ميدان الشون في وقفة احتجاجية من أجل كادر جديد للأجور بحد أدني لا يقل عن 1200 جنيه لصالح الطرفان (المصنع – والمدينة)، وكانت هناك فرحة عارمة بين أهالي المحلة وعرفوا أن النضال من أجل أجور عادلة للجميع هو بداية طريق وحدتهم).

ولذلك تصدت الدولة بشراسة للإضراب الثالث لعمال المحلة ( والذي لم يتم يوم 6 أبريل) لأن مطالب الإضراب كانت مطالب عامة لكل من يعمل بأجر: (حد أدني للأجور 1200 جنيه – كادر جديد لعمال الغزل والنسيج والذي وحد عمال القطاع الخاص بالمحلة (14 ألف عامل مع عمال الشركة). توحدت المحلة حول هذين المطلبين وكانت تلك هي الشرارة الحقيقية للمحلة ليس لوحدة المدينة مع الشركة فقط، بل لوحدة كل العمال والموظفين والمهنيين. لقد ركزت الدولة بشكل مركزي علي إفشال إضراب 6 أبريل لأن إفشاله أيضا كان سيفشل الدعوة العامة للإضراب التي انطلقت كالبرق بين جموع المواطنين وسار عمل الدولة بكافة أجهزتها إفشال اضراب 6 ابريل فى عدة اتجاهات متعددة:-

1- تقطيع اوصال المصنع بالداخل وتفرقة وتجزئة العمال بالشركة بلحام وسنكرة البوابات الداخلية للشركة.

2- نزلت عربات الأمن المركزي أمام المصنع قبل الإضراب بيومين من أجل بيع السلع الاساسية أرز وسكر ومكرونة وعدس بأسعار مدعومة.

3- قامت أمن الدولة باستدعاء قيادات عمالية وتهديدهم، و لعب حسين مجاور دور رجل الشرطة الذى يجبر العناصر العمالية على توقيع تعهد بعدم الإضراب. وبالطبع فإن من رفضوا التوقيع على هذا التعهد تم اعتقالهم يوم 6 أبريل.

4- خاضت أجهزة الأمن حملة منشورات داخل المصنع بالهجوم على الإضراب.

5- فى صبيحة الإضراب انتشر رجال الأمن وفرق الكاراتية داخل المصنع، لقد وقفوا إلي جوار الماكينات لإجبار العمال على العمل.

6- انتشرت قوات الأمن بالمدينة ، وتحولت المحلة والقرى المحيطة بها إلى ثكنة عسكرية وجنود مسلحين بالرصاص الحى والرصاص المطاطى والقنابل المسيلة للدموع يقفون على أبواب الشركة وفى كل ناحية وناصية بالمدينة.

وفشل إضراب 6 أبريل داخل الشركة، لكن المدينة الباسلة لم تنطلي عليها الألاعيب فثارت المدينة حينما وقفت سيدة بسيطة من أهالي المحلة، أثناء خروج الوردية من العمل، وتشكو وترفع أياديها إلى السماء من جحيم الغلاء. لقد قامت المظاهرات عصر 6 أبريل عفوية فالغليان قد طغى على كل النفوس وكثافة وكآبة الأمن تخنق المدينة. ومن قرأ جريدة الجمهورية الحكومية فى العشرة أيام الأخيرة قبل الإضراب يجد تصريحا غريبا من أحد أعضاء اللجنة النقابية بالشركة (تلك اللجنة التى سحبت منها الثقة على مدار إضرابيين متتاليين). يقول هذا النقابي الأصفر:

«سنقف ضد إضراب 6 إبريل.. أما إذا كان الإضراب خارج الشركة فسأكون أول المنضمين إليه». هذا التصريح جعل العمال يشكون أن هناك شيء ما يدبر خارج الشركة، وكان كثير من عملاء الأمن يحرضون على عدم الإضراب بالشركة بل التظاهر خارجها مما يعنى أنه كانت هناك خطة جاهزة للأمن من أجل تشويه حركة عمال المحلة. اتضحت هذه الخطة يوم 6 أبريل فقد قامت أجهزة الأمن باستغلال البلطجية والتي افرجت عنهم من أقسام الشرطة للقيام بأعمال تخريبية لإلصاق التهم بمظاهرات المدينة العفوية وقد رد أهالى المحلة يوم 7 أبريل بهتافهم: “طوب لأ طوب لأ.. احنا ناس اصحاب حق، غلوا السكر غلوا الزيت.. خلونا بعنا عفش البيت، ياجمال قول لأبوك.. المحلة بيكرهوك”.

كانت المظاهرة سلمية تماما وأجبرت كبار ضباط الشرطة على السير من أمامها وحينما اتجهت المظاهرة نحو القسم للإفراج عن المعتقلين تمت مواجهتها بالرصاص.

ماذا يفعل المواطن العزل أمام الرصاص؟ الحجر هو سلاح المظلومين فى المحلة وفلسطين. انتفاضة المحلة الباسلة يوم 6 و 7 أبريل هى جزء من تاريخنا، نحو جمهورية فاضلة فهل تولد جمهورية زفتى من جديد؟