حسن الساكت.. إحنا مش ها ناكل وطنية
في السابع والعشرين من ديسمبر من العام الماضي رحل عن عالمنا الرأسمالي القذر، المناضل العمالي حسن الساكت، والذي بالتأكيد لا يعرفه معظمكم، فأكم من مناضلي الطبقة العاملة عاشوا وناضلوا وضحوا وماتوا دون أن يذكرهم أحد. حسن الساكت عامل النسيج الأمي الذي التحق بالحركة السياسية ولم يكن يتخطى عمره وقتها الستة عشر ربيعاً، ينتمي لهؤلاء الذين لم “يكرمهم” التاريخ وعاشوا طيلة حياتهم يعملون في الظل بالرغم مما قدموه من بطولات وبذلوه من تضحيات.
وفي الحقيقة لم يكن حسن الساكت مجرد عامل ناضل وسط زملائه في مصانع النسيج بشبرا الخيمة وانتمي لنقابة قادت العديد من الاحتجاجات الناجحة، بل كان يمتلك العديد من الكفاءات عظيمة الشأن في فنون العمل السياسي العام والتنظيمي السري، علاوة على تحليه بدرجات كبيرة من الإصرار والصلابة وسعة الأفق والتي مكنته من أن يكون في مقدمة العمال الطليعيين في فترة الأربعينيات.
لكن أهم ما كان يميز حسن الساكت على الإطلاق هو تبنيه لجملة من الأفكار قريبة الشبه إلى حد كبير بالاشتراكية الثورية دون أن يشوبها أي تعكير وطني أو ستاليني. ملامح تلك الأفكار بدت في حسه الطبقي المرتفع وأفكاره الأقرب إلى اللينينية في رؤيته للتنظيم ودوره.
فحسن الساكت كان من المؤمنين بمقولة لينين ـ ربما دون أن يتعرف عليها ـ أن النقابات هي مدرسة لتعليم العمال الشيوعية، لذلك كان من أشد المدافعين عن العمل داخل النقابات القاعدية. وهو من المدافعين بشراسة وسط عمال شبرا الخيمة عن موقف طبقي واضح من الصراع عبروا عنه بجملة بالغة الدلالة “إحنا مش ها ناكل وطنية” في محاولة لتصحيح موقف حزب العمال والفلاحين حينما انجرف في تأييد عبد الناصر بعد العدوان الثلاثي دافعاً بذلك قضايا الجماهير والطبقة العاملة للخلف، هذا الموقف نابع من فكرة أصيلة لدى الساكت عن طبيعة النظام الناصري ونواياه الطبقية من خلف الشعارات الوطنية التي رفعها في مواجهة الإمبريالية والصهيونية، والإجراءات الاقتصادية التي اتخذها فيما بعد في يوليو 1961 وما بعدها والتي اعتبرها الساكت بداية لتأسيس رأسمالية الدولة الاحتكارية.
فالساكت لم يكن يعتبر الاتحاد السوفيتي أو إجراءات ناصر في تأميم الصناعة أكثر من تحول لشكل الدولة المستغلة دون أن يتغير مضمون الاستغلال نفسه، وبالتالي فالصراع الطبقي على حد تعبيره لم يتوقف بعد ومن ثم فهناك “ضرورة لوجود التنظيم المستقل للطبقة العاملة وحلفائها” لذلك كان من الطبيعي أن يكون الساكت واحد من الذين رفضوا حل الحزب في 1964 بحجة تحول ناصر للاشتراكية.